سان فرانسيسكو تعاني أزمة عقارية بعد خسائر شركات الإنترنت

TT

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) ـ أ.ف.ب: سان فرانسيسكو، المدينة الكاليفورنية الرائدة بنشاطاتها الثقافية، وبعد ان تعرضت لغزو شركات الانترنت التي تمركزت فيها، اصيبت بنكسة كبيرة بسبب الازمة التي تعصف بهذا القطاع، والتي تركت اثارها على سوق العقارات في هذه المدينة على وجه الخصوص. فالشركات العاملة عبر الانترنت، وبعد ان منيت بخسائر كبيرة، اضطرت الى اغلاق مكاتبها وهجر المدينة. وبحسب دراسة نشرت في الاسبوع الماضي فان في المدينة 370 الف متر مربع من المساحات التجارية الفارغة، بدون ان يتمكن الفنانون والتجار الصغار من العودة اليها. وتقول الناشطة ديبرا واكر التي حاولت جاهدة وقف غزو شركات الانترنت للمدينة «هذا امر مأسوي حقا بالنسبة الى المدينة».

ويعتبر حي ساوث ماركت مهد الشركات الصغيرة العاملة عبر الانترنت، ففي غضون ثلاث سنوات تضاعفت اسعار العقارات فيها اربعة اضعاف مما اجبر شاغليها القدامى على مغادرتها. وقد ارتفعت نسبة شغل هذه العقارات من 92% الى ما يقارب 100% ولم يتوان اصحاب الاملاك والسماسرة على حد سواء عن اخراج المؤسسات التجارية الصغيرة والعائلات والفنانين الذين اضفوا مسحة من السحر على تلك الشوارع.

وانتقلت العدوى ذاتها الى حي ميشن الذي تقطنه غالبية من اصول اميركية لاتينية. وخلال سنوات قصيرة تم تحويل المساكن شبه المهدمة الى منازل فخمة صالحة للعمل وللسكن او تم تصميمها خصيصا لتتلاءم مع متطلبات الشركات العاملة في قطاع الانترنت. لكن هذا التحول لم يتم بدون صعوبة، فقد حاول العديد من السكان المحليين كبح جماح هذه الظاهرة، معتبرين ان المدينة بصدد فقدان هويتها وعنصر جاذبيتها. الموسيقيون الذين تم اخراجهم من مساكنهم نظموا تظاهرات صاخبة امام مقر البلدية كما قامت مجموعة بين السكان المحليين بمهاجمة السيارات الفخمة المتوقفة في احياء شركات الانترنت.

وفي عام 2000 اطلق المناهضون لشركات الانترنت عريضة سميت «الاقتراح» تطالب بوضع ضوابط قانونية تفرض «نموا بطيئا» لهذا القطاع من الناحية العقارية. وسقط «الاقتراح» بفارق 200 صوت فقط، لكن خلال بضعة اشهر، ادت الازمة التي ضربت قطاع شركات الانترنت الى وقف انتشار هذه الشركات مصدر الشكوى.

وفي العام الماضي، خلال شهر حزيران (يونيو)، فقد 2000 شخص عملهم، ثم كرت سبحة الاغلاق حتى فقد 35000 شخص عملهم في هذا القطاع بين نوفمبر (تشرين الثاني) ويناير (كانون الثاني) بحسب دراسة لمكتب تشالنجر، غراي اند كريستماس للدراسات الاجتماعية.

وتشير دراسة نشرت في الاسبوع الماضي لشركة روزن للاستشارات، وهي مكتب استشاري في الشؤون الاقتصادية والعقارية، الى ان اكثر من 80% من شركات الانترنت التي ما زالت موجودة في سان فرانسيسكو ستغلق ابوابها قبل نهاية السنة الجارية. ولم يتم احتساب 185000 متر مربع من المكاتب قيد الانشاء والتي ستجد صعوبة في ايجاد من سيشغلها.

واللافت ان شوارع سان فرانسيسكو امتلأت بلافتات «برسم الايجار» التي انتشرت كالفطر في المدينة، ولم يعد ضروريا الحجز المسبق في المطاعم المشهورة لان الطاولات الفارغة باتت متوافرة باستمرار.

اما الوكالات العقارية فانها تأمل ان تستقطب الى المباني التجارية الفارغة، والتي اصبحت بدلات ايجارها ادنى من السابق، شركات صغيرة في مجال التكنولوجيا العالية. لكن ذوي الاصول الاميركية اللاتينية والفنانين لن يعودوا. ويقول اريك كيزادا، احد المناهضين لظاهرة شركات الانترنت ان «سان فرانسيسكو فقدت روحها». وكما يقول احد رجال الاعمال فقد «تم استثمار اموال كثيرة في هذه الاماكن» مضيفا ان «احدا لن يؤجر منزلا بقيمة مليون دولار الى فرقة موسيقية محلية».