د. الصبان المستشار في وزارة البترول السعودية معلقا على تداعيات انسحاب اميركا من اتفاق كيوتو

السعودية تطالب الدول «الغنية» بتعديل نظمها الضريبية وفقا لكميات الغازات الملوثة

TT

في تعليق على اعلان ادارة الرئيس بوش، بأنها لن تسعى الى اقناع الكونغرس باجازة بروتوكول كيوتو، قال مسؤول سعودي ان بلاده «تتفهم الدوافع الاقتصادية التي حملت الولايات المتحدة على التخلي عن الاتفاقية». وقال ان السعودية «لن توافق على اي اتجاه لالتزام الدول النامية بأية تخفيضات في الانتاج او جداول زمنية في اي اتفاق مقبل حول البيئة».

وفي تصريح لنشرة (ميس) قال محمد الصبان، كبير المستشارين الاقتصاديين لوزير البترول السعودي; ورئيس وفد السعودية الى الامم المتحدة المشارك في محادثات التغيرات البيئية «ان الدول النامية مجمعة على ان اولويتها هي استئصال الفقر وتطوير الاقتصاد وينبغي على الامم المتقدمة ان تتقدم الصفوف اذا كان المجتمع الدولي راغبا في مجابهة تغيرات المناخ مع كل الغموض العلمي المحيط بالموضوع».

اما فيما يتعلق باعلان الرئيس بوش انه لن يفرض تخفيضات اجبارية في مستويات ثاني اوكسيد الكربون على مصانع انتاج الكهرباء الاميركية، فقد قال الدكتور الصبان ان السعودية، ومعها كل منتجي ومصدري المواد الهيدروكربونية بالدول النامية، تعتبر ان كلفة مجابهة التغيرات المناخية المتوقعة التي نصت عليها اتفاقية كيوتو، كلفة باهظة. وقد وافق الدكتور الصبان على التقديرات الاميركية للآثار الاقتصادية للاتفاقية، مضيفا ان الولايات المتحدة ستدفع ثمنا اقتصاديا قادما اذا استجابت لتخفيضات الغازات التي تفرضها كيوتو، وذلك لانها ستهجر استخدام الفحم، وهو واسع الاستخدام بأميركا، واللجوء الى مصادر اخرى للطاقة تمتاز حاليا بالندرة. «مثل هذه الاجراءات يمكن ان تكون مبررة اذا كانت علوم التغيرات المناخية تقف على ارضية صلبة».

وقد قال الصبان ان السعودية تراودها الشكوك حول رد الفعل الاوروبي حيال الموقف الاميركي، ملمحا الى ان الاتحاد الاوروبي ربما يتوخى مصلحة اقتصادية بحمله كل الدول النامية على التوقيع على اتفاقية كيوتو. واضاف الصبان «وهذا هو ما يدفعهم الى تحقيق هذه المصلحة، ليس على حساب الولايات المتحدة وحدها، بل على حساب الدول المتقدمة الاخرى والدول النامية».

وقال ان الدول المتقدمة لم تف بالتزاماتها بمقتضى اتفاقية التغيرات المناخية وخاصة فيما يتعلق بمساعدة الدول النامية، ماليا وتقنيا، للتأقلم على اية تغيرات متوقعة. وفيما يتعلق بتخفيض المنفوثات الغازية فان اغلب دول الاتحاد الاوروبي ابعد ما تكون عن المستويات المطلوبة باستثناء قلة منها حققت المطلوب عن طريق الصدفة المحضة. «ومع ذلك فان هذه الدول تطلب من الدول النامية ان تخفض غازاتها وتعرقل اولويات تنميتها، وهو امر مرفوض كليا من قبل هذه الدول».

ويواصل الدكتور الصبان «واذا شئنا ان نتطلع الى المستقبل، فان السعودية تعتقد ان الاتحاد الاوروبي وبقية الدول المتقدمة، اذا ارادت ان تمضي في تنفيذ اتفاقية كيوتو بدون الولايات المتحدة، وهو امر بالغ الصعوبة من الناحيتين البيئية والاقتصادية، فان عليها ان تفي بالتزاماتها في ما يتعلق بتقليل آثار اجراءاتها على الدول النامية، وذلك بتنفيذ ما يلي، ضمن اشياء اخرى:

* تعديل نظمها الضريبية وفق كمية الغازات الملوثة للبيئة في كل مصدر من مصادر الطاقة، لا ان تواصل الاعتماد على نظامها الضريبي الحالي. فمن غير المقبول رفع الضرائب على النفط، وهي عالية اصلا في اوروبا، مع الاستمرار في دعم مصادر الطاقة ذات الآثار التلويثية العالية مثل الفحم والطاقة الذرية، والتي تفرض عليها ضرائب متدنية الى اقصى مدى. ويضيف الصبان انه لا يمكن تطوير الطاقة الذرية تحت اية اتفاقية لمحاربة التسخين الكوني مع تجاهل مشاكلها البيئية الهائلة.

* مساعدة الدول المعتمدة اعتمادا كبيرا على الطاقة الاحفورية، مثل السعودية، عن طريق الاستثمار ونقل التقنيات لتمكينها من تحقيق التنوع الاقتصادي وتقليل اعتمادها على النفط.

* تعويض الدول النامية عن اية اضرار اقتصادية محددة ناتجة عن اجراءات تخفيض الغازات.

* ازالة كل التشوهات، مثل الدعم والاعفاءات الضريبية التي تشجع انتاج الطاقة الاحفورية بالدول المتقدمة. «هذه المطالب التي تقدمها السعودية والدول الاخرى المصدرة للطاقة الاحفورية، وهي جزء من موقف الدول النامية (مجموعة 77 والصين) في مفاوضات تغيرات المناخ، وقد حسبت بدقة كبيرة عندما اتضح ان الاضرار الاقتصادية ستكون هائلة». وكمثال على هذه الخسائر، قال الصبان ان السعودية وحدها، ستخسر سنويا 25 مليار دولار بعد 2010، وذلك وفق دراسات عديدة، بما فيها دراسة اجرتها الاوبك.

«هذا وضع خطير جدا، ونحن لن نسمح لانفسنا، ومعنا بقية الدول النامية، بدفع اكثر من نصيبنا العادل لحماية البيئة العالمية. وليس صحيحا ان كل شيء سيصبح على ما يرام بمجرد حل المشاكل بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. فعلى الدول المتقدمة ان تفي بالتزاماتها كاملة، وليس بصورة انتقائية».