«ستاندرد آند بورز» : الاستثمارات وخفض الاستهلاك هي السبيل نحو أسعار طاقة منخفضة

TT

ألقى محللون اقتصاديون تابعون لمؤسسة «ستاندارد آند بورز» الضوء على صناعتي النفط والغاز الأوروبيين الذين يشهدون انخفاضاً واضحاً في قدراتهم الانتاجية وعلاقة ذلك مع الصورة الأكبر للنفط والغاز العالميين خلال مؤتمر بعنوان «احسن الاحتمالات» عقد في لندن أمس. وتحدث كارل نيتفيلت، كبير المحللين لقطاع النفط والغاز الأوروبي في المؤسسة، عن دخول العالم من وجهة نظر النفط والغاز مرحلة أسماها بـ«الصدمة الثالثة» باعتبار أن الصدمتين الأولى والثانية كانتا خلال مرحلة أزمة «أوبك» في السبعينيات من القرن الماضي فيما كانت الثانية منتصف الثمانينيات.

الصدمة الثالثة ـ حسب تعبير نيتفليت ـ لا علاقة لها بإمدادات النفط، ولكن علاقتها أكثر تعقيداً بأمور من قبيل زيادة الطلب، ومحدودية القدرات الإنتاجية للخام، وتعويض الاحتياطيات المثبتة لدى الدول المنتجة، والقدرات التكريرية لشركات النفط، ومعدلات التضخم، ومحدودية وارتفاع أسعار الخدمات التي تقدمها شركات الخدمات النفطية التي تؤثر بدورها على حالة الاستثمارات حيث يتم الحديث عن التكلفة التي تتكبدها شركات النفط في سبيل بناء منصة حفر جديدة اليوم يبلغ 100 ألف دولار يومياً، فيما كانت لا تزيد عن 40 ألف دولار في اليوم قبل فترة قصيرة مدفوعة بالطلب المتزايد على المنصات خلال انطلاق الشركات الأوروبية التي تعاني من تناقص احتياطياتها بحثاً عن اكتشافات جديدة ومحدودية عدد هذه المنصات في العالم في وقت يشهد منافسة من المستهلكين الجدد تحاول شركاتهم، ومنها الهندية والصينية، الوصول إلى احتياطيات جديدة حتى في أميركا الجنوبية وروسيا. المشكلة هذه تبدو أكثر تفاقماً عند حساب الصعوبة التي تجدها الشركات حالياً في الاستثمار في مشاريع جيدة خاصة وأن كثيرا من الدول النفطية تتحفظ على دخول الشركات الأجنبية للاستثمار اليها.

ويقول نيتفليت في عرضه إن سعر 30 ـ 40 دولارا للبرميل هو سعر مناسب جداً تستطيع معه شركات النفط أن تحتفظ بأرباح وتوظف بعضها في استثمارات تساعد على استقرار الأسعار. ولم ينف نيتفليت في إجابة على سؤال طرحته «الشرق الأوسط» أن هذه الأرقام لا تمثل توقعات أو تنبؤات بمستقبل الأسعار، ولكنها أرقام توضح ما يمكن العمل من خلاله دون حساب واقعية السوق وما يؤثر عليه من قضايا جيوسياسية وضغوط دولية على الدول المنتجة للنفط والغاز والتي تجني أرباحاً طائلة من ارتفاع الأسعار، مثلاً في الخليج والشمال الإفريقي حيث تضغط الدول الأوروبية والولايات المتحدة بقوة في غياب دوافع اقتصادية حقيقية للاستثمار وذلك في سبيل دفعهم لصرف مليارات الدولارات بهدف خفض الأسعار التي تستفيد منها الشركات المنتجة. وأضاف قائلاً: «حتى سعر 78 دولارا للبرميل قد يكون واقعياً في مثل هذه الظروف». أما عن سبل خفض الأسعار في أوروبا، فإن نيتفليت أشار إلى أن مناخ الضرائب في منطقة اليورو تغير وأن الحكومات تدفع باتجاه تحويل فائض الأرباح التي تحققها شركات النفط إلى جيب الدولة وذلك تحت ضغوط سياسية واجتماعية في أوروبا نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار الذي شهده سوق الوقود والمحروقات أخيرا إثر الأعاصير التي ضربت خليج المكسيك الأميركي. ولم يتوقع نيتفليت أن تكون هذه التغيرات الضريبية متطابقة في كافة الدول الأوروبية بل إنها سوف تتنوع حسب المنطقة التي تعمل فيها شركات النفط. يأتي هذا الحديث في الوقت الذي يحاول فيه مجلس الشيوخ الأميركي فرض ضرائب جديدة على الدخل الذي تحققه شركات النفط الأميركية، وقول الشركات إن مثل هذه الضرائب قد تعطل مخططات الاستثمار لدى هذه الشركات، ما يعيد الحلقة إلى الأسعار من جديد التي سوف تتصاعد في غياب هذه الاستثمارات لحل المشاكل العالقة في القطاع، وأهمها بالنسبة للأميركيين هي مسألة القدرات الانتاجية والتقنية لمصافي التكرير ومجابهة تصاعد الاستهلاك.

وفيما تهب شركات وطنية عديدة حول العالم لمساعدة المستهلكين على فك الأزمة التكريرية عبر إنشاء مشاريع تكرير بهدف التصدير، تنوي دول مثل مصر والسعودية القيام بها, والإمارات العربية المتحدة، كما أعلن نيتفليت، التي تنوي القيام بإنشاء 11 مصفاة تكرير في إمارة أبو ظبي.

وتتوقع «ستاندارد آند بورز» أن تبقى الأسعار في المستويات التي وصلتها أخيرا لمدة الخمس سنوات القادمة إذا ظلت معدلات الاستهلاك على ما هي عليه.