خبراء يشككون بالوعود الانتخابية لتوفير المزيد من الوظائف في مصر

وسط تسارع برامج الخصخصة

TT

القاهرة ـ رويترز: علق الرئيس المصري حسني مبارك حملة حزبه للانتخابات البرلمانية التي تجرى هذا الشهر على تعهدات بتوفير فرص عمل، لكن العمال والمحللين يقولون ان الخصخصة قد تقوض خططه لتوفير تلك الفرص.

وتشرف مجموعة من الاصلاحيين الشبان نسبيا في الحزب الوطني الديمقراطي على بيع الشركات المملوكة للدولة بمعدل متسارع، ما يحفز قدرا كبيرا من الاهتمام باقتصاد يقول المتعاملون ان بورصة الاوراق المالية تتكيف معه بالكاد.

لكن العمال في الشركات المعدة للبيع، والكثير منها يعاني من زيادة في أعداد العاملين وتدار بشكل سيئ، يخشون أن يقضي ازدهار الاستثمار على أسباب رزقهم ويشكون في أن بيع الشركات يمكن أن يسير جنبا الى جنب مع توفير الوظائف.

وقال عبد الحميد الغزالي، استاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، ان وعود مبارك بمزيد من الوظائف تتعارض تعارضا تاما مع عملية الخصخصة ووعوده بتوفير أربعة ملايين وظيفة هي في الواقع حلم ومجرد تمنيات.

ومضى يقول «انه لأمر مؤلم. انهم يطردون العمال ويغلقون مشروعا تتوافر له مقومات البقاء ويوقفون انتاجا مفيدا للاقتصاد ككل، الفائدة الوحيدة هي أننا نحصل على أموال لتغطية عجز الميزانية». وتقول الحكومة ان معدل البطالة حوالي عشرة بالمائة لكن الارقام غير الرسمية تقدر أنه 20 بالمائة. وتضع الامم المتحدة الدولة في المركز 119 من حيث التنمية البشرية، وتقول ان واحدا من كل خمسة مصريين يعاني من الفقر.

وفي المقابل تبين الارقام أن عائدات الخصخصة قفزت بنسبة 800 بالمائة تقريبا الى 5.09 مليار جنيه مصري (883.7 مليون دولار) في الاشهر الثلاثة المنتهية في نهاية سبتمبر (أيلول) مقارنة بمبلغ 595 مليون جنيه في الفترة نفسها قبل عام.

وتشير بيانات أغسطس (اب) الى أن الناتج المحلي الاجمالي، وهو مؤشر رئيسي لسلامة الاقتصاد، ارتفع الى أكثر من خمسة بالمائة في عام 2005 مقابل 4.1 بالمائة قبل عام.

وقال متعاملون في البورصة ان حجم التداول في البورصة المصرية التي تصل الى قمم جديدة كل أسبوع تقريبا كان كبيرا الى حد ادى الى تباطؤ نظام التداول مما جعلهم يخسرون تعاملات.

ويرى غالبية مجتمع رجال الاعمال المصريين أن الخصخصة طريق للتقدم قائلين ان نمو شركات جديدة سيفوق كثيرا الوظائف التي يتم فقدها في الشركات القديمة المملوكة للدولة. لكن خبيرا اقتصاديا كبيرا في واحد من البنوك الاستثمارية الكبرى قال ان لديه تحفظات على قابلية تحقق تعهد مبارك بتوفير مزيد من الوظائف.

وقال هاني جنينة، وهو خبير اقتصادي كبير في «اي.اف.جي هرميس»، انه كان لا بد أن تتحرك الشركات المملوكة للدولة في اتجاه الخصخصة لتتنافس في مناخ جديد لكن الخصخصة أدت الى تسريح العمال.

واضاف ان لديه شكوكا في أن خطط الحكومة لتوفير فرص عمل، مثل بناء المزيد من المصانع، ستخفف من حدة المشكلة. وتابع «ربما يكون مجرد تسريحهم أرخص. ذلك ما حدث في التسعينات. لا توجد صيغة سحرية تضمن الاحتفاظ بالجميع». واستطرد قائلا «الحكومة قالت انها ستوفر الكثير من المصانع وانها ستوظف هذا العدد الكبير من الناس. الامر الاساسي هو أنه لا بد من النظر الى جانب الطلب كذلك. هل سيكون هناك طلب يقابل هذا العرض أم لا». وقال محمود محيي الدين، وزير الاستثمار وأكبر مدافع عن الخصخصة في الحكومة، انه يسعى لضمان احتفاظ المشترين بالعمالة لكنه يستطيع الاصرار على ذلك اذا كانت الشركة تحقق أرباحا فقط .

وأضاف أن إحدى القواعد الرئيسية تتمثل ليس في مجرد الاحتفاظ بعدد العاملين فقط وانما ايضا بالعاملين أنفسهم وأن تكون هناك خطة وبرنامج للاستثمار للمساعدة على زيادة الوظائف. واشار «لدي ذلك الترف اذا كانت الشركة رابحة. واذا لم تكن الشركة رابحة... فانني لا أملك حقيقة أدوات كافية للمساومة لذا ألجأ الى خطط المعاش المبكر». وتحدث محمد حسن، وهو مدير مصنع نسيج، عن خطة حكومية للتخلص من العمالة يمكن بمقتضاها اعادة تدريب العمال ثم يمنحون أموالا لبدء عمل. وقال حسن «اذا لم يعجبه (العامل) هذا يمكنه الحصول على المال والحصول على معاش مبكر. لن يترك أحد في الشارع». ويصف حسن الخصخصة بأنها مسألة تتعلق بالتفاوض والاتفاق بين المستثمر والعاملين.

الى ذلك قال شوقي الشرقاوي، وهو زعيم نقابي في مصنع، انه يقدر اهمية الاموال المعروضة، لكنه قال انه لا تتاح للعمال الفرصة للتفاوض مع المشترين المحتملين حول سبل الحفاظ على الوظائف.

وقاد الشرقاوي اضرابا عن العمل الشهر الماضي في المصنع الذي يعمل به احتجاجا على عدم اطلاعهم على المفاوضات الخاصة ببيع المصنع والوظائف التي ستفقد. وافاد «لم نر خيرا قط من الخصخصة، وليس واضحا ما سيفعله المستثمر. اننا لا نعرفه. ولا نراه. ولا نعرف خططه. لا تتم طمأنتنا». ومضى يقول «لا نرفص الخصخصة لاننا نرفض بيع الشركات لكن خوفا على وظائفنا. العمال غير مقتنعين. نحن خائفون».