انطلاق المؤتمر المصرفي العربي في بيروت وسط تشديد السنيورة على الإصلاح الاقتصادي

إجماع على دور المصارف في النهوض بالاستثمار وجذبه

TT

أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني، فؤاد السنيورة، «ان الحكومة شرعت في عملية اصلاحية واسعة تتضمن اجراءات هيكلية لإصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية، بما يؤدي الى جعل لبنان مركزاً جاذباً لاستقدام الرساميل الوطنية والعربية والأجنبية».

وقال في افتتاح المؤتمر المصرفي العربي الذي بدأ أعماله امس في بيروت بعنوان «العمل المصرفي في عالم المخاطر»، «ان السير قدماً في عملية اصلاحية جدية نابعة من لبنان، وهو اساس للنهوض الاقتصادي، يتطلب الحصول على المساعدات من العرب والمجتمع الدولي، وايضا مشاركة فعالة من القطاعات الاقتصادية، وفي طليعتها المصارف».

واكد أمام حشد من المصرفيين؛ يتقدمهم وزراء لبنانيون وعرب، وعدد من محافظي البنوك المركزية العربية، ان «المصارف هي المؤسسات التي تتركز فيها غالبية المدخرات العربية، وهي ايضا القادرة، اذا ما اكملت تأهلها المادي والتقني والمعرفي، ولا سيما في ظل التطورات السياسية والاقتصادية التي تعيشها منطقتنا العربية على اكثر من صعيد، على أن تكون الجاذبة الاساسية للتدفقات المالية المتوافرة لدى القطاع الخاص العربي. وبالتالي، فإنها عندما تقوم بذلك تصبح قادرة على أداء الدور المحوري الاساسي المطلوب في عمليات التمويل والاستثمار وتعزيز التواصل والتعاون الاقتصادي والاستثماري بين الدول العربية، وهي المهمة التي نحن أشد ما نكون في حاجة اليها في المرحلة القادمة».

واعتبر أن «أداء هذا الدور بفعالية يتطلب تأمين أجواء ملائمة للعمل المصرفي والاستثماري، وهذا من مهمات الحكومات والسلطات المالية والنقدية، وكذلك من مسؤوليات اجهزة الرقابة التي عليها ان تدفع في اتجاه تحفيز المؤسسات المصرفية على اتباع ادارة رشيدة واحترافية للمخاطر».

وتحدث في الافتتاح بداية رئيس اتحاد المصارف العربية الدكتور جوزيف طربيه، وقال ان «تطورات المنطقة غير معزولة عما يجري في العالم باكمله. وبالأخص في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر (ايلول) 2001، وهي تعكس مشهدين مختلفين يبلغان احيانا درجة التناقض مشهداً ايجابياً واعداً زاد بريقاً بفعل ارتفاع اسعار النفط ووفرة السيولة المالية وانخراط معظم الدول في مشاريع طموحة للتحرر الاقتصادي والانفتاح والتخصيص وبدء ضخ استثمارات عامة وخاصة في مشاريع التنمية وتحديث البنى التحتية، ومشهداً ضبابياً يعكس قدراً اقل من التفاؤل بسبب ازدياد عوامل التوتر والتفجير وامتدادها الى ساحات جديدة، فيما يتأخر حل مشكلات الصراع العربي ـ الاسرائيلي وتتأخر عودة الاستقرار والأمن الى العراق».

واضاف ان «القطاع المصرفي العربي ليس بعيداً عن هذا الواقع، اذ هو جزء اساسي من المنظومة الاقتصادية العربية، يتأثر بها ويؤثر فيها، كون هذا القطاع يعتبر اداة التمويل الاولى والرئيسية للاقتصادات العربية والمشاريع الاستثمارية والتنموية وقطاع الشركات وقطاع المستهلكين في عموم الدول العربية. كما انه اكبر القطاعات المالية على الإطلاق وأهمها، وذلك على أصعدة الحجم والإمكانات المالية والتمويلية. والقطاع معني حالياً بتحسين قدراته وإمكاناته في مجال ادارة الأزمات وإدارة المخاطر ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والالتزام بمعايير العمل المالي والمصرفي الدولي وعصرنة خدماته ودعم مشاريع الاستثمار والتنمية».

وعدد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسس التي يعتمدها البنك المركزي لمواجهة المخاطر، ومنها تطبيق المعايير الخاصة بكفاية رأس المال، والتحسين المستمر لأنظمة الدفع، وتطوير أسواق المال ورأس المال وتعميقها حيث تتجه الحكومة لإحالة مشروع قانون الاسواق الرأسمالية على مجلس النواب، والاستقرار في الاسعار من خلال التحكم في السيولة ونموها، واعتماد مبادئ المحاسبة الدولية، ومكافحة غسل الأموال والافصاح عن سياسات البنك المركزي.

واكد «أن اهمية الموارد البشرية وتصنيفها من اهم اصول القطاع المصرفي حيث للبنك المركزي حق الاعتراض المعلل على تعيين رؤساء واعضاء مجالس الادارة»، معلناً «انه سيتم قريباً إخضاع العاملين في القطاع لدورات وامتحانات للحصول على شهادة ملزمة للعمل في بعض المراكز المصرفية، وبالأخص تلك التي تتعامل مع الخارج وتدير الثروات والتوظيفات».

وإذ شدد على اهمية الحفاظ على أموال المودعين كاملة، وتدخل المصرف المركزي من اجل ذلك، قال سلامة: «ان كل هذه السياسات تشكل اساساً لمكافحة المخاطر والمحافظة على سلامة القطاع المصرفي الذي يستقطب حالياً نحو 60 مليار دولار من الودائع، اي ما يماثل ثلاثة اضعاف حجم الاقتصاد الوطني».

وبعد الافتتاح، بدأ المؤتمر أعماله بكلمة رئيسية للدكتور عمر بن سليمان مدير عام سلطة مركز دبي المالي، تمهيدا لجلسة العمل الاولى التي انعقدت تحت عنوان «الاتجاهات المعاصرة في استراتيجيات ادارة المخاطر»، وترأسها وزير الاقتصاد اللبناني سامي حداد. وتحدث فيها عبد العزيز الغرير، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لبنك المشرق الاماراتي عن «ادارة المخاطر المصرفية والمالية». والدكتور هاني سري الدين رئيس الهيئة العامة لسوق المال في مصر عن «الحد من مخاطر التمويل». وفولفغانغ برورادا رئيس ادارة المخاطر في شركة ميزيسز الالمانية عن «خريطة الطريق لتطبيق معايير بازل 2».

وتناولت الجلسة الثانية سياسات تمكين المصارف العربية من الادارة الفضلى للمخاطر. وترأسها وزير المال اللبناني جهاد ازعور. وتحدث فيها سيتارامان مدير عام بنك الدوحة القطري، والدكتور جورج العابد محافظ سلطة النقد الفلسطينية، والدكتور الهادي شايب عينو مدير عام المجموعة المهنية لبنوك المغرب، ونديم غنطوس مدير عام بنك بيبلوس افريقيا.

اما الجلسة الثالثة فاستعرضت موضوع مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب. وترأسها الدكتور محمد بعاصيري رئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وتحدث فيها فخر الدين الخليل رئيس شركة «ايدوم ميدل ايست»، والمستشار سري صيام مساعد وزير العدل المصري، كما اقيمت ورشة عمل حول مقررات بازل 2.

واختتم المؤتمر أعماله امس بعقد اربع جلسات تتناول مخاطر الاستثمار والتمويل، وركائز الاصلاح الاقتصادي، والاستثمار في اسواق المال، والتنمية المصرفية الاسلامية، على ان يتم مساء اليوم إعلان التوصيات.