تقرير «ميريل لينش» يتوقع 65.5 دولار لبرميل النفط خلال 2006

وزارة الطـاقة الأميركية تقول إنها توقعت من «أوبك» أكثر من اسـتطاعتها

TT

توقع بنك «ميريل لينش» في تقريره السنوي أن يستمر الطلب العالي على النفط خلال عام 2006، وأن يتراوح السعر في حدود 65.5 دولار للبرميل كمتوسط للعام كله. وأوضح التقرير أن الطلب المستمر على النفط سيكون الدافع وراء بقاء الأسعار مرتفعة، مشيرا الى أن السعر ارتفع خلال عطلة عيد الميلاد والسنة الميلادية (أي خلال أسبوعين) بخمسة دولارات تقريبا. وقال أيضا إنه بعد فترة انقطاع قصيرة في أعقاب إعصاري «ريتا» و«كاترينا» في الولايات المتحدة، عاد النمو في الطلب على النفط الى نسبة 3% سنويا، أي نحو 600 ألف برميل يوميا. ويعود نمو الاستهلاك في الولايات المتحدة الى نمو الاقتصاد الأميركي والى موجة البرد الشديد في ديسمبر الماضي. كما أن دول أوروبا وآسيا والاقتصادات بعض الدول الناشئة شهدت نموا في طلبها على النفط، خصوصا في قطاعات الكيماويات والتصنيع.

من جهة أخرى توقع التقرير أن يشهد هذا العام ارتفاعا كبيرا، قد يصل الى مليون برميل يوميا، في إنتاج الدول غير الأعضاء في «أوبك». وأوضح أن أكبر زيادة ستأتي من الدول الأفريقية التي سيزيد انتاجها بنحو 400 ألف برميل يوميا، وأيضا البرازيل التي سيرتفع انتاجها بنحو 200 برميل يوميا. وفي المقابل ستشهد مناطق الساحل الشرقي للولايات المتحدة وخليج المكسيك الذي يتعرض للأعاصير انخفاضا في إنتاجه بنحو 403 آلاف برميل يوميا، فضلا عن انخفاضات أخرى صغيرة متفرقة حول العالم. أما بالنسبة لدول «أوبك» (باستثناء العراق) فقد تراجع إنتاجها قليلا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وعلى سبيل المثال تراجع الإنتاج السعودي بنحو 50 ألف برميل يوميا ليستقر عند 9.5 مليون برميل يوميا. أما الانخفاض الأكبر في الدول العربية فكان من نصيب العراق، إذ بلغ انتاجه في ديسمبر 1.1 مليون برميل يوميا أي بانخفاض قدره 100 ألف برميل عن الشهر الذي قبله، وهو بذلك يكون قد وصل الى أدنى مستوياته منذ أن بدأ الإنتاج في أعقاب حرب عام 2003.

وعودة الى الولايات المتحدة حيث يشير التقرير الى أن شهر يناير جاء أكثر دفئا من المتوقع، لكن رغم ذلك فقد ظلت أسعار النفط الخام ترتفع (بفعل زيادة الطلب عليه لمواكبة زيادة النمو الاقتصادي) بينما تأثرت سلبا أسعار أنواع الوقود المستخدمة في التدفئة، مثل الغاز الطبيعي وزيت التدفئة. غير أن التقرير يقول إن الشتاء لو استمر لفترة أطول من المعتاد أو لو ازدادت حدة برودته أكثر من العادة فإن أسعار المشتقات المستخدمة في التدفئة ستعود الى الارتفاع، خصوصا أن المصافي قد لا تستطيع مواكبة الطلب المتزايد عليها. ولكن في المقابل فإن المخزون الأميركي من زيوت التدفئة يزيد هذا العام بنحو 2.8 مليون برميل عما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي.

وعرّج التقرير الى المخاطر التي يمكن أن تهدد تدفق النفط الى الأسواق العالمية خلال العام الجاري، معتبرا أن التوتر بشأن قضية البرنامج النووي الإيراني تمثل إحدى المهددات لتلك الإمدادات. كما أن تهديدا آخر لا تنتبه إليه الأسواق رغم أنه يمكن أن يشكل كارثة لانسياب النفط الخام بسهولة حول العالم هو مرض إنفلونزا الطيور. وحسب تقدير التقرير فإن هذا المرض لو انتشر بشكل وبائي في العالم فإن سبل نقل النفط ستتأثر كثيرا، مما سيؤثر بدوره على تدفق النفط بين مواقع الإنتاج والاستهلاك.

ومن جهتها أصدرت «إدارة معلومات الطاقة» التابعة لوزارة الطاقة الأميركية تقريرا سنويا لعام 2006 توقعت فيه أن تستمر الأسعار مرتفعة خلال العام الجاري، بل خلال الأعوام القليلة المقبلة من دون أن تحدد سعرا بعينه. لكن التقرير، الذي يتناول مستقبل النفط حتى عام 2030، توقع أن تبدأ الأسعار في الانخفاض في عام 2014 عندما تدخل السوق حقول إنتاج جديدة يتم حاليا العمل على تطويرها. وقالت إن السعر سيهبط وقتذاك الى حدود 46.90 دولار للبرميل، لكنه سيعود الى الصعود مرة أخرى ليصل الى 54.08 دولار بحلول عام 2025. وقال التقرير، الذي يصدر سنويا، إن تقرير عام 2005 أخطأ في تقديراته حول امكانية زيادة الطاقة الانتاجية في دول «أوبك»، لكن تقرير هذا العام لاحظ أن انتاج المنظمة لن يزيد خلال السنوات المقبلة بالنسبة التي كانت وزارة الطاقة تتوقعها. وبناء على ذلك فإن امدادات النفط ستكون دائما محدودة بالمقارنة مع ضغوط الطلب المتزايد. وتوقع التقرير أن يرتفع الاستهلاك العالمي بشكل عام، لكن الارتفاع الأكبر سيأتي من الولايات المتحدة والصين. وأوضح أن الطلب العالمي سيرتفع من 82 مليون برميل يوميا في عام 2004 الى 111 مليون برميل في عام 2025، مشيرا الى أن تلبية الزيادة في الطلب ستأتي من دول ا«أوبك» والدول خارج «أوبك» معا لكن التعويل سيكون أكثر على الأخيرة. وأضاف أن إنتاج «أوبك» سيصل الى 44 مليون برميل يوميا في عام 2025، أي بارتفاع نسبته 44% مما كان عليه في عام 2004 (31 مليون برميل يوميا). وكان تقرير عام 2005 قد توقع ارتفاع انتاج «أوبك» في عام 2025 الى 55 مليون برميل يوميا، لكن تقرير عام 2006 عدّل هذه الكمية الى 44 مليونا. أما إنتاج الدول من خارج «أوبك» فقد توقعت وزارة الطاقة الأميركية أن يرتفع من 52 مليون برميل يوميا في عام 2004 الى 67 مليونا في عام 2025. (وكانت تقديرات العام الماضي تتحدث عن 65 مليونا). وتوضح هذه الأرقام أن الولايات المتحدة غيّرت توقعاتها في ما يتعلق بالطاقة الإنتاجية لـ«أوبك» (تخفيضا) وغير «أوبك» (ارتفاعا).

وبالنسبة للغاز الطبيعي فقد قالت الوزارة إن كميات كبيرة إضافية سيتم انتاجها في السنوات المقبلة مما سيخفض سعر الألف قدم مكعب الى 4.46 دولار، ثم سيرتفع السعر الى 5.40 دولار بحلول عام 2025، وربما الى 5.90 دولار في عام 2030. وكان التقرير السنوي لوكالة الطاقة الدولية عن سوق الطاقة العالمي توقع أيضا نمو الطلب العالمي على الطاقة بنحو 50% في العقدين ونصف العقد المقبلين. وحذر التقرير من زيادة اعتماد العالم على الطاقة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما توقع ايضا زيادة انتاج الغاز في دول المنطقة بثلاثة أضعاف في الفترة ذاتها. وربط تقرير الوكالة، التي تعمل لصالح الدول الصناعية المستهلكة، بين قدرة دول الشرق الأوسط على تلبية الطلب وبين استثماراتها في هذا القطاع. يذكر أن احتياطيات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي ازدادت بنسبة 2% خلال عام 2004، وهو العام السادس على التوالي الذي يشهد ارتفاعاً في الاحياطيات المؤكدة. (احصاءات عام 2005 لم تظهر بعد). وقد جاءت هذه الزيادة رغم الهبوط الكبير الذي حدث في إنتاج خليج المكسيك والذي بلغ 15%. الا أن ارتفاع الاكتشافات في الولايات الـ48 الأخرى فاق 21 ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، مما زاد الإجمالي بمعدل 2%.

وبالنسبة للغاز الطبيعي، فمن المحتمل أن يتباطأ الطلب عليه في قطاع إنتاج الطاقة في المستقبل، حينما ترتفع أسعاره كما هو متوقع، وعندما تضاف القدرات الجديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية وتصبح قادرة على المنافسة اقتصادياً. كما هبط استخدام النفط في محطات توليد الكهرباء منذ السبعينات، ليشكل في سنة 2002 حوالي 2 في المائة فقط من مجموع ما يتم توليده من الكهرباء في الولايات المتحدة مثلا. ويتوقع أن يكون له دور أصغر في المستقبل.