المجمعات التجارية الجديدة تهدد تجارة التجزئة التقليدية في الإمارات

TT

تهدد المراكز والمجمعات التجارية التي يتوالى افتتاحها في العاصمة الاماراتية تجارة التجزئة التقليدية في أبوظبي بعد أن دخلت هذه التجارة في منافسة غير متكافئة مع المراكز الجديدة والتي اتاحت للمستهلكين خيارات كثيرة لا على صعيد السلع والبضائع فقط بل على صعيد التسلية والترفيه ايضاً.

ومن المقرر ان يفتتح في غضون اسابيع مجمع تجاري ضخم يعد الثاني من نوعه خلال اقل من شهر. ويضم هذا المجمع الذي اطلق عليه مجمع أبوظبي التجاري مرافق عديدة من بينها فندق وكراج ضخم للسيارات وشقق سكنية مفروشة بالاضافة الى المحلات التجارية الموزعة على عدة طوابق تربطها سلالم كهربائية وممرات مكيفة.

ومع أن هذا المجمع الذي تكلف عدة مئات من ملايين الدراهم نفذ بمبادرة خاصة إلا انه يشكل جزءاً من اتجاه عام تشجعه الحكومة للسيطرة على فوضى التراخيص التجارية التي شكلت احد عناصر مشكلة التركيبة السكانية في البلاد.

وكانت أبوظبي قد شهدت في مارس الماضي افتتاح مجمع المارينا الذي اقيم فوق حاجز الامواج على شاطئ البحر والذي ضم عشرات من المحلات التجارية و9 صالات للسينما ومرافق لالعاب الاطفال ومساحات ضخمة لمواقف السيارات.

ولم يتم الى الآن حصر الكلفة الانشائية لهذا المجمع حيث لا يزال بعض مرافقه قيد الإنشاء، إلا ان مصادر قالت إن مجموعة الفطيم الدبوية استأجرت المجمع بعقد طويل لعدة سنوات وانها دفعت في الصفقة 180 مليون درهم.

وابرز المحلات التجارية التي ضمها مجمع المارينا سوبر ماركت كارفور الذي تملك وكالته مجموعة الفطيم والذي كان قد افتتح العام الماضي اول فروعه في العاصمة، ليصبح لديها 3 فروع اثنان في أبوظبي وواحد في دبي.

وبالاضافة الى مجمع أبوظبي ومجمع المارينا ينتظر افتتاح مجمع ثالث قريباً في شارع الشيخ زايد هو مجمع المهيري.

وتضاف هذه المجمعات الى عدد من المجمعات التي تم افتتاحها العام الماضي والتي شملت مجمعاً للذهب ومجمعاً يعرف باسم مارك اندسبنسر وثالث باسم مجمع الخالدية.

وقد واكب عملية افتتاح المجمعات عمليات تصفية للعديد من المحلات التجارية المعروفة والتي انتقلت مقراتها للمجمعات الجديدة.

ولا تشكل نوعية البضائع ومستوى الخدمات في المجمعات الجديدة عنصر المنافسة الوحيد للمحلات التجارية الصغيرة، إذ ان من ابرز عناصر المنافسة توفر اجواء مريحة للتسوق، إذ تمتاز هذه ان المجمعات بكون الانتقال بين مرافقها المختلفة يتم في ممرات مكيفة بعكس ما هو الحال عليه بالنسبة للمحلات التقليدية التي يتطلب الانتقال من محل الى آخر التعرض لدرجة حرارة عالية تصل في بعض الاحيان الى 50 درجة مئوية.

وبالاضافة الى التكييف فإن المجمعات الجديدة توفر مواقف للسيارات في حين ان الوسط التجاري التقليدي حيث تكثر محلات التجزئة التقليدية لا يتوافر فيه أي أماكن للوقوف إلا بصعوبة شديدة، فضلاً عن توفر مقاه حديثة من بينها مقاه ذات سمعة عالمية مثل متجر ومقهى ومطعم هيديارد الذي اعلن امس عن بدء نشاطه في مجمع أبوظبي الجديد.

والمنافسة الاهم التي تواجهها المجمعات الاستهلاكية الجديدة في أبوظبي هي منافسة المجمعات التجارية في دبي والتي يقصدها المقيمون في أبوظبي في عطلة نهاية الاسبوع.

وكانت مجمعات دبي حتى وقت قريب تمتاز بانخفاض الاسعار خاصة في بعض الاوقات كمهرجان التسوق وفعاليات مفاجآت صيف دبي، إلا أن مجمعات أبوظبي التي تتوافر فيها نفس التشكيلة من البضائع المتوفرة في دبي بدأت بإجراء تخفيضات موازية فاقت في بعض الاحيان تلك المعمول بها في دبي.

وتقول مصادر اقتصادية في أبوظبي إن هدف مجمعات أبوظبي ليس اقتسام الكعكة المحلية فقط، بل الكعكة الخليجية ايضاً، حيث تأمل هذه المجمعات ان تستقطب زواراً من دول مجلس التعاون والذين لا يزال كثير منهم يفضل التوجه الى دبي.

وتقول هذه المصادر إن أبوظبي لا تزال ضحية انطباع خاطىء مفاده انها مدينة الاسعار العالية والايجارات المرتفعة، في حين أن تطور الاسعار في دبي وبقية مدن الامارات الاخرى جعل الاسعار في العاصمة الاماراتية اسعاراً معقولة جداً، حيث أن أسعار الفنادق في أبوظبي اقل من مثيلاتها في دبي.

وترى مصادر تجارية أن أبوظبي بحاجة الى حملة تسويق جديدة لتغيير هذه الصورة النمطية التي لم تعد موجودة الآن. وقالت هذه المصادر إن مهمة تسويق أبوظبي ليست مهمة التجار وحدهم بل لا بد من القيام بمبادرات من الحكومة كتلك التي قامت بها حكومة دبي عندما اطلقت مهرجان دبي للتسوق ومهرجان مفاجآت صيف دبي.

واستدركت هذه المصادر قائلة: لا نريد استنساخ مهرجان تسوق في أبوظبي، بل لا بد من إيجاد مبادرة مبدعة جديدة كلياً ومثل هذه المبادرة تحتاج الى تضافر جهود عدة جهات ومناقشات وحوارات واسعة حتى يمكن الوصول الى صيغة جديدة وفعالة.