مصرف لبنان يواجه اختبارا صعبا للحفاظ على استقرار الليرة مع تراجع الاحتياطيات

TT

بيروت ـ رويترز: يبدو رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي مقبلا على اختبار صعب لمهاراته في ادارة الازمة، اذ تتضافر الضغوط المالية والسياسية لتهدد اكبر انجازاته.. تحقيق الاستقرار لليرة اللبنانية.

وبعد ثماني سنوات من رئاسة البنك المركزي اصبح سلامة خبيرا في نزع فتيل الازمات الاقتصادية، لكن مساحة المناورة المتاحة له هذه المرة محدودة في ظل الانخفاض الحاد في الاحتياطيات الاجنبية. تقلصت الاحتياطات مع عمل البنك على دعم الليرة فظل لاشهر طويلة هو المورد الوحيد للدولارات للسوق، في حين تنامت مخاوف المستثمرين من احتمالات عدم قدرة لبنان على سداد ديونه واضطراره لخفض قيمة العملة.

وفزع المستثمرون عندما تجاهلت الحكومة تحذيرات البنك المركزي وتوسعت في الاقتراض فزاد الدين العام الى 150 في المائة من اجمالي الناتج المحلي.

وتضافر ذلك مع عدم الاستقرار على الساحة السياسة فمازالت الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية مضطربة واحتدمت الانقسامات الداخلية بعد دعوة المسيحيين لانهاء الهيمنة السورية على شؤون لبنان التي قابلها المسلمون بتأييد لدمشق.

ودعم سلامة العملة في الماضي من خلال عمليات السوق المفتوحة وسبل اقل تعقيدا مثل مطالبة البنوك التجارية والحكومات الاجنبية بايداع اموال في البنك المركزي لدعم الاحتياطيات الاجمالية.

لكن البنك المركزي يمكنه دعم العملة الى اجل معين فقط باستخدام الاحتياطيات الصافية التي لم تكن تغطي سوى ثلث حجم العملة المتداولة في السوق نهاية العام الماضي.

ويقول خبراء ماليون ان البنك المركزي سيضطر ان عاجلا او اجلا الى زيادة اسعار الفائدة في محاولة تعزيز الطلب على الليرة اذا استمرت الضغوط.

ولكن تكبل البنك المركزي في الوقت الراهن حقيقة ان خدمة الديون الحكومية تستهلك اكثر من 90 في المائة من عائدات الحكومة. واذا اضطر سلامة الى زيادة الفائدة وهو ما يقول انه لا يعتزم القيام به يتوقع خبراء المال ان يستهدف الفائدة على اذون الخزانة قصيرة الاجل.

وكان حاكم البنك المركزي يراهن على ان تباعد المستثمرين عن الليرة قصير الامد وانهم سرعان ما سيعودون الى العملة المحلية التي تحقق عائدا اكبر فتتراكم الاحتياطيات من جديد.

لكن المتعاملين يقولون ان هذا التحول الذي دعم الاحتياطيات في اوقات سابقة لم يحدث.

وقال متعامل «التحويلات اليومية ليست كبيرة. لكنها منذ فترة طويلة تسير في اتجاه واحد من الليرة الى الدولار». وانخفض اجمالي الاحتياطيات بالعملة الاجنبية بمقدار 144 مليون دولار في النصف الثاني من العام الماضي الى5.8 مليار دولار. ولا تعلن السلطات النقدية عن حجم الاحتياطيات الصافية التي انفق منها ما يقدر بنحو 2.1 مليار دولار العام الماضي للحفاظ على استقرار سعر الصرف عند مستوى 1514 ليرة للدولار.

وساعد انخفاض اسعار الفائدة الاميركية على تجنب رفع فائدة الليرة وسط حالة عدم التيقن السياسي الراهنة ومكنت الحكومة من طرح سندات اجنبية قيمتها مليار دولار الاسبوع الماضي دون الحاجة الى دفع عائدات كبيرة.

وستستخدم نصف المليار دولار في استبدال سندات سابقة حل اجلها، في حين سيوجه بقية المبلغ للاحتياطيات الاجنبية.

واكتتبت البنوك التجارية في الاصدار الجديد لكنها ابدت تحفظات لاول مرة على زيادة الدين العام بدرجة اكبر خاصة بالعملة المحلية.

ويقول خبراء المال ان البنوك مترددة في شراء سندات الخزانة بالليرة اللبنانية ذات الاجل عامين والتي يبلغ عائدها 14 في المائة مفضلين السندات قصيرة الاجل. ويقول المتعاملون ان البنك المركزي يغطي نقص الطلب على السندات ذات الاجل عامين.

وقال متعامل «نحتاج لانباء ايجابية مثل تطور كبير في ما يتعلق بالسلام في المنطقة او اجراءات فورية للحد من الدين». وأضاف «فقط عندما يحدث ذلك سيدرك المستثمرون جاذبية الليرة».