ميريل لينش: المستثمرون حذرون بعد تغيير رأس هرم الاحتياط الفيدرالي في أميركا

TT

حسب الاستطلاع الأول الذي أجرته شركة ميريل لينش، منذ ان اصبح «بن برنانكي» رئيسا لمجلس الاحتياط الفدرالي في الولايات المتحدة، يبدو ان هناك غموضا وضبابية متجددين حول السياسة النقدية. فبالرغم من بلوغ معدل الفائدة الاساس 4.5%، نجد ان نصف مديري الثروات الذين شاركوا في الاستطلاع يعتبرون الآن ان مجلس الاحتياط الفدرالي لم يصل بعد الى آخر السياسة التشددية المعتمدة حالياً، وان ثلث الذين شملهم هذا الاستطلاع يتوقعون ان تبقى منحنيات المردود منبسطة او يصبح المردود ذا منحنى سلبي في الأشهر الاثني عشر المقبلة. كما يتوقع المستثمرون ايضاً ان يرتفع مستوى معدلات الفائدة الطويلة والقصيرة الامد في غضون سنة من الآن.

ان هذه اللهجة التي تخلو من التأكيد ويتردد صداها خلال الاستطلاع، تعكس واقع الأسهم المر هذه الأيام إذ تدنت الأسهم العالمية 1% في يناير(كانون الثاني) وفبراير(شباط) وارتفعت الارصدة النقدية من 3.5% الى 4.1% في فبراير ايضا، وتقلّصت آفاق الاستثمار الزمنية، وانخفضت قابلية المستثمرين. وتبين من الاستطلاع ان نسبة المتفائلين الواثقين من عدم وقوع الاقتصاد الاميركي في الركود قد تدنت من 86% الى 74% .

ويقول دافيد باورز، كبير مخططي الاستثمار العالمي في شركة ميريل لينش: «ان استطلاع فبراير يبرز تغيراً بالهمّة مقابل النشاط الذي كان سائداً في يناير، ويبدو كأن هناك رسالة من مستثمري «فالنتين» الى برنانكي تقول: «لا تكسر قلبي».

ورغم لهجة الاستطلاع الحذرة بشكل عام، نشهد هذا الشهر طلبا كبيرا على الأسهم من قبل المستثمرين لم نرَ مثيلاً له منذ بداية الاستطلاع. وقد ارتفعت نسبة مديري الثروات الذين يستثمرون بالأسهم من 58% في يناير الى 60% هذا الشهر. كما ان متوسط حيازة الأسهم في صندوق مختلط عالمي بلغ 56% حتى الآن مقابل 55% خلال الشهرين الماضيين.

ويكشف الاستطلاع ككل، ان الولايات المتحدة لا تزال على رأس البلدان التي يخطط المستثمرون على تخفيض توظيفاتهم واستثماراتهم فيها خلال السنة المالية المقبلة. ورغم هذا، فإن الرؤية السلبية للمستثمرين في الولايات المتحدة انحسرت وتراجعت نسبيا عما كانت عليه في الفصل الرابع من عام 2004.

وفي الفترة الأخيرة، تقدمت منطقة اليورو قليلاً عن اليابان لتصبح المنطقة التي يتطلع المستثمرون الى توظيف أموالهم فيها في السنة المقبلة. فثمة أغلبية من 15% من مديري الثروات يرغبون باقتناء أسهم منطقة اليورو في الاثني عشر شهراً القادمة، مقابل أغلبية 3% كانت تخطط للابتعاد عن هذه المنطقة في ديسمبر (كانون الاول) الفائت. ورغم ان ارباح الشركات تستمر بالارتفاع في اليابان، يبدو ان التقييمات في سوق الأسهم ابتدأت بإرخاء ثقلها على هذا الصنف من الأصول، وان نسبة مديري الاستثمار الذين لا يزالون يرغبون بتوظيف اموالهم في اليابان تدنت من 26% خلال الشهرين الماضيين الى 14% حاليا.

ان نصف مديري الثروات الذين ساهموا باستطلاع هذا الشهر بدأوا يتفحصون الاستثمارات غير التقليدية ليجاروا الاهتمام المتنامي بهذه الاصول. وبعد طرح سؤال جديد على المستثمرين هذا الشهر يتناول موقفهم من السلع والاستثمارات البديلة (مثل صناديق التحوط وأسهم الشركات الخاصة) والعقارات، تبيّن من المستثمرين ان الأغلبية منهم أي 31% يملكون سلعاً وان 26% يملكون استثمارات بديلة وان 7% فقط يستثمرون بالعقارات. ان الاهتمام المتنامي بالسلع هو الذي يقود أسعار الذهب الى الارتفاع، كما تكشف نتائج الاستطلاع. وتبين من اجوبة المستثمرين على الأسئلة بهذا الصدد، ان اكثر من ثلث المديرين 38% يرون ان ارتفاع سعر الذهب يعكس الاهتمام المتزايد بالسلع قبل كل شيء، وان اكثر من 13% يعتقدون انهم يشترون الذهب كعامل احتياط ضد التضخم، و38% يقولون ان ارتفاع سعر الذهب يعكس أهميته كضمانة ضد الدولار الضعيف.

وقد اشار محلل المعادن الثمينة في اميركا الشمالية في شركة ميريل لينش مايك جالونن في هذا الإطار الى اهمية عامل العرض والطلب في قضية ارتفاع اسعار الذهب قائلا: «الذهب بالنسبة لمدير الاستثمار هو سلعة كأي سلعة اخرى، ولا يبدو ان المستثمرين المساهمين في هذا الاستطلاع ينسبون الارتفاع في سعر الذهب الى أيّ تبدل في طلب المستهلكين، بل يتضح انهم أغفلوا التوازن بين العرض والطلب وتغاضوا عن الأخطار الجيوسياسية المتنامية».

ترى الأكثرية من مديري الاستثمار والتي تبلغ 36% ان الدولار الاميركي مسعراً بقيمة أعلى من قيمته الاساسية حاليا، كما يرى 46% منهم ان سعر صرف الين الياباني أدنى من قيمته الحقيقية وان 6% من هؤلاء المستثمرين يؤمنون بأن اليورو مسعر بأقلّ من قيمته وان 28% يعتقدون ان الجنيه الاسترليني أعلى من قيمته المفترضة.

لا بد من الذكر ان عدد الذين شاركوا في الاستطلاع العالمي لميريل لينش بلغ 221 مديراً من مديري الاستثمار الذي يديرون مشاريع قيمتها 629 بليون دولار اميركي، بالاضافة الى 140 مديراً يشرفون على استثمار ما قيمته 314 بليون دولار أميركي.