دراسة اقتصادية: فتح سماء مطار القاهرة يزيد معدل الطلب السياحي ويرفع الناتج القومي

رغم التخوف من المنافسة الشرسة لشركات الطيران الخليجية

TT

طالبت دراسة أعدتها د. عادلة رجب وصدرت من المركز المصري للدراسات الاقتصادية بضرورة تحرير قطاع النقل الجوي المصري بما يشمله ذلك من تطبيق سياسة السماوات المفتوحة.

وأوضحت الدراسة الخطوات الموازية اللازمة لانجاح هذا التحرير والذي لا يعني مجرد وضع إطار وخطة سريعة لزيادة عدد الأسطول الجوي التجاري المصري وتحديثه ولكن حزمة من الإصلاحات المؤسسية بعضها يرتبط بقطاع النقل الجوي ذاته والآخر يرتبط بالإصلاح الكلي للمناخ الاستثماري في مصر وشملت أهم التوصيات إزالة المعوقات سواء لتسهيل إنشاء الشركات لتحقيق مزيد من مشاركة القطاع الخاص في تشغيل الخطوط الجوية والأنشطة التكميلية والتأكد من معايير السلامة الجوية مع زيادة عرض الشركات العاملة في السوق الجوية المصرية وتطبيق قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية مما يحول دون قيام الشركات التي يثبت إنها تحصل على دعم حكوماتها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر كاحتكار للخدمات الأرضية (الدوحة – دبي – الكويت) أو امتلاك وإدارة المطارات (دبي – الدوحة) أو احتكار خدمات تموين الطائرات والأسواق الحرة (الدوحة) وتدبير التمويل اللازم لتنمية وتطوير الأسطول من خلال خصخصة بعض الأنشطة الجوية وذلك للتغلب على ندرة التمويل وتحقيق كفاءة التشغيل والدخول في تحالفات تسويقية مع الشركات القوية في أوروبا والشرق الأوسط والشرق الأقصى وأفريقيا لتوسيع نقاط شبكة التشغيل والسعة المقعدية واعادة النظر في العمالة الحالية مع الأخذ في الاعتبار الدور الاجتماعي لشركة مصر للطيران وذلك بإعادة تأهيل هذه العمالة في وظائف جديدة وتفعيل الاتفاقيات المبرمة في إطار الكوميسا والمنظمة العربية للطيران المدني ووضع رؤية واضحة من الدولة لتطوير شبكات الطرق من وإلى مطار القاهرة بما يحول دون التكدس والازدحام وأخيرا إعادة النظر في الضرائب والرسوم المفروضة على المطارات والأنشطة التجارية غير الملاحية فيها مع الأخذ في الاعتبار الإعفاءات الضريبية والحوافز التي تقدمها الدول المنافسة في المنطقة لقطاع السياحة والطيران.

وتوضح الدراسة الصراع القائم حول تحرير النقل الجوي المصري بين أصحاب المصلحة في السياحة والمعارضين في مجال الطيران ففي الوقت الذي تطالب فيه المجموعة الأولى بحتمية وسرعة فتح مطار القاهرة الدولي أمام الجميع دون التقيد بالاتفاقيات الثنائية وبالضوابط المرتبطة بالتشغيل من معدلات التردد والحمولة وما إلى ذلك على ان تتم هذه الخطوة بالتوازي مع تطوير الشركة الوطنية وزيادة حجم أسطولها لتصبح قادرة علي المنافسة وهي الوسيلة الوحيدة (من وجهة نظرهم) لزيادة السائحين. نجد بأن المجموعة الثانية تعارض عملية التحرير الفوري والمطلق للجميع دون شروط أو تنظيم في مطار القاهرة الدولي حيث سينعكس أثرها المباشر على طلب المصريين لصالح الشركات الأجنبية التي قد تعرض أسعارا شديدة الانخفاض في ظل حصولها على دعم من حكوماتها خاصة في الخطوط الجوية التي تحقق عائدا مثل منطقة الخليج، مما يعني خروج جانب كبير من النقد الأجنبي لصالح تلك الشركات إلى جانب ما قد تترتب عليه من صعوبة تحويل مطار القاهرة الدولي إلى مطار محوري كما هو مخطط له.

وترى الدراسة بأن تطبيق السماوات المفتوحة يتيح فرصا اكبر للمسافر من خلال انخفاض الأسعار وتحسين الخدمات، أما بالنسبة للصناعة ككل فسوف يسمح بمزيد من الشفافية والمنافسة العادلة وعدم الاحتكار ومن ثم تحقيق الكفاءة. وبالنسبة للدولة فسيرفع من حجم السياحة والتجارة.

وعودة إلى قطاع النقل الجوي المصري حيث يبلغ عدد المطارات المصرية 22 مطارا (دولي ومحلي فقط ومحلي ودولي عند الطلب) تبلغ سعتها حوالي 28.3 مليون راكب سنويا من ضمنهما مطاران تم إنشاؤهما بنظام البناء والتشغيل والاستعادة (B.O.T) وهما مطارا مرسي علم والعلمين وقد بلغت حركة الركاب حوالي 23.4 مليون راكب عام 2004 حيث بلغ نصيب مطار القاهرة الدولي ما يقرب من 39.3 % من الحركة الإجمالية أما بقية الحركة فكانت في المطارات الإقليمية. ويعد بذلك مطار القاهرة الدولي من اكبر مطارات أفريقيا حجما والثاني من حيث حجم الحركة الجوية للطائرات والركاب بعد مطار جوهانسبيرغ.

وتطرح الدراسة ثلاثة بدائل أمام قطاع النقل الجوي المصري أولها استمرار الوضع الراهن بحيث لا يتم تطبيق مزيد من التحرير والاكتفاء بما تم تطبيقه في جميع المطارات من سياسة السماوات المفتوحة عدا مطار القاهرة وبذلك لن يحقق هذا البديل هدف الدولة الاستراتيجي في زيادة أعداد السائحين إلى 15 مليون سائح في عام 2011 لاستغلال الطاقة الفندقية المعروضة وجذب مزيد من الاستثمارات السياحية بما تخلقة من فرص عمل في السوق المصرية وتحقيق عوائد للمطارات الجديدة تساهم في تسديد قروض إنشائها، مما يتطلب مضاعفة كل من حكم الطائرات الموجودة في الأسطول المصري والحركة الجوية حيث يبلغ حجم أسطول مصر للطيران (37 طائرة) تنقل حوالي مليوني سائح ولا تستطيع ان تنقل مزيدا من الركاب (حوالي 5 ملايين سائح) كما ان حصة الشركات المحلية الخاصة حوالــي (18 طائرة) وتعمل في جداول غير منتظمة تنقل حوالي مليون سائح. اما بقية السائحين وعددهم 5.8 مليون سائح فتنقلهم الشركات الأجنبية العاملة في مصر والبالغ عددها 45 شركة في إطار 122 اتفاقية نقل جوي ثنائية من خلال خطوطها المنتظمة وغير المنتظمة بالإضافة لرحلات الشارتر في مناطق الجذب السياحي. وحيث ان مضاعفة الحركة في ضوء محدودية الأسطول الوطني يترتب علية انخفاض كفاءة التشغيل وسوء الأداء إلى جانب عدم تحقيق متطلبات الأمان، فيصبح أمرا مرفوضا، كما ان زيادة حجم الأسطول يستلزم زيادة التمويل والذي يحتاج بدوره إلى توافر موارد يصعب تحقيقها ذاتيا كما لن يقبل بتحميل عبئها على ميزانية الدولة وتظهر بعض التحفظات على هذا البديل، وهي عدم الاستغلال الأمثل للمطارات المزمع إنشاؤها والجاري تحديثها وانخفاض حصيلة الرسوم المتوقعة للدولة من نمو الحركة في المطارات والحرمان من الضرائب الممكن تحصيلها من الأنشطة المساعدة في حالة انخفاض هذه الحركة وضعف حصيلة النقد الأجنبي من انخفاض أعداد السائحين المتوقعة.

أما البديل الثاني فيتمثل في تطبيق سياسة السماوات المفتوحة في مطار القاهرة. وقد أكدت دراسة حديثة قام بها فريق من الخبراء في منظمة السياحة والسفر الدولية إمكانية مضاعفة أعداد السائحين في مصر في حالة تطبيق هذا البديل خلال الفترة من 2005 إلى 2008 ويرجع سبب اختيار هذه الفترة لتزامنها مع التوسعات التي ستحدث في البنية الأساسية في قطاع الطيران مما سينعكس علي السوق المصرية فتصبح اكثر تنافسية في المنطقة وتحقق مزيدا من الجذب السياحي. وقد تنبأت الدراسة بأن فتح سماء مطار القاهرة سوف يؤدي عام 2011 إلى زيادة الطلب السياحي على مصر بنحو 6% ويحقق زيادة في الناتج القومي الاجمالي حوالي 1.9% يصل نصيب قطاع السياحة فيه إلى 8.8% وبمعدل نمو يقترب من 6.2% وسوف ترتفع الاستثمارات بما يقرب من 18.2 % وستتوافر فرص للعمالة المباشرة في قطاع السياحة بنحو 7% وغير المباشرة في الاقتصاد ككل بحوالي 13.3% .