الأسهم السعودية تتهيأ لـ«سد بعض الفجوات»

قبل تعويض الخسائر

TT

تباشر سوق الأسهم السعودية اعتبارا من تعاملات اليوم، تهيئة نفسها لسد بعض الفجوات التي نتجت بفعل الانهيارات المتتالية للأسعار على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، وذلك قبل أن تسلك مسار تعويض الخسائر الذي تشير كل المؤشرات إلى أنها قريبة منه أكثر من أي وقت مضى.

ويأتي ذلك بعد أن قفز مؤشر السوق عاليا في تعاملات الجلسة الثانية، ليكسب 706.34 نقطة أو ما يعادل 4.74 في المائة صعودا إلى 15606.38 نقطة، بعد أن كان على طريق هاوية مظلمة في تعاملات الصباح. وبلغ إجمالي تعاملات السوق أمس 33.7 مليون سهم، بقيمة إجمالية تقدر بـ 15.6 مليار ريال (4.1 مليار دولار)، إثر تنفيذ 183.2 ألف صفقة بيع وشراء.

وجاء صعود السوق كما هو متوقع، بفعل نجدة رسمية قادها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي أصدر عددا من التوجيهات العاجلة قبيل بدء تعاملات الجلسة المسائية، ما أدى بالتالي إلى انتشال السوق، بعد أن عجزت الإجراءات التي أصدرتها الجهات المختصة بسوق الأسهم عن فعل ما يجب فعله لوقف الانهيار التاريخي. وكانت سوق الأسهم قد رسمت بنهاية تعاملات أمس الأول هدفا يمثل نهاية الانهيار، وهو الهدف الذي تعرض للطمس خلال تعاملات أمس، ما استدعى بالتالي التجاوب الرسمي مع إشارات استغاثة السوق التي ظلت تطلب النجدة منذ مطلع الأسبوع الحالي.

وحسب الوضع الحالي لسوق الأسهم السعودية، فإنها موعودة بحالات تراجع تصحيحية لتجسير بعض الفجوات التي تم كشفها بفعل الانهيارات الأخيرة، وستعود بعد ذلك للصعود مجددا لتعويض الخسائر الهائلة التي مني بها المضاربون والمستثمرون على السواء.

ومن المتوقع أن تتجاوب السوق مع النجدة الرسمية التي حصلت عليها أمس وأمس الأول، لتنهي مسلسل الانهيار الذي واجهته منذ الثلث الأخير من تعاملات فبراير (شباط) الماضي، وهو ما يعني أن على المتعاملين قراءة كل هذه التحركات بشكل سليم، وأن تتضاعف ثقتهم بالموقف الرسمي الذي يجري اتخاذه لمصلحة سوق المال.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» إبراهيم السبيعي عضو مجلس إدارة بنك البلاد، وهو أحد أبرز رجال الاقتصاد في السعودية الذين يعول عليهم كثيرا في انتشال السوق من مواقع الخطر، أن السوق في وضع مطمئن، لكنها لن تصعد إلا بشكل تدريجي، بعد سد الفجوات التي خلفتها الانهيارات الماضية.

وقال إنه ينصح صغار المستثمرين باللجوء في الفترة الحالية لصناديق الاستثمار التي تديرها البنوك، لضمان تقليص حجم المخاطر، التي قد تتعرض لها أموالهم، وحتى لا يتكرر تعرضهم للخسائر.

في هذه الأثناء أوضح لـ«الشرق الأوسط» جار الله الجار الله، وهو محلل فني متخصص في قراءة مؤشرات السوق، أن الأسهم السعودية لا تحتاج حاليا إلى ما هو أكثر من تسديد بعض الفجوات لركوب المسار الصاعد الذي لن يشمل كافة الأسهم.

وبين في هذا الخصوص أن الأسهم القيادية، المعروفة بمتانتها في السوق، موعودة بتسجيل أسعار كافية لتعويض الخسائر، ومن ثم البدء في تحقيق أرباح مجزية لملاكها خلال التعاملات المقبلة.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» يوسف قسطنطيني المدير التنفيذي لمركز خبراء البورصة في الرياض، أن سوق الأسهم التي كانت تسير إلى الهاوية لم ينقذها سوى التحركات التي تجري على أعلى مستوى في الدولة.

وبين أن الأسعار الحالية مغرية جدا للشراء على اعتبار أن السوق تتجه لركوب مسار صاعد، قد تتخلله بعض محاولات جني الأرباح والتراجعات التصحيحية التي يجب ألا يقلق منها المتعاملون خلال الفترة المقبلة على اعتبار أن ذلك جزء من الحالة الصحية لأي فك قيد الأسهم الى ذلك تنتظر سوق الأسهم السعودية قرارات عاجلة لفك قيدها الذي تسبب في شللها خلال الفترة الماضية، وهو القيد الذي صنعته إجراءات تقليص نسبة التذبذب بعد فترة قصيرة من قرار إلغاء وحدة التغير بأجزاء الريال. وبات من الضروري حاليا العمل بأجزاء الريال على أن تكون وحدة التغير عشر هللات بدلا من ريال كامل (الريال يساوي 100 هللة)، وهو الإجراء الذي سيعطي الأسعار مساحة تحرك أوسع بكثير من المساحة المتاحة حاليا، أو على الأقل العودة للعمل بأجزاء الريال السابقة.

ولتوضيح الصورة، فإن سعر سهم أي شركة عندما يكون عند 500 ريال مثلا، فإن فرصة تحركه حسب النظام الحالي، لا تتجاوز 25 خطوة، من 500 ريال إلى 525 ريالا صعودا أو إلى 475 ريالا هبوطا، فيما إذا تم العمل بأجزاء الريال المقترحة، وهي (10، 20،30، 40، 50، 60، 70، 80، 90، و100 هللة) ستضاعف عدد الخطوات إلى 250 خطوة بدلا من 25 خطوة.

ومن شأن العمل بهذا الاقتراح تقليص عدد الشركات التي ما تلبث السوق دقائق في تعاملاتها حتى تصل إلى ذراها، خاصة أن التعاملات الماضية، أثبتت أن قرب المسافة بين نقطة الصفر (الإقفال السابق) ونسبة التذبذب القصوى قصيرة جدا، ما أدى بالتالي إلى تقليص حجم التداولات، ومن ثم شلل السوق.

يشار إلى أن نسبة التذبذب القديمة وهي 10 في المائة مع وجود أجزاء الريال السابقة (25، 50، 75، 100 هللة)، كانت تعطي على سبيل المثال لسهم الشركة الذي تساوي قيمته السوقية 500 ريال 200 خطوة على اعتبار أن نسبة التذبذب كانت تسمح بالصعود أو الهبوط 50 ريالا وفي كل ريال أربع خطوات، تم تقليصها بفعل إجراءات هيئة سوق المال إلى 25 خطوة فقط لبلوغ النسبة القصوى للتذبذب حاليا.