سوق الأسهم الإماراتية تستبق حزمة الإجراءات التنظيمية بانتعاش حذر

وسط مطالبات بإعطاء العلاج المنتظر فرصة للتفاعل

TT

استبق سوق الاسهم الاماراتية حزمة من الاجراءات التنظيمية المنتظرة والتي بدأت باعلان الشيخة لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد عن مراجعة الاكتتابات الجديدة، ليستجيب بحذر لاعلان الوزيرة الاماراتية بشأن الاكتتابات التي اتفق معظم المحللين على انها كانت من بين ابرز الاسباب التي ادت الى تراجع السوق في الفترة الاخيرة. ومع انه لم يرشح شيء عن الاجتماع الذي عقدته الوزيرة مع اركان سوقي ابوظبي ودبي الماليين الا ان مجرد الاعلان عن الاجتماع كان كافيا لاحداث انتعاش في الاسواق من حيث معدلات الاسعار التي وصلت اسعار بعضها الى الحد الاقصى للارتفاع او لجهة احجام التداول. وكان سهم اعمار القيادي اكثر الاسهم تداولا فيما وصلت اسعاره الى اكثر من 17 درهما في مرحلة من مراحل التداول قبل ان يعاود السهم الانخفاض الى 15.2 درهم. وكان السهم قد وصل الى ادنى مستوياته أمس الاول عندما تراجع الى حوالي 13 درهما. وفي ظل حالة عدم اليقين التي لاتزال السوق الاماراتية تعيشها قال محللون «ان السوق لا يمكن ان تستعيد عافيتها اذا استمرت حالة الهلع المسيطرة على المتعاملين»، وقال فوزي الصبيح الخبير المالي الكويتي والعضو المنتدب لشركة نور كابيتال الاماراتية إن «الاستجابة القوية التي ابداها السوق امس للجرعة الاولى من حزمة الاجراءات التنظيمية تظهر ان ما يعانيه السوق ليس خللا بنيويا وانما حالة من فقدان الثقة»، وطالب بان تأخذ أية اجراءات تنظيمية شكل (كورس علاجي متكامل لا ان تكون الاجراءات ترقيعية تفاقم من حالة الارتباك التي تسود اوساط المتعاملين) واكد الصبيح ان احدا لا يريد التدخل الحكومي في السوق، وان هناك اتفاقا من قبل الجميع على ان مثل هذا التدخل سيكون ضارا على المدى البعيد، واضاف «ما يريده السوق هو الشفافية في الاداء والحزم في الرقابة والتنظيم»، وقال يجب ان نعطي لفترة العلاج مداها اللازم زمنيا، حيث ان هناك وقتا يتعين انتظاره حتى يتفاعل العلاج، مشيرا الى ضرورة ان تتزامن مع ذلك عملية توعية لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي سادت خلال فورة الاسعار الاخيرة.

في غضون ذلك وصف مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي يعبر في العادة عن رأي النخبة التراجع السريع في أسواق الاسهم الخليجية بأنه لم يكن أمرا مفاجئا.

وقال المركز في تقرير له امس «ان هذا الامر كان متوقعا بعد أن حققت مؤشرات الاسواق مستويات قياسية متجاوزة المستويات الحقيقية لأسهم الشركات المدرجة بمعدلات غير طبيعية تجاوزت في كثير من الحالات 20 ضعفا من قيمتها الدفترية بل وتجاوز مجموع قيمة الأسهم المطروحة حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج الست مجتمعة والمقدر بنحو 550 مليار دولار بينما كانت قاعدة المستثمرين والمضاربين تتسع باطراد متجاهلة لأبسط الأبجديات الاقتصادية والاستثمارية التي تحكم عملية تقييم الأسهم طمعا في جني المزيد من الأرباح.

واضاف ان هذه المبالغات ظلت تنفخ في هذا السوق طيلة الفترة الماضية من خلال مبررات غير واقعية يروج لها المضاربون في ظل محدودية الوعي الاستثماري وعدم وجود جهات متخصصة ومحايدة تفصح عن الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة.

وأشاد المركز بما وصفه بالحركة التصحيحية التي تشهدها سوق الأسهم الخليجية حاليا ووصفها بأنها صحية ومطلوبة قد تستمر خلال الأسبوعين المقبلين على الأقل.. داعيا الحكومات الخليجية الى عدم الاستجابة للمطالبات المتصاعدة بالتدخل للتأثير في مجريات السوق، إذ أن أي تدخل حكومي مباشر للتأثير في الأسعار قد تكون له آثار سلبية سيئة على المدى البعيد وقد يطيل فترة التصحيح، بل يجب على هذه الحكومات أن تسعى إلى تحرير أسواق الأسهم وتعزيز الشفافية والإفصاح وتقويض مفاهيم المضاربة المسيطرة على البورصات المالية وإيجاد وساطة مالية ذات كفاءة عالية وقادرة على الابتكار والمنافسة والتجاوب السريع مع المتغيرات.

وشدد المركز على أن الواقع الذي يمر به سوق الأسهم الخليجية حاليا يفرض حاجة ملحة لإفساح المجال أمام آلية السوق لتعمل عملها في شفافية تامة وهي كفيلة وحدها بأن تعود بهذا السوق إلى رشده، مشيرا الى أنه رغم أن ذلك سيكون مؤلما لشريحة كبيرة من المستثمرين خاصة الصغار والهواة منهم إلا أنهم سيتلقون في المقابل درسا مهما يتأكد للجميع من خلاله أن إغراء الأرباح الكبيرة علامة تحذير وليس علامة تشجيع للمشاركة في سوق لا يقبل المتعاملون فيه أية إشارة إلى إمكانية هبوط الأسهم ويعتبرون الصعود المتواصل في الأسعار أمرا طبيعيا بل ان البعض يجادل بأن أوضاع هذا السوق استثنائية ولا يمكن إخضاعها لحسابات المنطق الاقتصادي الرشيد، وها هو المنطق نفسه يعود ليفرض آلياته على الجميع فهلا أفسحنا له المجال في التعاملات.