الأسواق التركية بانتظار قروض دولية كبيرة

TT

أنقرة ـ رويترز: في معرض وصفها للموقف الراهن للاقتصاد التركي الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة قالت صحيفة «فينانشال فوروم» التركية ان نصف كوب اقتصاد البلاد فقط مملوء بالمال. فقد ترك اعلان كمال درويش وزير الدولة لشؤون الاقتصاد في تركيا في عطلة نهاية الاسبوع عن خطة انقاذ اقتصادية طال انتظارها الاسواق تتجرع كأس عدم اليقين لايام أخرى قبل ان يملأ مقرضون اجانب كوب الاقتصاد التركي عن اخره بقروض قيمتها مليارات الدولارات وهو الامر الذي تعتبره البلاد أمرا مفروغا منه.

ويبدو ان درويش لا تساوره شكوك في ان تلك الاموال ستتدفق على بلاده هذا الاسبوع وفي ان تتراوح قيمتها بين عشرة مليارات و12 مليار دولار. وقال درويش «يحدوني أمل كبير في الا تعترضني اي صعوبات كبيرة».

الا ان التعليقات المبكرة على تلك التطورات جاءت مفعمة بالحذر والضجر. فقد انتقد عثمان اولاجاي كاتب العمود الاقتصادي في صحيفة ميليت اليومية عجز درويش عن تحديد اي مستوى مستهدف لسعر عملة البلاد الوطنية التي هوت بأكثر من 50 في المائة تقريبا. وتسبب هذا الهبوط الحاد في قيمة الليرة في صعود اسعار الواردات وفي تفشي حالة عدم اليقين والصفقات المجمدة في شتى قطاعات الاقتصاد التركي.

وكتب اركان كومكو المسؤول الكبير في البنك المركزي التركي في صحيفة حريت قائلا «الاعلان عن احتمال ضماننا الحصول على دعم أجنبي قيمته 12 مليار دولار سيهدئ من روع الاسواق. الا ان حل المشكلات التي يعانيها قطاع الصناعات التحويلية الذي يدير عجلات الاسواق المالية سيستغرق وقتا».

وكان درويش وهو مصرفي تركي سابق في البنك الدولي استدعاه رئيس الوزراء التركي بولنت أجويد في فبراير (شباط) بعد ان عصفت الازمة الاقتصادية بالاسواق قد أعلن خطته لانتشال تركيا من وهدة تلك الازمة أمس الأول.

واستعرض درويش منطقه في علاج الازمة الاقتصادية التركية خلال مؤتمر صحافي جرت ادارته بثقة وعج بمجموعة كبيرة من الرسوم التوضيحية والبيانية التي ترسم التوقعات المستقبلية والتي أظهرت ان التراجع الذي يعانيه الاقتصاد التركي لن يؤدي بالبلاد الى دهاليز الافلاس.

وتستند خطة درويش على بندين رئيسيين. فسوف تتخذ تركيا اجراءات طالب بها مقرضون مثل صندوق النقد الدولي منذ فترة طويلة لتقييد الانفاق الحكومي. وسيترافق مع هذا الامر حصول البلاد على قروض أجنبية جرى الاتفاق عليها مع فريق من صندوق النقد الدولي موجود في تركيا الان للمساعدة في اصلاح القطاع المصرفي ولتغطية عمليات سداد الديون الثقيلة الوطأة التي اقترب اوانها لهذا العام.

وألمح صندوق النقد الدولي الى امكانية مضيه قدما في الافراج عن ما يصل الى 25.6 مليار دولار وهو المبلغ المتوقع في اطار خطة لمكافحة التضخم يدعمها الصندوق وابتلعتها الازمة.ومن الممكن ايضا ان يفرج البنك الدولي عن خمسة مليارات دولار جرى الاتفاق عليها في العام الماضي.

ويسعى درويش الى الحصول على قروض جديدة من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. الا ان اي قروض ستكون مشروطة باصلاحات قانونية أظهر سياسيون تباطؤا ملحوظا في تنفيذها. ويتعرض البرلمان الان لضغوط لم يشهدها من قبل.فقد وافق على 15 مشروع قانون طالب بها درويش ومن بينها موافقته في اطار الميزانية على معالجة خسائر بنوك الدولة واصلاح قطاع الكهرباء وعلى مشروع قانون بشان تسعير السكر.

ويتحاشى درويش بشكل واضح اي خطوات كبيرة فيما يتعلق بزيادة العائدات الحكومية من خلال فرض ضرائب بصورة تؤدي الى المزيد من عرقلة التجارة وتفاقم الاحوال المعيشية لعامة الناس وهو التفاقم الذي اشعل احتجاجات فعلا. ويجادل درويش بانه يتعين عليه اقناع الرأي العام الذي نادرا ما تمتع في الماضي بقوة في مجال صنع السياسات التركية.

ونظم عشرات الالاف احتجاجات خلال عطلة نهاية الاسبوع ضد ارتفاع اسعار السلع بدءا من المواد الغذائية وحتى البنزين وضد البطالة والازمة التي تحيق بتركيا منذ ان أطلق أجويد العنان لها اثر تفاقم خلافه العلني مع الرئيس احمد نجدت سيزر منذ شهرين.

وفي غياب عائدات جديدة للحكومة من الضرائب فان درويش سيخفض الانفاق العام ليحقق الهدف الرئيسي من السياسات المالية التي يتبناها والمتمثل في زيادة الفائض الرئيسي للقطاع العام الى ما يعادل 5.5 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي هذا العام من 8.2 في المائة في عام 2000.