شركات النقل البري تطالب وزارة العمل بمنحها تأشيرات سائقي النقل الثقيل أو توفير سعوديين

مع تزايد الخسائر وبوادر أزمة تنذر بتقلص عمليات نقل التموين بالوقود والبضائع

TT

تواجه قطاعات خدمية واسعة النشاطات من محطات الكهرباء والوقود والمستشفيات والموانئ السعودية أزمة مقبلة تنذر بتقلص عمليات نقل التموين بالوقود والبضائع وربما توقفها نظرا لإجراءات المنع التي تمارسها وزارة العمل السعودية بحجة سعودة القطاع، مما أدى إلى تناقص أعداد سائقي تلك الناقلات التي تعتمد عليها شركات النقل البري، وهو ما حدا بشركات سعودية كبرى عاملة في هذا القطاع بالمطالبة بفتح المجال أمامها في توفير عمالة أجنبية ومنحها تأشيرات عمالية تسمح لها بتشغيل أساطيلها التي يصل أعدادها بالآلاف وتصل الاستثمارات فيها إلى أكثر من عشرة مليارات ريال (3 مليارات دولار).

وتأتي تلك المطالبات اثر توقف أعداد كبيرة من الناقلات عن العمل، الأمر الذي ادى الى تسجيل تلك الشركات خسائر مالية فادحة بعد أن مارست وزارة العمل السعودية ضغوطا عليها لعملية التوطين لمنسوبيها، الأمر الذي لم ترفضه تلك الشركات بل ترحب به وتطالب الوزارة بتوفير تلك العمالة السعودية التي تستطيع تشغيل تلك الأساطيل، مؤكدة على عدم استطاعة مكاتب العمل الحكومية توفير السائقين المطلوبين من السعوديين مما يقوي حجتها في طلباتها.

مشيرة في الوقت نفسه الى ان المنع سمح للعديد من الشركات غير السعودية بالعمل مستفيدة من الأزمة وهو ما يتناقض مع حملة «السعودة»، في وقت نفت فيه وزارة العمل إجراء أي دراسات حول الوضع ومطالبة شركات النقل بوضع حوافز للسائقين. وقال محمد البسامي، الذي تستقطع شركته الحصة الأكبر في نقل السيارات عبر الخطوط البرية داخل السعودية وفي الخليج، ان شركته سعت وعلى مدى عقد من العمل في النقل البري على تأهيل كوادر سعودية في هذا القطاع، وفعليا استطاعت المجموعة تخريج العديد من تلك الكوادر العاملة في القطاع الإداري للنقليات حيث توزعت بعضها على شركات أخرى والبعض لا يزال يمارس عمله لدى المجموعة.

وأفاد البسامي ان الشركة لا تزال لديها الرغبة في تأهيل العديد من الشباب السعودي، مبينا انها تواجه عقبات اجتماعية لدى الشباب وانعدام الرغبة في الالتحاق بتلك الأعمال الميدانية الصعبة، وخاصة قيادة السيارات الثقيلة والناقلات.

وأكد البسامي ان قطاع النقل يعاني من ذلك ويجب إعفاؤه وتخفيف إجراءات الضغط عليه في قضية «السعودة»، بالرغم من «أننا مستعدون لقبول أي كوادر سعودية تعمل في قيادة النقليات ولدينا الوظائف بالمئات وبرواتب تعتبر إيجابية، ولكن الالتزام هو الفاصل في العمل خاصة ونحن نرتبط بمواعيد وتحركات منتظمة مع شركات وضعت جداول عملها على نقليات تتم عن طريق مواعيد عملنا وتحركات أساطيلنا البرية». وأشار البسامي إلى أن العديد من الشركات بدأت تسجل خسائر في أعمال التشغيل وتوقفت المئات من الناقلات عن العمل، الأمر الذي يؤثر على سوق العمل سلبيا في ظل عدم تشغيل طواقم عمل نقل بري كامل خاصة مع زيادة النمو والحركة الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد.

وقال البسامي إن هذا الرفض من قبل الشباب وعدم دراسة الوضع من قبل وزارة العمل، أصبح فرصة لدخول شركات أجنبية وناقلات غير سعودية بقيادة غير سعوديين إلى السعودية، الأمر الذي جاء معاكسا لتحركات وزارة العمل في «سعودة» وظائف السائقين وزاد من حجم تلك العمالة الاجنبية بحجة تغطية الطلب على السوق، بالرغم من قدرة الشركات العاملة على تغطية ذلك الطلب.

من جهته، قال خالد السيف، مدير مؤسسة سليمان السيف للنقليات، إن مكاتب العمل دأبت على تضييق الخناق على الشركات العاملة في قطاع النقل البري من أجل توفير سائقين سعوديين يعملون في مجال النقل الثقيل وهم غير متوفرين حتى الآن مما يضر بشركات عديدة تعمل في هذا القطاع. وأكد السيف الذي تملك شركته أكثر من 1200 شاحنة نقل ونقل مبرد الى ان تلك الاجراءات وإيقاف منح التأشيرات لسائقي النقل الثقيل تسبب في خسائر كبيرة لهذا القطاع حيث أصبحت الشركات ترفض قبول عملاء جدد برغم توسع السوق ونموه، وهو ما فسح المجال لشركات غير سعودية وأفراد غير سعوديين، وهو ما يضر بالشركات ويسجل اختراقا أمنيا كانت الشركات الرسمية والمعروفة في السوق تهتم له كثيرا. وقال السيف إن نسبة 95 في المائة من العاملين في قطاع النقل هم من السائقين ويصعب في الوضع الحالي توظيف 75 في المائة من السعوديين لأن ما هو معروض هي الوظائف الادارية التي تمثل 5 في المائة والتي يقبل عليها السعوديون ويرفضون العمل كسائقين ولا تستطيع مكاتب العمل التابعة لوزارة العمل توفير السائقين، وهو الأمر الذي سبب خسائر وسيهدد سوق النقل السعودي بخسائر اضافية.

وأعرب السيف باسمه والعاملين في قطاع النقل عن استعدادهم توفير نحو عشرة آلاف وظيفة سائقي نقل ثقيل متوفرة على ناقلات تعمل في هذا القطاع اذا كانت لدى الوزارة كوادر سعودية للعمل فيها في الوقت الحاضر والامر الآخر فتح المجال أمام القطاع في تسيير أعماله عبر منحه تأشيرات سائقي نقل ثقيل من الخارج.

على صعيد آخر، قال محمد المحسن، رئيس مجموعة المحسن للنقليات التي تتخصص في النقل البترولي بين ارامكو ومحطات الوقود ومحطات الضخ الكهربائي، إن ازمة نقلات البترول والنقل الثقيل تهدد بأزمة أكبر ستشمل قطاعات خدمية مهمة، منها محطات الكهرباء ومحطات الوقود داخل المدن وعلى الطرق السريعة اضافة الى قطاعات خدمية اخرى من مستشفيات ومراكز خدمية عديدة لعل ابسطها نقل المياه وبالتالي ستتقلص خدماتها بسبب قلة السائقين بعد أن مارست وزارة العمل ضغطا غير مسبب في «سعودة» وظائف السائقين.

وأكد المحسن انهم طالبوا الجهات المعنية مرارا بتوفير تلك العناصر او العمل على منح تأشيرات عمالية للسائقين، ولكن لم يحدث تطور حتى الآن. وشدد المحسن على دعم عملية «السعودة»، مطالبا بتوفيرها شريطة الالتزام بالشروط المرعية.

وقال المحسن ان الوضع سيتأزم وستعاني الموانئ من تكدس في البضائع، والقطاعات الاخرى ستصلها المشكلة التي بدأت في التفاقم، خصوصا مع قيام شركات النقل الثقيل بوقف شاحناتها تدريجيا لعدم وجود السائقين. كما ان شركات الخدمات او النقل بدأت تسجل خسائر مما يهدد هذا السوق والعاملين فيه ما لم تتحرك الجهات المسؤولة لإيجاد الحل بفتح التأشيرات لشركات النقل لتلافي «مشكلة قادمة». من جهتها، قالت وزارة العمل على لسان وكيل الوزارة للشؤون العمالية، احمد الزامل، إن السوق مفتوح للجميع وان قطاعات النقل البري يجب ان تضع الحوافز لجذب العمالة الوطنية أو إنشاء معاهد تدريب لقائدي الشاحنات. وقال في رد على سؤال حول المنع الذي تفرضه الوزارة مما أفسح المجال أمام شركات وأفراد غير سعوديين من دول مجاورة للعمل في سوق النقل وهو ما يتناقض مع رسالة الوزارة، إنه لا يوجد مانع من إصدار تأشيرات سائقي نقل للمنشآت السعودية وغير السعودية لمن توجد لديهم تراخيص ويجب على الشركات التقدم لمكاتب العمل، نافيا في الوقت نفسه نية الوزارة عمل دراسات لبحث هذه المشكلة.

مشيرا في الوقت نفسه الى ان السوق مفتوح، والأمر يتطلب المنافسة وليس هناك من مساواة للقطاعات، وان بعض القطاعات وصلت فيها «السعودة» الى 85 في المائة، لكنه لم يوضح نسبة السعودة في هذا القطاع.

على الصعيد ذاته، أشار البسامي في رده على الوزارة الى ان مجموعته أقامت مركز تدريب للسائقين السعوديين، «ولكنه للأسف لم يتقدم الينا أحد، ومكاتب العمل لم تحول لنا أي متدرب».