الأمير عبد الله بن عبد العزيز: لا بد من سياسات تعزز استفادة الدول العربية من التغيرات الاقتصادية العالمية

العساف في اجتماع الهيئات المالية العربية في الرياض: المطلوب تعاون الجميع لتطوير آليات العمل الاقتصادي العربي المشترك

TT

أكد الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني السعودي في كلمة القاها نيابة عنه الامير سلمان بن عبد العزيز امير منطقة الرياض خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماعات المشتركة للهيئات المالية العربية ان الدول العربية تشابكت مصالحها وتعاظمت فيها التحديات التي تواجه اقتصاداتها بعد تزايد وتيرة الانفتاح الاقتصادي، فقد نمت معدلات التجارة الدولية واتسعت الاسواق امام المنتجين والمستثمرين وتهاوت الحواجز الجمركية. واعتبر الامير عبد الله ان هذا يلقي اعباء على الاقتصادات العربية ويتطلب منها اتخاذ السياسات الملائمة التي تمكنها من الاستفادة من ايجابيات هذه التحولات والعمل بقدر الامكان على تلافي سلبياتها، مشيرا الى ان السعودية تشارك باهتمام في العمل الاقتصادي العربي المشترك.

ومن جانبه قال ابراهيم العساف وزير المالية السعودي (محافظ الدولة المضيفة) في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماعات ان العمل الاقتصادي العربي المشترك يمر بمرحلة حاسمة في ظل تغيرات اقتصادية دولية كبيرة تتسم باشتداد المنافسة وبروز ظاهرة التكتلات الاقتصادية حيث تتطلب هذه المرحلة تعاون الجميع لتطوير آليات هذا العمل للوصول الى تكتل اقتصادي عربي له مكانته على الساحة الاقتصادية العالمية. واكد ان من ابرز مشروعات التعاون الاقتصادي العربي المشترك العمل الجاري حاليا لاقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بما ستؤدي اليه من زيادة لحجم التبادل التجاري بين الدول العربية وتوسيع حجم السوق امام منتجاتها ومن ثم تحسين فرص نفاذها للاسواق العالمية وتقوية الموقف التفاوضي العربي سواء في اطار منظمة التجارة العالمية او مع التكتلات الاقتصادية الاخرى. واشار الى ان بلاده قامت خلال العامين الماضيين بتطوير الانظمة وتبسيط الاجراءات لتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية، مبينا انه تم الاعلان عن عدد من المبادرات ومنها انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى وانشاء الهيئة العامة للاستثمار وانشاء الهيئة العليا للسياحة واقرار نظام جديد لاستثمار رأس المال الاجنبي واقرار نظام تملك العقار لغير السعوديين الى جانب اجراء دراسة حالية لنظام ضريبي يهدف الى التعامل مع الضرائب بوصفها اداة لحفز النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار. وكشف ان الاجراءات الخاصة باصدار نظام السوق المالية قد قطع شوطا كبيرا حيث سيكون من ابرز سمات هذا النظام توفير عنصر الشفافية والتحديد الدقيق للمتطلبات التي يجب توفرها في المتعاملين في السوق وفي الشركات المدرجة اسهمها في السوق. واكد انه كان لهذه المبادرات، اضافة الى تحسن السوق البترولية، اثر ايجابي على اداء الاقتصاد السعودي حيث نما الناتج المحلي الاجمالي خلال العام الماضي بنسبة 5.15 في المائة بالاسعار الجارية و11.4 في المائة بالاسعار الثابتة. كما استعرض الوزير العساف اسهامات الهيئات المالية العربية في مشروعات التنمية في الدول الاعضاء حيث بلغ اجمالي ما قدمته هذه الهيئات من تمويل وتسهيلات نحو 4.15 مليار دولار.

وقال الوزير العساف في تصريح صحافي محدود ان اعمال اجتماعات يوم امس شمل لقاء لمحافظي الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي حيث تمت مناقشة تقرير معد من لجنة الخبراء متضمنا استراتيجية الصندوق للفترة المقبلة على ان تركز على المشاريع التي تحد من الفقر ومشاريع التعليم وبالذات التعليم الفني فيما فتح الصندوق نافذة جديدة لتمويل مشاريع القطاع الخاص من دون ضمانات من الحكومات وبالفعل تمت الموافقة على تمويل مشروع واحد حتى الان، وتتم دراسة مشاريع للقطاع الخاص، بينها عدد من شركات القطاع الخاص في السعودية.

واوضح الوزير العساف ان الاجتماع الاخر الذي عقد يوم امس كان لمجلس المؤسسة العربية لضمان الاستثمار حيث تم بحث تقرير حول الاسلوب الامثل لزيادة الموارد المالية للصندوق بواقع 100 مليون دولار وتمت مناقشة احد الخيارات التي تسند هذه المهمة الى الصناديق الاخرى وهو ما سيتم بحثه لاحقا للتعرف على وجهة نظر هذه الصناديق.

وقال العساف في اجابة على مدى وجود خطوات تمنع اي فساد اداري في هذه الصناديق وذلك بعد مرور صندوق النقد العربي بمثل هذه التجربة خلال فترة السبعينات قال انه لا يوجد فساد وانما حدثت قضية واحدة لمدير الصندوق وقد بدأت ملاحقة المعنيين بالامر في كافة الدول الموجودين فيها وتم استرداد بعض تلك المبالغ بعد ان نجح المحامون في احضار بعض المتهمين الى دولة المقر وهي الامارات العربية المتحدة.

وفي اجابة لسؤال حول رأي الدول الخليجية الثلاث الاكثر مساهمة في هذه الصناديق وهي كل من السعودية والكويت والامارات في تعزيز القدرات المالية لهذه الصناديق وتقليل اعتمادها بالتالي على تمويل هذه الدول لها قال ان السعودية تعد اكبر مساهم في اربعة من هذه الصناديق العربية وهي ثاني اكبر مساهم في الصندوق الخامس وهو الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي، فيما اشار مأمون ابراهيم حسن مدير عام مؤسسة لضمان الاستثمار لـ«الشرق الأوسط» ان الاجتماع ناقش اعادة هيكلة المؤسسة، وتوسيع دائرة عملها لتشمل تأمين الصادرات العربية للدول الخارجية.

ومن جانبه قال وزير المالية الكويتي الدكتور يوسف حمد آل ابرهيم في تصريح صحافي على هامش الافتتاح ان هذه الاجتماعات لا دخل لها بالعامل السياسي ولا بالموقف الكويتي من المشاركات العراقية بل لها علاقة بتأدية التزمات هذه الدول تجاه الصناديق المشتركة والتي تتحدد على اساسها استمرارية دعوة تلك الدول للمشاركة في اعمال الصندوق.

واوضح انه من خلال نظرة سريعة على ميزانية تلك المؤسسات الخمس نرى انها كونت لنفسها احتياطات جيدة وبعضها استطاع مضاعفة رأسماله لاكثر من مرتين وهو ما يدعم استمرارها وتطوير ذاتها، ويقلل اعتمادها على الدول الخليجية الفاعلة في هذا المجال.

يشار الى ان الاجتماعات ليوم امس شهدت كذلك الاجتماع السنوي لمحافظي صندوق النقد العربي فيما ستتواصل اليوم اعمال هذه اللقاءات من خلال عقد الاجتماع السنوي لمجلس محافظي المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا الذي يتوقع ان يناقش التوصية التي رفعها قادة الدول العربية في قمتهم الاخيرة في العاصمة الاردنية من اجل توسيع عمل الصندوق الذي يشمل حاليا 43 دولة افريقية غير عربية ليشمل اربعا من الدول العربية الافريقية ذات معدلات النمو الاقتصادي القليل فيما احمد العبد الله العقيل رئيس مجلس ادارة المصرف في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان هذا الامر يخص محافظي المصرف، فيما اكدت مصادر مقربة من المصرف ان هذا الامر لن يكون عمليا وهو يحمل طابعا سياسيا اكثر من طابعه الاقتصادي حيث ان تلك الدول العربية المعنية لديها مصادر تمويل عربية ومن الافضل حصر مجال عمل المصرف على الدول الافريقية غير العربية وذلك من اجل تحقيق اهدافه الاساسية والتي تمخضت عن منعطف سياسي واقتصادي تمثل في اتجاه اسرائيل بعد عام 1973 لاكتساب تأييد الدول الافريقية من خلال تقديم مساعدات لها.

يشار الى ان اجتماعات يوم امس اشارت الى عدد من التحديات التي تواجه الاقتصاديات العربية ومنها ضعف مرونة الهياكل الاقتصادية على التكيف مع متطلبات التنويع واعادة الهيكلة وضعف القدرة على النفاذ الى اسواق جديدة عدا عن المنافسة في الاسواق الكبرى كما ان نسبة 70 في المائة من صادرات الدول العربية هي سلع اولية ولا تتعدى نسبة الصادرات المصنعة من اجمالي الصادرات العربية عن 8 في المائة فيما لا تتجاوز نسبة التجارة البينية عن 9 في المائة من اجمالي الصادرات العربية.

كما اشتكى عدد من المتحدثين في افتتاح الندوة من ارتفاع حجم المديونيات الداخلية والخارجية في الدول العربية حيث تحصل الاولى على 219 مليار دولار فيما تتعدى الثانية 156 مليار دولار اي حوالي 58 في المائة من اجمالي الناتج المحلي للبلدان العربية.

=