مطالبات بمراقبة أداء الشركات الخاسرة التي تشكل عبئا على الاقتصاد السعودي

توجيه أصابع الاتهام إلى مجالس الإدارات بالضعف.. واقتراح بدراسة اندماج النشاطات المتشابهة

TT

بدأت أصابع الاتهام تتجه للشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم المحلية، التي لم تحقق أرباحا منذ عقود من إنشائها، بأنها أصبحت عالة على الاقتصاد المحلي ككل.

إذ اعتبر مراقبون اقتصاديون الشركات التي لم تستطع منذ سنين عديدة التخلص من هاجس الخسائر التشغيلية بأنها عالة على الاقتصاد الوطني وسوق الأسهم السعودية تحديداً.

وطالب المراقبون المؤسسات الاقتصادية بضرورة العمل على إحصاء وحصر تلك الشركات صاحبة الأداء الضعيف، ومن ثم مراقبتها بشكل دقيق فيما يخص مشاريعها المستقبلية وخططها الاستراتيجية، مؤكدين على أهمية التدخل المباشر للجهات المالية الحكومية في حال حدوث انحراف في النتائج أو سوء في التنفيذ، خصوصا تلك الشركات التي تملك فيها الدولة نسبة لا باس بها. وحدد خبراء اقتصاديون أهم العقبات التي تواجه تلك الشركات وأدت إلى تحقيقها خسائر بسوء الإدارة القائمة على تلك الشركات، إضافة إلى فشل كثير منها في إيجاد ميزة تنافسية، متخوفين من مصيرها في ظل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ومتطلباتها. إلى ذلك يقول لـ«الشرق الأوسط» محمد العماري رئيس مجلس إدارة شركة المنتجات الغذائية «إنه مما لا شك فيه أن تلك الشركات الخاسرة تعتبر عالة على الاقتصاد الوطني»، مشيرا إلى أن هذه الشركات تعتبر الآن نموذجا سيئا في اقتصاد قوي جدا كالاقتصاد السعودي. وأوضح العماري أن هناك معوقات تواجه تلك الشركات ساهمت في تكبدها سلسة من الخسائر، مدللا على ذلك بأبرزها وهي: أن كثير منها لم يكن أساس نشأتها مبنية على دراسة جدوى اقتصادية حكيمة بحيث كان هناك مبالغات أو سوء تقدير لواضعي هذه الجدوى.

وأضاف أن من المشاكل التي تواجه تلك الشركات، أن بعضها تواجه معضلة الأخطاء الإدارية الكثيرة في ظل وجود إدارة غير قادرة على تسييرها بشكل يساهم في انتشالها من دائرة الخسائر إلى الأرباح. وأشار إلى أن المنافسة الحادة التي تواجه كثير من الشركات جعلها تعيش في ويلات الخسائر، خصوصا ان كثيرا من تلك الشركات لا تملك القدرة الكافية أو الأسلوب العلمي في جذب المستهلكين، كما ينبغي وخصوصا الشركات الناشئة والجديدة على السوق.

وأبان العماري أن هناك شركات مساهمة سعودية تعتمد اعتماداً كلي في تحقيق الأرباح على الاستثمار في سوق الأسهم في غياب الاهتمام بنشاط الشركة الأساسي. لكنه استدرك وأشار إلى أن تلك الاستثمارات لا تعني تحقيق أرباح، مؤكدا أن هناك شركات سعودية مساهمة ينتظرها مستقبل رائع جدا في ظل المشاريع الجبارة، التي تعمل عليها حاليا والتي ستؤتي ثمارها خلال سنوات.

وشدد العماري على إن شركة «الغذائية» التي يترأس مجلس إدارتها ودعت الخسائر المتراكمة التي كانت تمنى بها، خصوصا وان كثيرا من مشاريع الشركة القديمة كانت عديمة الجدوى الاقتصادية، مشيرا إلى أن مجلس الإدارة تدارك الأمر أخيرا في ظل استراتيجية واضحة أتت معها الأرباح.

وأوضح أن خيار الاندماج للشركات، يعتبر أمرا ملحا، خصوصا ان هناك شركات لا تستطيع البقاء، ولا تستطيع أيضا أن تفي بمتطلبات انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، مقترحا بأن تتجه الشركات المتعثرة ذات النشاط المتشابه للاندماج.

وذهب العماري إلى أن أهم ما يواجه عمليات الاندماج فيما بين الشركات أنها مملوكة لعائلات، حيث يصعب عليهم التنازل عن جزء كبير من أسهمها، خصوصا أنهم امضوا في بنائها سنين عديدة.

وكشف العماري عن أن هناك توجها بين بعض رؤساء تلك الشركات، التي يغلب عليها ما يعرف بالشركات العائلية إلى دراسة عمليات الاندماج، لا سيما أن هناك تغيرات أفرزتها الأوضاع الحالية، والتي حتمت عليهم الاندماج كخيار استراتيجي من اجل مواصلة تحقيق الربحية.

وفي ذات الاتجاه قال أستاذ المحاسبة الدكتور يحي سرحان، إن وجود تلك الشركات ضرورة ملحة في عملية بناء الاقتصاد السعودي، إلا أنه استدرك أن أوضاع تلك الشركات تختلف فيما بينها، مشيرا إلى أن تدني الأداء يمكن أن ينتج من سوء الإدارة، القائمة على أعمال الشركة، جنبا إلى جنب مع قصور واضح في توظيف موارد المنشأة بصفة عامة. وقال سرحان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن ما يزيد صعوبة مهمة تلك الشركات التي لم تستطع أن تخرج من دائرة الخسائر، هي عدم وضوح استراتيجيات واضحة لها، في ظل التخبط الإداري والذي يسهم في عدم وضوح الرؤيا في ممارساتها.

وأكد سرحان، أن أحدث الدراسات التي نشرت مؤخراً واعدها المحلل الاقتصادي الدكتور ياسين الجفري، أثبتت بان الارباح غير التشغيلية التي حققتها الشركات المساهمة للعام الماضي 2005 تقدر بـ12 في المائة، من مجمل الأرباح للشركات بصفة عامة.

وشدد على أن هناك شركات تحرص في الاستفادة من الفائض في روؤس الأموال، للبحث عن مجال أو استثمار آخر لدعم الأرباح التشغيلية، في الوقت منعت فيه هيئة سوق المال السعودية الشركات المساهمة من الاستثمار في سوق الأسهم مباشرة بداية العام الحالي. وأوضح سرحان، أن الميزة النسبية التي تملكها كثير من الشركات السعودية، ستقلل من المخاطر المحتملة من المنافس الأجنبي، خاصة بعد انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، خصوصا تلك الشركات التي تعمل في مجال البتروكيماويات، حيث سيصعب على المنافس الأجنبي تخطي جودة المنتج المحلي.

وذكر سرحان انه من الصعب أن تغلق أي شركة نشاطها في حال قدوم المنافس الأجنبي إلا إذا تفاقمت الأوضاع وأصبح من غير المجدي أن تستمر على هذا الحال.

وأوضح بان كثير من الشركات الخاسرة بدأت بالفعل في إعادة هيكلتها كما أنها باتت أكثر حرصا على خلق ميزة تنافسية لهم، ذاهبا إلى أن احد أهم الحلول المطروحة هو الاندماج إضافة إلى رفع قدراتها الذاتية إلا انه من الصعوبة بمكان أن يعمم حل الاندماج على هذه الشركات.