مؤشر الأسهم السعودية يهبط وصناع المضاربة يغادرون بالتدريج

تنفيذ 240.4 ألف صفقة بعضها يحمل رسائل مشفرة بين قوى السوق

TT

فقد المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أمس، 580.54 نقطة بتراجعه 3.93 في المائة إلى 14203.74 نقطة، إثر تعاملات لم تختلف تفاصيلها الدقيقة كثيرا عن تفاصيل تعاملات سابقة، غلب عليها طابع تمرير الرسائل المشفرة من صناع السوق إلى صناع المضاربة. وتأتي نقطة إغلاق المؤشر كأدنى مستوى منذ ثمانية اشهر متراجعة أكثر من 32 في المائة عن ذروتها التي بلغتها في فبراير (شباط) قبل أن تبدأ حركة تصحيح حادة. وساعدت عمليات شراء في الدقائق الأخيرة المؤشر العام على الانتعاش قليلا. وانتهت تعاملات السوق أمس إلى تداول 153.3 مليون سهم، بقيمة 11.7 مليار ريال (3.1 مليار دولار)، إثر تنفيذ 240.4 ألف صفقة غلب عليها طابع تمرير الرسائل بين قوى متضادة في السوق.

وحسب القراءة المنطقية لتعاملات السوق عبر تركيب الصورة الكبيرة لأحداثها المتعاقبة منذ فبراير (شباط) الماضي، فإن تآكل الأسعار قاد إلى خروج محافظ قيادية تخصصت خلال الأعوام القريبة الماضية في صناعة ما يسمى إصلاحا المضاربة بالأسهم.

وجاء ضمن أهم الرسائل المشفرة التي مررتها صفقات البيع والشراء لمتابعي السوق، أن عمليات المضاربة خسرت أوراقها ودخلت في مواجهات الوقت الضائع، ما يعني أن التفكير بالنسبة لمحترفي هذا النوع من التعامل التفكير في كيفية الخلاص بأقل الخسائر، على اعتبار أن الخيارات الأخرى لم تعد متاحة في أكبر سوق للأوراق المالية على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

ويأتي ذلك فيما ألغت السوق إشارة الخطر العالي وفتحت المجال لدخول تدريجي لراغبي الاستثمار في أسهم شركات العوائد، فيما أبقت إشارة الخطر العالي مضاءة أمام الباحثين عن فرص للمضاربة.

ويعزز صحة هذه القراءة تأكيد قدرة قوى السوق الخبيرة على تحديد مسار المؤشر خلال ثواني وهي أقل وحدات حساب الزمن، وهو ما يلغي حسابات القائمة على الإغلاق اليومي، على الرغم من أن هذه الحسابات كانت محور تعاملات المضاربين، وأهم معطيات تحديد حركة التذبذب التي تجاهلتها حركة السوق بشكل غير مباشر، عبر صعود أسعار بعض الشركات وهبوطها بالنسبة القصوى خلال اليوم الواحد أكثر من مرة، وهو ما يضاعف بالتالي مستوى التذبذب داخل إطار لا تكسره الأسعار صعودا أو هبوطا.

ويظل من أهم معوقات دخول المضاربين للسوق خلال الفترة الحالية تذبذب المؤشر في اتجاهات مختلفة خلال الجلسة الواحدة من التداولات، وهو التذبذب الذي يتزامن مع غياب أهمية التحليل الفني الذي يعتبر أهم أدوات المضارب المحترف في أية سوق.

* السمان: التحليل الفني يفقد أهميته مؤقتا

* في هذه الأثناء، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أمس الدكتور أيمن السمان وهو خبير في مجال الاقتصاد ومحلل لتعاملات سوق المال السعودية، أن اعتماد المتعاملين على التحليل الفني غير مجد حاليا.

وذهب إلى أن التحليل الفني فقد أهميته مؤقتا، فيما ارتفع نجم التحليل الأساسي الذي يكشف حاليا تراجعا كبيرا في مكررات الربح، ما يعني أن التوقيت مناسب لدخول المستثمرين، فيما لا يمكن للمضاربين التعامل مع السوق وهي على هذا المستوى من التذبذب الذي تتلاطم أمواجه في الجلسة الواحدة صعودا وهبوطا.

وبيّن أن أبرز ملاحظاته على السوق خلال تعاملاتها الأخيرة، تتمثل بوجود عمليات شراء مكثفة لأسهم شركات العوائد الموزعة على قطاعات مختلفة في السوق.

وقال إن «التحليل الفني في حال السير على معطياته الحالية فإن الاحتمالات مفتوحة على كافة الاتجاهات» وزاد بقوله إن «التحليل الفني يشبه معطيات المؤشر الذي يصعد ويتراجع ويسير أفقيا خلال جلسة أو جلستين».

* محلل فني: سوق الأسهم تتجه إلى حاجز 12 ألف نقطة

* في هذه الأثناء يرى احد المحللين الفنيين والذي فضل عدم كشف اسمه أن سوق الأسهم السعودية لو استمرت على الوضع الحالي فإنها تتجه نحو حاجز الـ 12 ألف نقطة وليس من المستبعد أن تصل حتى إلى 10 آلاف نقطة. وأشار المحلل لـ«الشرق الاوسط» بأنه لا تلوح في الأفق حاليا بوادر ارتداد في ظل موجة التراجع العنيفة والمتواصلة. وشدد أن ما يزيد الطين بلة هو دخول سيولة قوية بنهاية التداولات وذلك في تعديل شكلي للمؤشر لا اقل ولا أكثر ومن ثم تعاود موجة النزول خلال تداولات اليوم التالي.

وتطرق المحلل الفني إلى أن الثقة أصبحت معدومة في السوق في الوقت الذي تعيش فيه السوق عمليات تصريف قوية على القمة. في حين أكد أن السوق ليست مؤهلة الآن للدخول حتى ولو للاستثمار نظرا لان المؤشر مستمر في هبوطه.

ورجح المحلل بان تكون هناك موجة صعودية قوية تساوي في قوتها الموجة النزولية للمؤشر التي بدأها من نهاية شهر فبراير في حال استعادت السوق كامل ثقة المتعاملين.

وقال المحلل ان الأسعار لم تعد تتفاعل كما يجب مع المعطيات الحالية وخصوصا الأرباح القوية التي أعلنتها الشركات وخصوصا الصغيرة والمتوسطة منها لان أسعارها في الأساس مبالغ فيها كما أن هذه الأرباح أتت في وقت يشهد فيه السوق تيار نزولي قوي ألقى بظلاله على ثقة المستثمرين.

* الفايز: السوق يشهد عمليات تجميع قوية

* في هذه الأثناء قال الخبير والكاتب الاقتصادي عبد المجيد الفايز بان سوق الأسهم السعودية الآن مناسبة جدا للاستثمار وشدد في حديث لـ«الشرق الاوسط» بان على المتعاملين الدخول في السوق بنية الاستثمار وليس المضاربة ومن ثم المحافظة عليها لمدة تصل إلى ستة اشهر وقد تصل إلى سنة حيث سيكون الربح كبيرا جدا.

وأشار إلى أسعار الأسهم السعودية وصلت إلى قواعد سعرية متدنية ولا توجد هناك مخاطرة كبيرة على المستثمرين في حال دخول السوق موضحا بان عمليات تجميع واضحة ينتهجها كثير من المتعاملين على أمل صعود قوي قريب جدا. وقال إن العامل النفسي هو من سيحدد اتجاه السوق خلال الفترة المقبلة وذلك بعودة الثقة إضافة إلى أن دورا كبيرا على المضاربين في محاولة رفع الأسعار مجددا لاسيما وان هناك محاولات دؤوبة من المضاربين في اقتناص فرص الارتداد لتعويض خسائرهم الماضية.