الإمارات: خبير مالي يدعو إلى فك الارتباط بين أوضاع أسواق الأسهم وضغط الأوضاع المالية الشخصية

اعتبر أن العوامل النفسية تلعب الدور الحاسم في تذبذب الأسواق

TT

دعا خبير مالي في ابوظبي الى ما سماه «بفك ارتباط» بين أوضاع اسواق الاسهم المحلية والاوضاع المالية الشخصية لبعض المستثمرين والمضاربين عند تحليل الاداء الحالي للاسواق. وقال حسين العويد، الرئيس التنفيذي لشركة نور كابيتال، ان حالة التذبذب القائمة في السوق صعودا او هبوطا سببها حاجة بعض المضاربين او المستثمرين لتعويض خسائرهم بسرعة، اما بسبب حاجتهم لسيولة سحبوها من موارد او مصادر اعمال اخرى او لتغطية قروض ومراكز مالية تضغط عليهم. وقال العويد إن هذا الضغط يتجلى في اقدام بعض المضاربين والمستثمرين على استغلال اي بارقة امل او تحسن لعرض او بيع ما لديهم من محافظ على امل ان تسهم في رفع المعاناة اليومية لبعضهم، الامر الذي يتسبب في انتكاسة السوق بسرعة وبالتالي تعميق حالة عدم الثقة التي تسود بين المستثمرين.

ولكن العويد لم ينكر وجود بعض العوامل المالية الموضوعية لتراجع الاسواق، لكنه اكد ان الحالة الراهنة لتلك الاسواق تحركها الآن عوامل نفسية وليست اعتبارات مالية او اقتصادية. وقال ان معظم المحللين والمتابعين للاسواق المحلية والخليجية يدركون ان المستوى الذي وصلت اليه الاسعار مستوى جذاب للغاية، كما ان الارباح التي تعلنها الشركات المساهمة العامة تباعا تعد عنصرا محفزا فضلا عن ان اداء الاقتصادات الكلية بدءا من النفط ومرورا بالعقارات وانتهاء بالخدمات والتجارة التي تعد مناخا مريحا للاستثمار في السوق المالية، ومع ذلك فان الاسعار تواصل التذبذب ومقاومة اي زيادة معقولة مما يؤكد ان العوامل النفسية تلعب عاملا حاسما في توجيه الاسواق.

واشار العويد الى ان حالة الضغط التي تتعرض لها مراكز بعض المستثمرين والمضاربين تفيد كبار المستثمرين وأصحاب المحافظ الذين استطاعوا خلال فترة التصحيح الطويلة الحالية من اعادة هيكلة محافظهم المالية من جديد وباسعار رخيصة جدا. وأشار الى ان اصحاب المحافظ الكبيرة الذين يعرفون متى يدخلون السوق ومتى يخرجون منها استفادوا من ضعف الوعي لدى شريحة واسعة ممن التحقوا بموجة الاسهم الصاعدة، فقاموا ببيع ما لديهم لهذه الشريحة ليعيدوا بناء محافظهم مع بدء حالة الهلع التي انتابت بعض المستثمرين مع انحسار موجة الارتفاع وتراجع الأسعار وليشتروا الأسهم من جديد بأسعار رخيصة. وقال ان علاج حالة عدم الثقة التي تنتاب صغار المستثمرين او الذين لا يملكون وعيا استثماريا كافيا تتطلب وقفة مراجعة من هؤلاء باتجاهين: الأول التخلي عن احلام الثراء السريع التي راودتهم في فترة طفرة الاسعار والتعامل الواقعي مع ظروف السوق والإنصات جيدا الى صوت الخبراء المحايدين والمحللين الماليين الحقيقيين من اصحاب الدراية والمعرفة لا اصحاب المصالح والمحافظ. وأضاف ان التخلي عن الأحلام الوردية بتكوين ثروات يقتضي اولا عدم لجوء هؤلاء للقياس على بعض الحالات الشاذة التي استطاعت ان تنجو بفعل الحظ من انتكاسة السوق واعتبار هؤلاء هم القاعدة التي يقاس عليها. وأشار العويد الى ان بعض المستثمرين يتعامل مع الربح او الخسارة في السوق تعاملا دفتريا، حيث يبني ربحه او خسارته على اساس آخر قيمة وصلها السهم قبل تراجعه لا على اساس كلفة السهم الحقيقية. وقال ان خطورة هذا التفكير تكمن في ان المستثمر يصاب بحالة من الجمود انتظارا لعودة الاسعار الى مستوى الذروة التي وصلت اليها دون ان يعي ان ذلك المستوى كان حالة شاذة من الصعب ان تعود في المدى القصير. اما الامر الثاني فهو قيام كل مستثمر متضرر بإعادة النظر بشكل واقعي بوضعه المالي، بحيث يعيد ترتيب أوراقه بما يتناسب مع احتياجاته اليومية والاستهلاكية او التزاماته المصرفية، وذلك وصولا الى الخروج من دائرة الضغط التي يتعرض لها هذا المستثمر للوفاء بالاحتياجات او الالتزامات والتي تدفعه في معظم الاحيان لمعالجة خسارة بخسارة او الدخول والخروج من السوق في اوقات غير ملائمة. واستدرك العويد في تحليله لإبعاد الظرف الحالي التي تمر بها الاسواق قائلا: انه بالرغم من ان المستثمر المتضرر هو الذي يتعين عليه المبادرة لتكييف اوضاعه مع معطيات السوق، فان هذا الدور يجب ان يحظى بمساندة من ادارات الاسواق المالية في الدولة من خلال مراجعة كافة المؤثرات التي ساهمت اولا في ارتفاع السوق ارتفاعات غير مبررة وتلك التي ساهمت فيما بعد بتراجعه تراجعا غير مبرر ايضا. وقال ان مثل هذه المراجعة يجب ان تشمل آليات عمل الاسواق ومعايير الشفافية ونظم الترخيص للوسطاء وشركات الخدمات المالية والأدوار السلبية التي لعبتها البنوك في عمليات التمويل العشوائي وكذلك دور هيئة الاوراق المالية ومدى الرقابة التي تملكها لتصحيح اداء الاسواق في الوقت والشكل المناسب. وقال ان المراجعة يجب ان تشمل ايضا مستوى المهنة ومصداقية العاملين بها بدءا من العاملين في الهيئة ومرورا بالعاملين في الاسواق وانتهاء بمكاتب الوساطة وشركات الخدمات المالية والمشرفين على ادارة الصناديق والمحافظ الاستثمارية. ودعا العويد الى ان يكون ما مرت به الاسواق حتى الآن درسا مفيدا يعيد صياغة المفاهيم ويعمق الوعي الاستثماري، مشيرا الى ان اوضاع الاسواق المالية لم تعد حكرا على فئة معينة، وبالتالي فان معالجة اي خلل فيها يجب ان يأخذ طابعا وطنيا عاما وشاملا، مؤكدا ان الاسواق المالية قادرة على تصحيح نفسها اذا ما توفرت لها بيئة تشريعية وتنظيمية قادرة، وإذا ما كان للمتعاملين معها الوعي الاستثماري القادر على التميز بين ما ينفع الناس ويمكث في الارض وبين الزبد الذي يذهب جفاء مع أول نسمة ريح.