سفير ألمانيا في الرياض: عودة اهتمام المستثمرين الألمان بالسعودية بعد ثلاث سنوات من الإهمال

ممثلو 15 شركة يرافقون وزير الخارجية الألماني في زيارته للسعودية الأسبوع الحالي

TT

يصل وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى الرياض يوم الثلاثاء المقبل على رأس وفد يضم 15 من كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات الألمانية المتخصصة في مجالات، على رأسها الطاقة، وفي حين يعقد الوزير الألماني خلال الزيارة التي تستمر ليومين مباحثات مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل، وسيلتقي الوفد الاقتصادي المرافق له بالفعاليات الاقتصادية السعودية وذلك ضمن جولة خليجية.

وقال السفير الألماني لدى السعودية الدكتور جيرهارد انفر شكرومبيجنز في حوار لـ«الشرق الأوسط» في الرياض، إن السعودية استعادت جاذبيتها للشركات الألمانية الباحثة عن فرص استثمارية وذلك بعد مرور 3 سنوات انحسر فيها اهتمام تلك الشركات بالسوق السعودية نتيجة للأعمال الإرهابية التي مرت بها البلاد. وفي حين لم يصل للسعودية أي وفد رسمي سياسي ـ اقتصادي خلال العام الماضي، فقد زار وفدان ألمانيان السعودية فعليا منذ بداية العام. وإلى جانب الوفد المرافق لوزير الخارجية خلال الأسبوع الحالي، من المقرر أن يصل الى الرياض خلال الأسبوعين المقبلين وفد برئاسة وزير الشؤون الاقتصادية في إحدى الولايات الألمانية برفقة ممثلين لـ 30 شركة. وسيلي ذلك وصول وفد برلماني ألماني أيضا.

وأبدى السفير الألماني في الرياض تخوفه من ضآلة عدد المتقدمين حتى الآن للحصول على تأشيرة سفر لألمانيا لحضور فعاليات كأس العالم لكرة القدم التي تنطلق في 9 يونيو المقبل ويشارك فيها المنتخب السعودي. واوضح السفير بهذا الصدد ان السفارة لم تتلق حتى الآن سوى 350 طلبا للحصول على تأشيرة، وأن المخاوف من أن تتكدس الطلبات للأيام القليلة التي تسبق انطلاق المباريات ما قد يخلق صعوبات تلبية هذه الطلبات بالرغم من مضاعفة السفارة للكادر البشري العامل في القسم القنصلي. فإلى نص الحوار: > تجير التحضيرات لانطلاق منافسات كأس العالم لكرة القدم في ألمانيا والتي يشارك فيها المنتخب السعودي، فماذا يحصل من استعدادات لتسهيل وصول السعوديين للمشاركة في هذه المنافسات؟

ـ لقد ضاعفنا عدد موظفي القنصلية لإصدار التأشيرات، ونعمل بجد لتقديم الخدمة بشكل ممتاز، ونحن ننتظر العدد المتوقع والذي لم يصل حتى الآن. ولقد توقعنا وصول آلاف الطلبات ولكن لم يحصل هذا بعد. لدى السعودية حوالي 10 الاف تذكرة لحضور المباريات وقد تم توزيع غالبيتها، وبعض التذاكر تخص المباريات الأربع التي ستلعبها السعودية في الدور الأول، ولذا فإن عدم تقدم سوى 350 لطلب التأشيرة امر مقلق. نحن نعلم أن بعض السعوديين لديهم فعليا تأشيرات أوروبية لأغراض مختلفة ولفترة صلاحية طويلة تصل لستة أشهر أو عام، كما أصدر بعض السعوديين تأشيرات من سفارات أوروبية أخرى وهي تأشيرات تسمح لهم بدخول ألمانيا. ولكن وكما هو معلوم تحتاج السفارة لعشرة أيام لإصدار التأشيرة ولكن في حال تكدس الطلبات للأيام القليلة الأخيرة فإن ذلك سيؤثر على سرعة صدور التأشيرات.

> هل شهدتم العام الحالي زيادة كبيرة في طلبات تأشيرات السفر لألمانيا؟ وكيف ستكون هذه المناسبة فرصة للترويج لألمانيا كوجهة سياحية وثقافية وتعليمية واستثمارية؟

ـ لم نسجل حتى الآن زيادة ملحوظة في طلبات السفر لألمانيا، فعدد التأشيرات التي تصدرها السفارة سنويا لا يتعدى الـ19 ألف تأشيرة، وحتى الآن لم نشهد زيادة كبيرة خلال العام. نحن في ألمانيا نعتبر كأس العالم فرصة جيدة للترويج لألمانيا كوجهة ترحب بالزوار، وقد استثمرت ألمانيا مبالغ كبيرة لتجهيز البنية التحتية لاستقبال كأس العالم، وهذه الاستثمارات ستفيد ألمانيا على المدى البعيد ولن تقتصر فوائدها لفترة كأس العالم فقط.

> يصل وزير الخارجية الألمانية للسعودية الأسبوع الحالي، فما هي الموضوعات التي سيبحثها الوزير مع المسؤولين السعوديين؟

ـ سيقوم وزير الخارجية الألماني بجولة خليجية خلال الأسبوع الجاري، وسيزور السعودية خلال يومي 23-24 من هذا الشهر وسيعقد لقاءات مع وزير الخارجية الامير سعود الفيصل. وسيصاحب وزير الخارجية وفد اقتصادي مكون من 15 شركة تعمل بشكل خاص في مجالات الطاقة. وستشمل المناقشات العلاقات الثنائية التي تتمتع بالمتانة. وسيتم خلال الزيارة مناقشة القضايا الاقليمية مثل الوضع في فلسطين والملف النووي الإيراني، والعراق، وأفغانستان.

> ما هي وجهة نظر الجانب الألماني تجاه الملف الإيراني خصوصا أن ألمانيا تعمل بجد إلى جانب بريطانيا وفرنسا لإيجاد حل سلمي للأزمة؟

ـ لا استطيع تحديد الرسالة التي سيحملها وزير الخارجية بشأن الملف الإيراني، ولكن من المعروف أن كلا من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا تحاول ثناء إيران عن تنفيذ برنامج تسلح نووي. وفي الوقت ذاته فإن أوروبا تؤمن بحق إيران في امتلاك التقنية النووية للأغراض السلمية.

> هل يعني ذلك قبول أوروبا بتخصيب اليورانيوم داخل إيران؟

ـ إذا توافر الضمانات بعدم استخدام هذه التقنية للأغراض العسكرية. اعتقد أن هناك عدة أفكار وعدة مقترحات تم تقديمها، وهناك مباحثات تجري حاليا.

> يصاحب الوزير وفد يمثل 15 من كبرى الشركات الألمانية، فما هو تقييمكم لمستوى العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين؟

ـ بالنسبة للوفد التجاري سيشمل كبار مسؤولي 15 شركة ألمانية تنشط بشكل رئيسي في مجال الطاقة، وبعض هؤلاء المسؤولين يزورون السعودية للمرة الأولى.

لقد شهدنا خلال السنوات الثلاث الماضية تراجعا كبير في اهتمام الشركات الالمانية في الاستثمار في السعودية وذلك نتيجة للوضع الأمني الذي مرت به البلاد. وأرى من خلال الوفد المصاحب للوزير استعادة الشركات لاهتمامها بالسوق السعودي. لقد تراجع عدد الوفود السياسية ـ الاقتصادية بشكل حاد خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث لم يصل أي وفد سياسي ـ اقتصادي ألماني للسعودية خلال العام الماضي، ولكن العام الحالي شهد وصول وفد أو وفدين فعليا، وبعد زيارة الوفد بيومين سيصل وزير الشؤون الاقتصادية في أحد ولايات ألمانيا وبصحبته ممثلون لـ 30 شركة، ثم يلي ذلك وصول وفد أعضاء البرلمان الألماني.

> كيف تقيم العلاقات التجارية والاستثمارية حاليا بين السعودية وألمانيا؟

ـ إن الاستثمار المتبادل بين السعودية وألمانيا ضئيل وأنا لست سعيدا بشأنه، وما حدث خلال السنوات الثلاث الماضية منع الشركات الألمانية من النظر عن قرب للسوق السعودي، فمثلا نجد أن الاستثمار الألماني في السعودية لا يتعدى 90 مليون يورو حسب بيانات العام 2005، وأن الاستثمار السعودي يقل عن ذلك.

بالنسبة لحركة التجارة بين البلدين فإن ألمانيا تصدر ما قيمته 4 مليارات يورو، فيما بلغت قيمة صادرات السعودية لألمانيا حوالي 1.3 مليار يورو. والسبب وراء صغر حجم الصادرات السعودية لألمانيا يتمثل في عدم وجود علاقة تصدير مباشرة للنفط من السعودية لألمانيا وقد يكون النفط السعودي ضمن النفط الذي تشتريه من السوق العالمية ولكن لا توجد علاقة تصدير واستيراد مباشرة للنفط بين البلدين.

> كيف تنظرون لفرص تعزيز العلاقات بين البلدين مع إبرام اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي والتي يتوقع الانتهاء من مفاوضاتها قبل نهاية العام الحالي؟

ـ إن اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي تستهدف بشكل رئيسي تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين، وقد وردت أنباء مشجعة من اجتماع وزراء خارجية الخليج مع مسؤولي المفوضية في بروكسل الشهر الحالي. ولكن وكما هو معروف فإن هناك قضايا تفصيلية تظهر بشكل مستمر. إن المفاوضات تعطي دائما أهمية للتفاصيل، وأنا شخصيا لن أتفاجأ إذا تأخر توقيع الاتفاقية.

> ألا يزال الاتحاد الاوروبي مصرا على إدراج بنود خاصة باحترام حقوق الإنسان وغيرها من الملفات السياسية ضمن اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع الخليج؟

ـ بالنسبة لقضية حقوق الإنسان فهي ستبقى ضمن الاتفاقية وذلك توافقا مع معايير اتفاقيات منطقة التجارة الحرة المماثلة التي يبرمها الاتحاد الأوروبي مع الأطراف الخارجية. إن اضافة هذه البنود هي جزء من رغبة الاتحاد الأوروبي الحصول على أمور ضمن اتفاقيات منطقة التجارة الحرة تفوق ما تمنحه الأطراف ضمن اتفاقية منظمة التجارة العالمية. إن الالتزامات هي للطرفين.