رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي التجاري: السعودية تستحوذ على 40% من اقتصادات دول مجلس التعاون

عبد الله باحمدان لـ الشرق الاوسط : اللبنانيون أضاعوا فرصة الطفرة الأولى وعليهم عدم إضاعة الثانية

TT

فائض سيولة... طفرة... اصلاحات وتحديث.... خصخصة. هذا حال اقتصادات دول العالم العربي اليوم. المملكة العربية السعودية هي، بالدرجة الاولى، وراء هذه الطفرة وما نتج عنها من فائض سيولة في المنطقة العربية. وداخلياً ها هي تشهد حركة اصلاحات واسعة وعلى ابواب عمليات خصخصة ضخمة.

في ظل كل هذه التطورات، سؤال يطرح نفسه ترى ما انعكاس هذه العوامل على القطاع المصرفي السعودي... المستفيد الاول من الفوائض التي تنتجها المملكة. لا بد من حديث هنا مع مصرف يلعب دوراً ريادياً فيها وهو البنك الاهلي التجاري الذي يعتبر واحدا من اقوى وابرز مصارف المملكة والأكبر على صعيد المنطقة، اذ تفوق اصوله 12 مليار دولار، فيما تتعدى ودائعه 100 مليون ريال سعودي ويناهز عدد فروعه حول المملكة 276 فرعاً. وقد حقق البنك خلال العام 2005 انجازات مهمة اذ قام بزيادة رأسماله من 6 مليارات ريال الى 9 مليارات ريال كما حقق نمواً بنسبة 42 في المائة. كما حاز البنك الاهلي ارفع الجوائز المصرفية والمالية العالمية، ففي العام 2004 نال جائزتين من « Euromoney» عن فئة الصيرفة الاسلامية، واحدة لأفضل بنك اسلامي تجاري واخرى لافضل مزود خدمات مالية اسلامية في الشرق الاوسط، ونال ايضا جائزة «Euromoney» عن افضل جهاز للصيرفة الخاصة. وافضل من يتحدث عن البنك الاهلي وسياساته وتطلعاته هو رئيس مجلس الادارة الشيخ عبد الله باحمدان، الذي حاز بدوره جائزة «الشخصية التنفيذية لعام 2005 في مجال البنوك والصيرفة في الشرق الاوسط». خلال وجوده في بيروت للمشاركة في منتدى الاقتصاد العربي، وعلى الرغم من ان الشيخ عبد الله مقل في الظهور الاعلامي، خص «الشرق الاوسط» بهذا الحوار الموسع الذي ناقش فيه التحديات التي تواجه القطاع المصرفي السعودي واستعرض مختلف العوامل التي تتحكم في اقتصاد وأوضاع الدول اليوم. وهنا تفاصيل الحوار:

> في ظل الطفرة الحاصلة وفائض السيولة ما مدى جهوزية البنك الأهلي لمواكبة ذلك؟ ـ بالتأكيد المسؤولية كبيرة على البنك الأهلي بسبب حجمه وعلاقته تاريخيا بالمجتمع ككل، وحرصه على تقديم خدمة رفيعة المستوى واستشارات أكثر دقة ووسائل ومنتجات تتيح تنوعا أمام المستثمرين في ظل وجود ثروات طائلة. المسؤوليات الملقاة على عاتقنا كبيرة وقد عملنا منذ فترة طويلة لنكون على جهوزية واستعداد تام للقيام بواجباتنا.

ويتحرك البنك الأهلي اليوم وفق رؤية واضحة وعلى أساس خطة استراتيجية ترتكز على مواكبة تطلعاتنا للنمو من خلال فهمنا للسوق وتلبية الاحتياجات الحالية والمتوقعة لكل من قطاعات اقتصادنا الوطني وشرائح المجتمع السعودي لنصبح المجموعة المالية الرائدة في المملكة من خلال التركيز على ثلاثة محاور رئيسية، وهي تعزيز موقع البنك في مجال مصرفية الأفراد مع الاهتمام بدعم التوجه الاسلامي وتطوير خدمات مصرفية الشركات لتواكب متطلبات الاقتصاد السعودي والتوسع في تقديم الخدمات الاستثمارية وإدارة الأصول. > كيف توازنون بين دوري البنك استثماريا وتجارياً؟ ـ من أجل تحقيق التوازن ما بين الدورين أنشأنا قطاعين مستقلين مع تنمية الكوادر البشرية والتقنية لكل منهما، أحدهما يتناول نشاطنا التقليدي الذي بدأ به البنك في مجال الإقراض للأفراد والشركات من خلال قطاع مصرفية الأفراد، أما النشاط الاستثماري فقد تم استحداث قطاع الأصول وتنضوي تحت لوائه خدمات الوساطة والاستشارة وإدارة الاستثمار والصناديق الاستثمارية، كما نعمل دائما على استقطاب الكفاءات البشرية الجيدة. > تسجل الصيرفة الإسلامية تقدما ملحوظا في أعمال القطاع المصرفي العربي، هل يمكن القول انها بلغت مرحلة النضج؟ ـ لا يمكن القول ان المصرفية الاسلامية قد بلغت مرحلة النضج الكامل، إذ لا يزال أمامها وقت لكي تحقق القبول والسماح من قبل البنوك المركزية بمزاولة المصرفية الإسلامية على مستوى الدول العربية جميعاً، كما أنها لا تزال تفتقر الى مجالات أعمال لم تتوافر لها بعد البدائل الإسلامية مثل التحوط ومنتجات الخزينة. ونحن في البنك الأهلي ننظر باعتزاز الى النتائج التي حققتها تجربتنا في الصيرفة الإسلامية التي قامت على مبدأ التدرج في التطبيق بتحويل أحد فروعنا عام 1990 ليتم بعد ذلك تحويل مجموعة من الفروع. وفي عام 2005 اتخذنا قرارا استراتيجيا بتحويل جميع فروع البنك للعمل المصرفي الاسلامي، ووفقا لاستراتيجيتنا استطعنا تحقيق الصدارة في هذا المجال محلياً وخارجياً، وقد تجلت نجاحاتنا في ابتكار العديد من المنتجات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية والتي أصبحت تطبق في كثير من الدول. > القطاع المصرفي السعودي من أكثر القطاعات المصرفية العربية تطوراً، إلى أي مدى تلمسون، اليوم، وفي ظل الانفتاح الاقتصادي الحاصل أن رجل الأعمال السعودي أصبح متطلبا اكثر ويصعب ارضاؤه؟ ـ هذا الأمر واضح تماماً. فمما لا شك فيه أن رجل الأعمال السعودي أصبح أكثر تطلبا وأن الجيل الجديد أو ما يعرف بالجيل الثاني تلقى تعليما أكاديمياً من جامعات مميزة داخلياً وخارجياً، وبدأ خوض مجال الأعمال منذ عدة سنوات نيابة عن آبائه. وبحكم ثقافة الجيل الأكثر انفتاحا ومعرفة بالأسواق الدولية أصبحت متطلباته أكثر صعوبة بالنسبة للمصارف، كما أن احتياجاته تطورت. لذلك شعرنا بأهمية مجاراته وأخذنا نستعد لهذا النوع من العملاء من خلال تطوير الكوادر البشرية والأنظمة الإلكترونية بما يتناسب وحاجة هؤلاء العملاء. > ما هي آخر منتجات الأهلي ؟ ـ لقد درج البنك الأهلي على أن يكون رائداً في مجال الإبتكار، وهذا اصبح سمة بارزة من سمات أدائه.وخلال الفترة الأخيرة طرح البنك أحدث صناديقه الإستثمارية وهو صندوق »الأهلي المأمون للمتاجرة بالأسهم السعودية «مع حماية عالية لرأس المال بنسبة 90% وهو الأول من نوعه في المملكة. كما طرح البنك برنامج الأهلي لتأجير السيارات بالتملك وهو أيضا الأول من نوعه في السوق السعودي. ولا تزال عملية التطوير والابتكار مستمرة سعياً من البنك لتوفير منتنجات جديدة لعملائه. > من التداعيات الإيجابية لأحداث سبتمبر (ايلول) 2001 عودة بعض رؤوس الأموال المهاجرة. هل المناخ السائد في المنطقة العربية اليوم ملائم للعمل ويحظى بثقة رجل الأعمال العربي؟ ـ سأتكلم أولاً عن السعودية، إذ ان هناك ثقة كبيرة ومتزايدة بالبلد من رجال الأعمال والمستثمرين سواء سعوديين او غير سعوديين، بصرف النظر عن أحداث سبتمبر التي ربما ساهمت في عودة بعض رؤوس الأموال المهاجرة. لقد ساهمت الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة وبالذات في ما يتعلق بسياسات التحرير المالي في زيادة التفاعل بين القطاع العام والقطاع الخاص. ان أبرز ما نعتز به في السعودية عملية التشاور والتداول والتفاعل وتبادل الأفكار الحاصلة بين القطاع العام والقطاع الخاص التي ساهمت في تعزيز فرص النمو الاقتصادي مما دفع بالمستثمر الى التركيز على الاستثمار في السعودية مستفيدا من الفرص التي يتيحها الاقتصاد خلال هذه الفترة. وبلا شك إن ارتفاع أسعار النفط مع زيادة الإنتاج، كان له دور كبير في تحقيق هذا النمو الذي تعيشه المملكة اليوم مع توجه الدولة الى الانفاق الضخم على مشاريع البنية التحتية الكبيرة. واعتقد اليوم أن أي شخص اصبح يهتم بالاستثمار في السعودية بفضل الاستقرار والثقة الموجودة. في ما يتعلق بالبلاد العربية عموماً فقد ساهمت عملية الاستقرار والثقة في توجه المستثمرين السعوديين والعرب عامة للاستثمار في المنطقة العربية ككل مما يدفع الحكومات العربية الى المضي في الاصلاحات وتسريع وتيرتها.

> إلى أي مدى لمستم زيادة في الودائع المصرفية نتيجة المضايقات الحاصلة في الأسواق الأجنبية ؟ ـ ربما حصل ذلك ولكن بشكل محدود، إذ أن هناك مبالغات في هذا الأمر. كما حصل مغالاة في الحديث عن المضايقات التي تعرض لها الطلاب والسياح. لكن أهم ما لحظناه أن حجم الأموال التي كانت تخرج من السعودية قد تدنى عقب أحداث سبتمبر مما رفع مستوى الفوائض المالية داخل المملكة. > يقود الملك عبدالله عملية إصلاحات على مختلف الصعد، وقد تمكنت هيئة الاستثمار السعودية من استقطاب استثمارات ضخمة. ما الذي ينقص البلاد العربية حتى تشكل عامل جذب كلي للمستثمرين وتقدم بيئة خصبة للعمل ؟ أليست البيروقراطية هي العلة الأبرز في هذا المضمار ؟

ـ البيروقراطية من أكثر وأصعب العلل التي تواجهنا إضافة الى غياب الشفافية، وللأسف فان الفساد المالي والإداري ما زال موجوداً وأن أبرز ما ينقص البلاد العربية الإرادة السياسية للتغلب على هذه الصعاب. > أجمع الكثيرون العام الماضي على أن الطفرة الحاصلة في أسواق المال العربية تخطت هاجس الفقاعة وأصبحت حالة قائمة بحد ذاتها. وفي بداية هذه السنة قيل إن عملية التصحيح ستحصل. ما تقييمك لأسواق المال العربية؟ ـ أسواقنا المالية حالها حال أي سوق آخر وهي معرضة للصعود والهبوط. ولا شك أن الارتفاع الذي شهدته أسواقنا ـ وخلال فترة وجيزة ـ كان ارتفاعا غير مبرر ولذلك فإن عملية التصحيح كانت متوقعة وهذا ما جرى. > في ظل الطفرة انحصرت الاستثمارات في الأسهم والقطاع العقاري، ألا ترى أن البلاد العربية أصبحت على وشك أن تصبح مكتظة عقارياً؟ ـ في ما يخص المنطقة بشكل عام والسعودية بشكل خاص أرى أننا ما زلنا بحاجة الى مشاريع عقارية ضخمة في مجال الإسكان. فعلى سبيل المثال فان نسبة المواطنين السعوديين الذين يمتلكون سكنا لا تتجاوز العشرين في المائة ولذا أمامنا حالياً فرص كبيرة للتوسع في مجال الإسكان. وأيضا في السعودية فإن النمو السكاني في مدينة الرياض وكذلك بعض المدن الأخرى مستمر في الارتفاع. مما يشير بالحاجة الى بناء المساكن لمواكبة الطلب المرتفع، في حين تسعى هيئة الاستثمار الى تكرار نموذج مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في اكثر من منطقة ولكن حسب احتياجات كل منطقة ومزاياها. > من الملاحظ افتقار رجال الأعمال العرب الى ثقافة استثمارية رفيعة المستوى، ألا يجب توجيه التفكير الاستثماري الى قطاعات اخرى كالخدمات والصناعة؟ ـ المستثمر العربي يتطلع الى الاستثمار السهل والربح السريع لذلك توجه الكثيرون الى الاستثمار في قطاع العقار وقطاع الأسهم. إلا أننا في حاجة الى مشاريع تنموية في قطاعي الصناعة والخدمات ما سيساهم على المدى البعيد في تقوية الاقتصاد وتوفير فرص عمل ما يخول المستثمر لعب دور تنموي حقيقي في بلاده.

> هل تفكرون في التوسع بالبنك الأهلي في منطقة دول الخليج؟ ـ نعم لدينا استراتيجية على هذا الصعيد وعموما سوقنا لا يزال واعداً وفيه فرص كبيرة لذا فإننا نتطلع أولاً الى السوق المحلي للاستفادة من هذه الفرص. كما نتطلع في الوقت نفسه، الى لعب دور على صعيد الخليج حيث أنشأنا قطاع إدارة الأصول العام الماضي والذي نعمل على تحويله الى شركة مستقلة عن البنك بالكامل لتعنى بتقديم كل الخدمات الاستثمارية داخل السعودية وخارجها. > تم طرح المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق في سوق المال السعودي وهناك اتجاه الى تخصيص الخطوط الجوية السعودية وطرحها. في ظل العولمة وانفتاح الاسواق، إلى أي مدى أصبح هذا الأمر تحصيل حاصل؟ لاسيما في ما يخص توجه الشركات العائلية الى السوق المالية؟ ـ الحقيقة ما زال العديد من المؤسسات الكبيرة يدار وفق هيكلية عائلية ونود أن يطرح عدد من الشركات العائلية في البورصة لاسيما تلك التي تتمتع بمكانة مرموقة وذاع صيتها عالمياً.

> هل تعتقدون أن نظرة الحكومة السعودية للخصخصة نضجت؟ ـ نعم. الحكومة أصبحت مدركة لفوائد الخصخصة وتأثيرها على أداء المؤسسات التي تم تخصيصها كما أصبحت الحكومة تقدر مشاركة ومساهمة القطاع الخاص في إدارة تلك المؤسسات التي يتم تخصيصها على أساس تجاري مما يساهم في زيادة الكفاءة لاقتصاد البلد. وهذا ما تحقق فعلاً عندما تمت خصخصة شركة الاتصالات. > كيف تقيمون استثمار البنك الأهلي التجاري في المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق؟ ـ المجموعة السعودية هي أول مؤسسة إعلامية تطرح أسهمها للتداول وهذه سابقة في العالم العربي وإنجاز يحسب لمجلس الإدارة والأمير فيصل بن سلمان بشكل خاص. كما أن الإدارة قامت منذ أعوام بإعادة هيكلة شاملة وهي عملية جبارة هيأت المؤسسة لدخول أسواق المال وأدت ـ والحمد لله ـ الى نتائج ممتازة تخول المجموعة التنوع في أعمالها. ولذلك فان طرح هذه الشركة لأسهمها هو نتيجة هذا النجاح الهائل.