خبراء: «حرب أسعار» وشيكة بين مزودي خدمة الإنترنت السريعة

شركات الاتصالات العربية تملك نحو 100 مليار دولار للاستثمار

TT

اصبح من الممكن ان تندلع في القريب العاجل «حرب اسعار» وشيكة بين شركات الاتصالات الكبرى في اوروبا التي تقدم خدمات الإنترنت السريعة «البرودباند»، ومن المتوقع ان تكون بريطانيا «ساحة» المعركة الاولى، والتي من المحتمل ان تنتقل الى انحاء كثيرة من المعمورة بما في ذلك المنطقة العربية.

ولعل آخر من بدأ يقرع طبول «الحرب» شركة «اورانج» التي اعلنت اخيرا انها ستنظم «ثورة» البرودباند المجانية يوم الاربعاء المقبل، حيث انها ستندمج رسميا مع شركة مقدم خدمات الإنترنت «وانادو».

وتأتي هذه الخطوة بعد اقل من شهر على اعلان شركة «ويرهاوس» في بريطانيا انها ستنفق اكثر من 200 مليون دولار من اجل تقديم خدمات الإنترنت السريعة «البرودباند» مجانا تحت اسم «توك توك TalkTalk».

ومن اجل الحفاظ على زبائن «وانادو Wanadoo» الذي يبلغ عددهم مليون شخص يحصلون على «البرودباند» ومليون اخر يحصلون على الإنترنت العادية ومنعهم من التحول لمزود اخر، فان شركة «اورانج» التي بدورها تملكها شركة «فرانس تيليكوم» الفرنسية تخطط لتقديم خدمة «البرودباند» مجانا للذين يوقعون عقودا معها من اجل الحصول على خدمة الهاتف الجوال، كما انها بصدد تقديم «باقات» تشتمل على خدمات اخرى مجانية او بأسعار مناسبة.

ومن المتوقع ان ترافق الخدمات الجديدة حملة اعلانية ضخمة وواسعة النطاق خصوصا يوم الخميس المقبل، حيث اطلقت عليه شركة «اورانج Orange» اسما يذكرنا بمصطلحات كانت تستخدم ايام الحرب العالمية الثانية (O-Day).

ومن المنتظر ايضا ان تنظم لساحات «القتال» شركة «بي سكاي بي BskyB»، التابعة لشركة «نيوز كوربريشن» التي يملكها الملياردير المعروف روبرت ميردوخ، والتي تخطط لاطلاق خدمات الإنترنت السريع «البرودباند» الشهر المقبل بعد وقت قصير من شرائها لشركة «ايزي نت» التي كان يملكها المليونير اليوناني ستيليوس حاجي ـ إيوانو، مؤسس مجموعة «إيزي».

وهناك ايضا شركة «او تو O2» التابعة لشركة «تيليفيكا» الاسبانية مشغل الهواتف الجوالة والتي وضعت خططا لدخول السوق بقوة قريبا خصوصا ان هناك تكهنات بانها من المحتمل ان تشتري احدى الشركات التي تقدم خدمات الإنترنت مثل ( بولدوغ، وبايبيكس وتيسكالي).

كما توجد توقعات قوية ان تقوم شركة «فودافون» بشراء احدى شركات الإنترنت او على الاقل تحسين شبكة 3G وتقوم بدورها بتقديم خدمة «البرودباند».

طبعا بالإضافة الى هذه الشركات هناك ايضا شركتا «NTL» و«AOL » اللتان تقدمان اصلا خدمات «البرودباند» ضمن «باقات» ثلاثية تشمل قنوات تلفزيون وخطوط الهاتف الثابت، وهما بالتأكيد من الشركات الكبيرة التي تملك امكانيات هائلة ويمكنهما الدخول الى الاسواق بقوة.

ومع وجود (BT) اكبر شركة اتصالات في بريطانيا فان حرب الاسعار من المتوقع، ان تندلع بشكل كبير قريبا. ويتوقع العديد من المراقبين سقوط ضحايا خصوصا في صفوف الشركات الصغيرة التي تملك هامشا صغيرا للمناورة.

كما يؤكد المراقبون انه لا توجد ضمانة ان تبقى الاسعار منخفضة لفترة طويلة، وفي هذا السياق قال لـ«الشرق الأوسط» خبير الاتصالات البريطاني ماثيو فرانك «ان الشركات عندما تقتنص حصصها في السوق فانها من المتوقع ان تقوم في المستقبل برفع الاسعار بشكل تدريجي». ولكن في المقابل فان خبراء آخرين يؤكدون ان قطاع الاعمال الصغيرة، فضلا على الاشخاص العاديين، سيستفيدون ايضا من «حرب» الاسعار التي قد تندلع بين شركات الإنترنت، حيث ان شركة (BT) اصبحت تملك حرية كبيرة في تسعير خدمات قطاع الاعمال وهو ما قد يؤدي بها الى تقديم خدمات مغرية لقطاع الاعمال الصغيرة من اجل اكتسابهم.

وينبغي الاشارة إلى ان شركة «فرانس تيليكوم» التي تملك شركة «اورانج» في بريطانيا تعتبر اكبر مزود في اوروبا لخدمة الإنترنت «البرودباند» حيث وصل عدد مشتركيها الى نحو 7.6 مليون شخص في نهاية عام 2005 طبقا للارقام التي اوردتها مؤسسة «استراتيجي اناليتكس» المتخصصة في قطاع الاتصالات.

ووفقا لتلك البيانات ايضا فانه مع نهاية عام 2005 كان هناك 76 مزودا لخدمة الإنترنت ينتشرون في 20 بلدا اوروبيا ويقدمون خدمة «البرودباند» لنحو 52 مليون شخص، وهو ما يمثل 53 في المائة زيادة عن عام 2004.

ويأتي في المرتبة الثانية بعد «فرانس تيليكوم» شركة «تيليكوم ايتاليا» التي استطاعت العام الماضي انتزاع الترتيب الثاني من «تي موبايل»، وفي هذا السياق قال مارتن اولوسون المحلل في «استراتيجي اناليتكس» ان شركة «فرانس تيليكوم تبقى تتربع على عرش البرودباند في اوروبا بلا منازع.. الا ان الصورة قد تتغير خصوصا مع دخول شركات من اميركا والشرق الاوسط وجنوب افريقيا الى السوق الذي قد يشهد عمليات شراء واندماج في الفترة المقبلة والتي بدورها قد تزيد بحدة من عمليات المنافسة القوية القائمة اصلا».

وفي الحقيقة فان شركات الاتصالات العربية باتت مرشحا قويا لدخول القطاع في اوروبا خصوصا ان بعض الخبراء يقدرون انها تستطيع توفير 85 ـ 105 مليارات دولار من اجل القيام بعمليات شراء او اندماج.

وفي هذا الاطار قدرت مؤسسة (Caylon) البنكية والاستثمارية ان شركات الاتصالات العربية بعد توسعها محليا باتت تتطلع للتوسع اقليميا ودوليا خصوصا في اوروبا، حيث تملك على سبيل المثال شركة الاتصالات السعودية لوحدها 8 مليارات دولار نقدا لهذا الغرض، في حين ان الشركات العربية مجتمعة يمكنها جمع 85 ـ 105 مليارات دولار «مما يمنحها القدرة على الدخول في أية «حرب اسعار» مقبلة في قطاع الاتصالات». يشار الى ان مؤسسة «مدار» التي مقرها دبي قدرت مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية بنحو 16 مليونا عام 2004، في حين تتوقع مؤسسة «استراتيجي» ان يرتفع هذا الرقم الى 52 مليون شخص في الثلاث سنوات المقبلة.

وبكل تأكيد فانه مع تزايد عمليات تحرير قطاع الاتصالات على مستوى العالم خصوصا في المنطقة العربية فان «حرب الاسعار» ربما يكون لها طابع شمولي حيث انها من المرجح ان تمتد الى كافة الساحات، ولعل اسواق المنطقة العربية من اكثر المناطق المرشحة لعمليات منافسة قوية ودخول في «حرب» جديدة، لكن المفارقة ان هذه الحرب ستكون من نوع اخر وعلى عكس كل حروب المنطقة حيث سيكون مرحبا بها من قبل الشعوب التي تنتظر خدمات اتصالات مميزة وباسعار مناسبة.