ارتباك في سوق السيارات المصري وعودة الروح إلى المستعمل

خبراء الصناعة: فرض رسم تنمية بنسبة 5% على السيارات الجديدة يقضي على صناعة السيارات المصرية

TT

شهدت أسواق السيارات بمصر ارتباكاً شديداً طوال الاسبوع الماضي بأكمله، ومن المتوقع أن يستمر هذا الارتباك لفترات قادمة، فقد توقفت حركة بيع السيارات الجديدة توقفاً شبه كامل، وذلك بعد الموافقة لوزير المالية الدكتور مدحت حسنين على فرض رسوم جديدة بنسبة 5 في المائة على السيارات الجديدة مما سيؤدي الى ارتفاع أسعارها ارتفاعاً كبيراً.

ويتوقع خبراء السيارات عودة الروح لسوق السيارات المستعملة التي ظلت منهارة تماماً طوال السنتين الماضيتين، وذلك لعودة راغبي اقتناء السيارات خاصة من أصحاب الدخول والمدخرات الصغيرة الى سوق السيارات المستعملة.

وبالفعل بدأت بوادر الارتفاع في أسعار السيارات المستعملة بالظهور في سوق الجمعة الشهير للسيارات المستعملة بمدينة نصر والذي يعقد طوال كل يوم جمعة، فقد بدأ عارضوا السيارات للبيع في زيادة الأسعار التي كانوا يعرضونها في يوم الجمعة الماضية، أي منذ اسبوع واحد فقط لنفس السيارات المعروضة من أسابيع ماضية، والتي لم يجد أصحابها مشترين لها.

وكانت وزارة المالية قد تقدمت بمشروع قانون لمجلس الشعب والشورى لفرض رسم للتنمية بواقع 5 في المائة على السيارات دون تحديد نوعها أو سنة صنعها، ولم يفرق مشروع القانون بين السيارات المستوردة وتلك المنتجة محلياً أو السيارات ذات السعات والأحجام الصغيرة أو الكبيرة، وبالفعل أقره مجلس الشورى تمهيداً لمناقشته في مجلس الشعب لاقراره.

وشهدت رابطة منتجي السيارات في مصر طوال الاسبوعين الماضيين حتى قبل عرض القانون على مجلس الشورى نشاطاً مكثفاً في محاولة لوقف مشروع القانون أو تعديله خاصة ان صناعة السيارات في مصر والتي تضم نحو 15 مصنعاً تعاني عدة مشكلات على مدى العامين الماضيين.

وأكد مصدر مسؤول في وزارة المالية ان فرض الرسوم الجديدة جاء بهدف تغطية العجز في الموارد المالية المتاحة خاصة على السلع الرأسمالية المتنوعة وأهمها بالطبع السيارات، مشيراً الى ان هناك بالفعل قانوناً صدر في عام 1986 فرض رسوماً على السيارات الخاصة بواقع 16 جنيهاً للسيارات سعة 1000 س.س، و23 جنيهاً للسيارات سعة 1300 س. س، و25 جنيهاً للسيارات 1600 س. س، و120 جنيهاً للسيارات 2000 س. س، و280 جنيهاً للسيارات حتى 2500 س.س، و350 جنيهاً للسيارات أكثر من 2500 س.س للموديلات قبل عام 1980، أما الموديلات من عام 80 وما بعده فقد فرض القانون مبلغ 500 جنيه على السيارات ذات السعة أكثر من 2500.

بينما يرى خبراء صناعة السيارات ان هذه الصناعة التي تعد حديثة ان رسم التنمية سيلحق أضراراً ضخمة بهذه الصناعة وستكون له آثار سلبية خطيرة على صناعة السيارات التي تعمل في الوقت الراهن في ظروف صعبة حيث لا تزيد نسبة التشغيل عن 30 في المائة الى 35 في المائة من الطاقات المتاحة للانتاج، ويتوقع ان تنخفض نسبة التشغيل مع انخفاض المبيعات بعد تطبيق رسم التنمية الجديد الى أقل من 25 في المائة.

وتوقع رئيس رابطة مصنعي السيارات ورئيس اتحاد الصناعات في مصر الدكتور عبد المنعم سعودي تراجع حجم المبيعات بنسبة 25 في المائة عن العام الماضي الأمر الذي سيؤدي الى ارتفاع تكلفة السيارات المنتجة محلياً وزيادة الصعوبات التي تواجه هذه الصناعة، وبالتالي تقليل فرص المنافسة وتزداد المتاعب المستمرة في هذه الصناعة، ومن هنا ستتأثر 15 شركة منتجة لسيارات الركوب في مصر تبلغ استثماراتها 7 مليارات جنيه، بالاضافة الى تأثر عدد كبير من المصانع المغذية للسيارات، والتي تزيد استثماراتها عن ملياري جنيه حيث ان اجمالي الاستثمارات في صناعة السيارات يزيد عن 9 مليارات جنيه.

وحذر سعودي من لجوء هذه المصانع الى حل لجزء من مشاكلها بتسريح عدد من العاملين بها كاجراء اضطراري والذي يبلغ عددهم نحو 70 ألف عامل وفني ومهندس، وهذا ما يتعارض مع توجه الحكومة التي تبذل جهوداً ضخماً لخفض حجم البطالة في المجتمع المصري وليس زيادة.

وطالب بإعادة النظر في دراسة هذا الاقتراح الذي يهدف حسبما يتردد الى توفير نحو 1.5 مليار جنيه لموارد الدولة بينما يتساءل الدكتور سعودي: كم يتكلف المجتمع سنوياً في حالة تسريح جزء من هذه العمالة ويتضرر من هذا الاجراء آلاف الأسر المصرية الذين سيضيفون عبئاً جديداً على الحكومة والمجتمع ربما تزيد تكلفته كثيراً عن حصيلة رسم التنمية الجديد.

وأكد سعودي على ضرورة فرض هذا الرسم الجديد في حالة الضرورة على السيارات المستوردة فقط بحيث لا يسري على السيارات المنتجة محلياً حتى لو لجأت الحكومة الى زيادة النسبة من 5 الى 10 في المائة لتعويض النقص في الحصيلة المتوقعة خاصة ان ظروف الصناعة المصرية بشكل عام وصناعة السيارات المحلية بشكل خاص لا تحتمل فرض أي رسوم جديدة على منتجاتها.

بينما أكد خبير صناعة السيارات وسكرتير عام الرابطة المصرية لمصنعي السيارات المهندس صلاح الحضري ان هذه الصناعة شهدت تراجعاً كبيراً في حجم النشاط على مدى عامي 99 و2000 بعد ان انخفض اجمالي المبيعات في عام 2000 ليصل الى 62 ألفاً و841 سيارة بنسبة 8.5 في المائة عن عام 99 الذي تحققت خلاله مبيعات بلغت 68 ألفاً و610 سيارات على الرغم من ان سوق السيارات بمصر شهدت نمواً سنوياً يتراوح ما بين 6 و7 في المائة في عام 99 وانخفض الانتاج في عام 2000 ليصل الى 39 ألفاً و880 سيارة بنسبة 12.2 في المائة عن عام 99 بينما بلغ اجمالي السيارات المستوردة بالكامل 22 ألفاً و961 سيارة بانخفاض أقل من 1 في المائة عن عام 1999.

وقال الحضري ان خبراء صناعة السيارات كانوا يأملون ان يشهد العام الحالي تعويضاً في حجم الانخفاض سواء من حيث الانتاج أو المبيعات إلا ان فرض رسم التنمية سيقضي على هذه التوقعات تماماً بل وسؤدي الى خفض في المبيعات عن مبيعات العام الماضي المنخفضة أصلا ليتراوح ما بين 25 الى 30 في المائة ليصل اجمالي الانخفاض الى ما بين 35 الى 40 في المائة عن عام 98 مما يؤدي بالقطع الى زيادة الصعوبات التي تواجه هذه الصناعة.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب (البرلمان) برئاسة الدكتور امين مبارك ستعقد عدة لقاءات عاجلة مع خبراء صناعة السيارات ووزير الصناعة ووزير قطاع الأعمال وممثلي اتحاد الصناعات مع وزير المالية لدراسة الوضع المتأزم الجديد وسيتم خلاله عرض وجهة نظر خبراء صناعة السيارات واقتراح البدائل المتاحة.

كما علمت «الشرق الأوسط» انه لا توجد نية لدى الحكومة للتراجع عن فرض الرسم الجديد أو سحب مشروعها بعد اقراره من مجلس الشورى وتأييد أغلبية المجلس لمشروع القانون المقدم من وزارة المالية.

في حين ارجع بعض خبراء الاقتصاد اصرار الحكومة على اصدار هذا القانون الى رغبة الحكومة في إعادة تنظيم السوق وتقليل كثافة المرور في شوارع المدن المزدحمة في حين أكد بعض الخبراء ان الهدف هو محاولة تعويض الانخفاض المتوقع من حصيلة الجمارك بسبب تطبيق بعض الاجراءات الجديدة التي واكبت الموازنة الجديدة للدولة، وأيضاً للتقليل من اصدار اذون وسندات خزانة بعد ارتفاع الدين الاجمالي المحلي بشكل لافت للنظر وبات يشكل مصدراً لقلق العديد من خبراء الاقتصاد المصري.