القضاء الإداري المصري ينظر دعوى 126 شركة صرافة ضد وزير الاقتصاد

TT

تنظر محكمة القضاء الاداري اليوم الدعوى القضائية التي رفعتها 126 شركة صرافة ضد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية د. يوسف بطرس غالي بسبب قراره الأخير بالزام شركات الصرافة بزيادة رأسمال كل واحدة منها من مليون إلى 10 ملايين جنيه. وفي هذه الأثناء بدت على السطح أجواء من التقارب والاحتواء للنزاع بين الطرفين الذي استمر قرابة العام تبادل فيه الطرفان الاتهامات حول مسؤولية أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري مما يرجح انتهاء النزاع وليس أزمة الدولار قريباً. فيما يتوقع كثير من أصحاب شركات الصرافة أن يكون الحكم القضائي غداً في صالحها على أساس أن زيادة رأسمال الصرافات «تدخل اداري» لا يتناسب مع حرية السوق وآليات العمل الاستثماري بالدولة.

وتتجسد أجواء التقارب بين شركات الصرافة ووزير الاقتصاد في قيام شركات الصرافة حالياً بدراسة اقتراح لوزير الاقتصاد طرحه أثناء اجتماع مغلق مع ممثلي الصرافات قبل يومين يقضي بتشكيل شركات قابضة للصرافة برأسمال لا يقل عن 10 ملايين جنيه تعمل تحت مظلتها شركات صرافة تابعة ولها حق الاستقلال المالي والاداري في ضوء السياسات العامة للشركة القابضة التي تنطلق من سياسات الصرف والنقد بالدولة وهو اقتراح يضمن تنفيذ قرار الحكومة ورغبات شركات الصرافة بشكل توفيقي ويزيل مخاوف الاندماج بين شركات الصرافة أو تصفية النشاط .

وبالرغم من أن اقتراح وزير الاقتصاد يلقى ترحيباً نسبياً من شركات الصرافة باعتباره «حل وسط» إلا أن كثيراً من المصرفيين المصريين يرون أن ذلك الحل لم يمس المشكلة الأصلية وهي أزمة الدولار التي اندلع بسببها النزاع بين الوزير والشركات ولكنه ركز على «أعراض الأزمة»، حيث أن التصالح بين الحكومة والصرافات ليس هدفاً في حد ذاته أو وسيلة للسيطرة على أزمة الدولار في المستقبل داعين الحكومة إلى التركيز على علاج ناجع للأزمة الحقيقية وهي أزمة الدولار والأزمات الاقتصادية الأخرى التي صعدت من أزمة الدولار وعلى رأسها أزمتي نقص السيولة بالبنوك والركود بالأسواق الذي تتبلور في زيادة حالات الافلاس التجاري بالأسواق والتوسع في ظاهرة البيع بالتقسيط.

وفيما يبدو هناك استقرار نسبي في سعر صرف الدولار بالسوق المصري حالياً والتزام معظم شركات الصرافة بالسعر المركزي للدولار الذي حدده البنك المركزي بمقدار 385 قرشاً مع السماح بالزيادة في حدود واحد في المائة من السعر المحدد إلا أن بعض شركات الصرافة تعمدت زيادة سعر الصرف في الساعات الأخيرة وقبل صدور الحكم القضائي مما دفع وزير الاقتصاد أمس إلى وقف 11 شركة صرافة بشكل مؤقت لمدة تتراوح مابين 15 ـ 21 يوماً لعدم التزامها بالقواعد وهو قرار يؤكد نية الحكومة الضرب بيد من حديد على المضاربين على الدولار رغم أجواء التقارب بين قيادات شركات الصرافة ووزير الاقتصاد.

وتبرر وزارة الاقتصاد قرارها بتوقيف 11 شركة صرافة عن العمل إلى أن هناك أيد خفية تتلاعب في سوق الصرف وتضر بقيمة الجنيه المصري بهدف تحقيق أرباح خيالية على حساب الاقتصاد القومي داعية الصرافات إلى فهم وادراك المهام المصرفية للبنوك العاملة في مصر ومهام شركات الصرافة على أساس أن مهمة البنوك تمويل التجارة الخارجية للدولة وتدبير العملات الأجنبية اللازمة للاستيراد في حين أن مهام شركات الصرافة في شراء وبيع العملات الأجنبية كدور مساعد في اطار منظومة متكاملة تضعها الدولة لضبط ايقاع سعر الصرف.

ومن جانبه يسعى البنك المركزي المصري والذي منحه رئيس الجمهورية تفويضاً رسمياً يرسم السياسة النقدية للدولة دون تدخل من وزير الاقتصاد وضع سياسات نقدية من شأنها ضمان الاستقرار في سعر الصرف وقام أخيراً بخفض سعر الفائدة على الاقراض والخصم من 12 إلى 11.5 في المائة وهي المرة الأولى التي يتم فيها التخفيض منذ 3 سنوات ويأتي ذلك في اطار حزمة من الاجراءات تستهدف زيادة السيولة لدى البنوك وكسر حدة الركود في السوق وهو قرار سيدفع البنوك العاملة مستقبلاً على خفض الفائدة على الودائع لتحسين مناخ الاستثمار وتنشيط بورصة الأوراق المالية على جانب آخر.

وبجانب تحركات البنك المركزي ووزارة الاقتصاد لضبط سعر صرف الدولار في السوق المصري ينتقد مصرفيون قرار البنك المركزي تثبيت سعر الدولار عند 385 قرشاً ويعتبرونه مؤشراً على عدم نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادي لمصر على أساس أن التثبت وسيلة وليس غاية لأن الهدف هو انجاز معدلات نمو عالية كما جاء في بيان الحكومة الأخير «6 في المائة سنوياً» والسيطرة على التضخم ومكافحة البطالة بزيادة فرص التشغيل وتقليص عجز الميزان التجاري مع زيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبي، مشيرين إلى أن قرار التثبت مجرد «مسكنات» ولا يمثل حلولاً جذرية للأزمة.

يشار إلى أن أزمة الدولار طفت على سطح الاقتصاد المصري بشكل ملموس خلال الأشهر الأخيرة بسبب نقص حصيلة الدولة من النقد الأجنبي نتيجة انخفاض ايرادات قناة السويس وارتفاع فاتورة الواردات مقابل نقص الصادرات ونقص تحويلات المصريين من الخارج بعد أزمة الخليج وانخفاض عوائد السياحة بالاضافة إلى انخفاض عوائد النفط بعد تذبذب سعره في الأسواق الدولية مؤخراً لكن كثير من المسؤولين الحكوميين حملوا مسؤولية أزمة الدولار وارتفاعه إلى 4 جنيهات مصرية إلى مضاربات شركات الصرافة وهو ما تنفيه الشركات ولا تعتبره السبب الحقيقي للأزمة.