خلاف حول الفائدة يدفع البنوك الأردنية للإحجام عن شراء سندات الخزينة من «المركزي»

TT

بدا الخلاف واضحا حول الفائدة التي طرحها البنك المركزي الأردني عندما اصدر سندات خزينة بقيمة 50 مليون دينار وألغاها مرتين، مبررا في بيان له أن الإلغاء كان «نتيجة لعدم كفاءة التسعير وارتفاع أسعار الفائدة عن المستوى المستهدف».

ويرى مصرفيون أن الفائدة التي طرحها البنك المركزي لا تتناسب مع النشاط المصرفي واسعار الفائدة المطروحة بين البنوك والتي تتجاوز 8 في المائة.

لكن محللين يرون ان عدم شرح المركزي لاسباب طرح الاصدار والغاية الاستثمارية منه من ابرز الاسباب.

ويقول المحلل المالي المحامي غسان معمر إن البنوك كانت بحاجة لمعرفة الاموال التي سيحصل البنك المركزي عليها من البنوك ومدى الجدوى الاقتصادية من ذلك، مشيرا الى أن من حق البنوك تحقيق عوائد مجزية نتيجة فوائض السيولة التي لديها.

وقال كان من الاجدى ان يشرح البنك المركزي الاردني إن كانت تلك الاموال ستكون عملية اقراض للحكومة او لتمويل عمليات استثمارية لمشاريع مجدية، على سبيل المثال يمكن ان يكون البنك المركزي يرغب بشراء كميات من الذهب من السوق المحلية وبالعملة المحلية الدينار لتحقيق عوائد مجزية في المستقبل.

وكان «المركزي اشار الى ان انه سيتولى دفع القيمة الاسمية عند الاستحقاق لمالكيها مؤكدا أن هذه السندات تحمل سعر فائدة ثابتا وان سعر الفائدة المعروض من قبل المزاود يمثل الريع الاطفائي الذي يقبل به على السند.

وبين البنك ان هذه السندات ستكون مسجلة على شكل قيد دفتري في سجلاته وتنتقل ملكيتها من شخص لاخر حسب قانون الدين العام فيما ستصدر هذه السندات بالقيمة الاسمية بفئة الف دينار ومضاعفاتها.

وتدفع فائدة السندات على قسطين متساويين في السنة عدا القسط الاخير فيكون حسب الايام الفعلية حتى تاريخ الاستحقاق.

كما حدد البنك 50 في المائة من القيمة الاسمية كسقف اعلى ممكن بيعه للبنك الواحد مبينا ان الحد الادنى للمزاودة هو ماية الف دينار او مضاعفاته.

واعتبر معمر أن الاسباب المتكررة للحفاظ على السيولة النقدية وادوات في ضبط التضخم من خلال التركيز على امتصاص السيولة من السوق لتحقيق التوازن المالي والنقدي من خلال طرح سندات وأذون خزينة والاقتراض من السوق المحلي امر غير مبرر بالقول إن المركزي يستطيع التحكم بالسيولة من خلال رفع او خفض الاحتياطات الالزامية لدى البنوك.

واتفق الخبير الاقتصادي الدكتور هاني العمر مع ما ذهب اليه الخليلي بان على المركزي ان يشرح جدوى الاقتراض الداخلي معتبرا ان البنوك تسعى لتحقيق اكبر عائد للسيولة التي لديها والتي حاليا تعمل بشكل جيد من خلال عمليات الاقراض للمؤسسات والافراد.

وتشير الارقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي الى ان حجم سندات واذونات الخزينة والتي تندرج تحت بند الدين الداخلى ارتفع بشكل ملحوظ وبلغ 2.1 مليار دينار في شهر كانون ثاني للعام الحالي مقابل 740 مليون دينار للعام 2001 و1.5 مليار دينار للعام 2004 و 2 مليار دينار للعام الماضي مما يشير الى توجه للاقراض الداخلي.

ويعتبر الخليلي انه من غير المناسب سحب السيولة من السوق في الوقت الحالي وإن اشهر الصيف التي تزداد فيها التدفقات النقدية سواء من الخارج او من السوق المحلية تستدعي ذلك للمحافظة على حجم النقد وسعر صرف الدينار المربوط بالدولار وصولا الى احتياطيات جيدة لدى البنك المركزي.

واعتبر الخبير البنكي ياسر القاضي عدم معرفة البنك المركزي لتوجهات الفائدة المستقبلية وتبعا لما سيقرره الاحتياطي الفدرالي الاميركي سببا في الخلاف مع البنوك حيث أن اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي في العاشر من ايار (مايو) الماضي خلص الى «ان صناع السياسات ليسوا واثقين إلى اي حد يتعين رفع أسعار الفائدة، إن كان يتعين رفعها أصلا، لكن الإشارة إلى تزايد الضغوط التضخمية أسهمت في تعزيز التكهنات بان أسعار الفائدة قد ترتفع».

وأدى محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الاتحادي، البنك المركزي الاميركي، الخميس الماضي إلى زيادة التوقعات بان يرفع المجلس أسعار الفائدة مرة أخرى هذا الشهر عن مستوى خمسة بالمائة.

وكان البنك المركزي الأردني قرر منتصف الشهر الماضي رفع أسعار الفائدة الرئيسة على أدوات السياسة النقدية للبنك المركزي الأردني بمقدار 25 نقطة أساسية من خلال رفع سعر اتفاقيات إعادة الشراء لديه لأجل أسبوع من 8 في المائة الى 8.25 في المائة سنوياً. ورفع سعر إعادة الخصم من 7 في المائة إلى 7.25 في المائة سنوياً. ورفع سعر فائدة «نافذة الإيداع للدينار» لديه من 5 في المائة إلى 5.24 في المائة سنوياً.

ويأتي هذا الإجراء حسبما افاد البنك لاحتواء الضغوط التضخمية العالمية في ظل انفتاح الاقتصاد الأردني وفي ظل المستوى المرتفع لاستخدام الموارد وإذا لم يصاحب ذلك الزيادة المطلوبة في الإنتاجية فقد تنشأ ضغوط تضخمية إضافية. كما يهدف هذا الإجراء إلى الحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار الأردني وبالتالي المحافظة على البيئة الاستثمارية الجاذبة والتي تمكن النشاط الاقتصادي الأردني من الاستمرار في تحقيق معدلات النمو المستهدفة. وسيستمر البنك المركزي من خلال متابعته للمتغيرات الاقتصادية الرئيسية المحلية والدولية باتخاذ الإجراءات المناسبة التي من شأنها الحفاظ على الاستقرار النقدي والتنسيق مع السياسة المالية لتحقيق التوازن الداخلي والخارجي.