عليكم بالتحليل المالي

سعود الأحمد

TT

هناك شريحة كبيرة من مجتمع رجال المال والأعمال السعوديين تفرغوا أخيرا للعمل في المتاجرة في سوق الأسهم السعودي. بعضهم تقاعد أو استقال من وظيفته، وبعضهم ترك صناعته وأقفل أو باع مصنعه، وبعضهم ترك المجال الصحافي أو الأكاديمي وغيره من المجالات ليتفرغ لسوق الأسهم. هؤلاء الرجال أعرف بعضهم من الزملاء في مهنة الصحافة الاقتصادية أو في تخصص المال والمحاسبة والمراجعة المالية... واعتقد أن فيهم خامات ممتازة يمكن أن يُعول عليهم ساسة الاقتصاد السعودي للقيام بدور صناع سوق الأوراق المالية السعودي في المستقبل. لكن ملاحظتي هنا ونحن في البدايات، أن نهتم ببناء النسيج الثقافي والمعلوماتي لحملة هذه الرسالة (المنتظرين). فاليوم نحن نتعامل سوق أسهم فقط. وقريباً سيكون لدينا اسهم وسندات، ومنها ـ من الطبيعي أن ـ سيكون لدينا سوق أسهم ممتازة وكوبونات ترفق مع السندات لتعطي حقوق خيار شراء أسهم ممتازة وحقوق خيار امتلاك أسهم عادية... وهكذا. وفي المسقبل سيكون لدينا سوق مالية مكتملة تشمل سوق للمعادن الثمينة وربما نفط ومعادن أخرى من حديد ونحاس... وغداً لناظره قريب.

وما دمنا في البدايات علينا ان نحدد الأولويات. فمن أراد التعامل في سوق الأوراق المالية، فعليه (في البداية) أن ينمي قدرته على قراءة القوائم المالية للشركات التي يرغب التعامل فيها. وأن يستعين بشخص أو اشخاص فنيين في المحاسبة المالية.

فالتحليل المالي أو ما يعرف بالتحليل الأساسي الذي بدأت تنصرف عنه الانظار لحساب التحليل الفني، عامل ومتطلب أساسي لبناء القرارات الاستثمارية. ومهما يكن فإن تحليل أوضاع السوق المالية يحتاج إلى خلفية في التحليل المالي والتحليل الفني (معاً). وكما هو معروف، فإن التحليل الفني يعتمد على دراسة سلوكيات السوق. وربما تحدث عنه الكثيرون وتُعرض في السوق دورات تدريبية عديدة للتعرف عليه، حتى صارت الثقافة فيه سهلة المنال.

لكن التحليل المالي أو الأساسي يتطلب من صاحبه معرفة وخبرة ومهارة بكيفية قراءة القوائم المالية. هذه القوائم تتكون من قائمة المركز المالي وقائمة الدخل وقائمة التدفقات النقدية والملاحظات المرفقة بها، وأن يكون على دراية بأسس إعداد ومعايير هذه القوائم، وكذلك معرفة بمعايير المراجعة وانواع تقارير مراجعي الحسابات والصيغ المتعارف عليها لكل منه ومدلولاتها. وللمعلومية هناك معايير محاسبية دولية للمحاسبة المالية وهناك معايير محلية للدول التي قطعت شوطاً في فقه المحاسبة والمراجعة المالية. ومن هذه الدول الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والمانيا والمملكة العربية السعودية. ومما يقوم به المحلل المالي في تحليله الأساسي، أنه يدرس معدل العائد على السهم ويستخرج معدل تكرارا الربحية. وذلك بقسمة سعر السوق على قيمة العائد السنوي للسهم. ويقارنه (رأسياً) بمعدل العائد على السهم للسنوات السابقة، ويقارنه (أفقياً) مع الشركات المماثلة ومن تعمل بنفس النشاط. ويدرس مصادر صافي الربح، هل هو من النشاط الأساسي، لتوقع له الدوام. أم من نشاط عرضي ليدرس مدى ديمومته. ويدرس بنود قائمة الدخل فقد يجد صافي ربحية بنك متدنية لأنه في بداية إنشائه ويصرف جزءاً كبيراً من إيراداته على النشاطات الراسمالية، بينما البنك الآخر قد تأسس قديماً ومعظم إيراداته تصرف على النشاطات التشغيلية، لكنه ليس في مرحلة تأسيس أو توسيع لنشاطاته. وبذلك يتوصل على حقيقة أن البنك الذي في مرحلة التأسيس يكون واعداً بشكل اكبر من غيره ولو أن صافي أرباحه منخفضة بالمقارنة بنظرائه.

وختاماً.. فإن الذي يحتاجه سوق الأسهم السعودي في الوقت الحاضر هو محلل أسواق مالية، تكون لديه خلفية محاسبية، يضفي عليها دراسة للنظريات الحديثة في التحليل الفني. عند ذلك ينتظر لتحليلاته أن تكون اقرب إلى الدقة والفعالية في الاستناد عليها لاتخاذ القرارات الاستثمارية.

* محلل مالي سعودي [email protected]