خبراء: 8 مليارات دولار حجم خسائر صناديق الاستثمار في المنطقة

بنسبة تراوحت بين 15 إلى 20%

TT

قدر محللون ماليون حجم الخسائر التي منيت بها صناديق الاستثمار العربية بما يقارب 15 إلى20% من حجمها، أي نحو 8 مليارات دولار من قيمتها الاجمالية، ولأن اختلفت التقديرات حول حجم هذه الخسائر الا ان الخبراء الماليين الذين تحدثوا لـ«الشرق الاوسط» اجمعوا ان الخسائر كبيرة.

فبعيدا عن الاستثمار المباشر في اسواق الاسهم وتجنبا للمضاربة اختار العديد من المستثمربن في المنطقة التوجه لصناديق الاستثمار في الاسهم كونها تدار بأيدي خبيرة تعرف متاهات الاسواق وخفاياها. ومع الطفرة المالية الكبيرة التي تعيشها المنطقة نشطت العديد من الجهات مؤسسات وافراد لتشغيل رؤوس اموال قدرها البعض بمليارت الدولارات ففي ظل غياب الاحصاءات الدقيقة، وهو ما ذكره هاشم منتصر الرئيس الاقليمي لادارة الاصول في المجموعة المالية هيرمس الذي قدر حجم الصناديق في دول الخليج في العام 2005 بنحو 25 ـ 30 مليار دولار بينما يبلغ حجمها على المستوى العربي لحدود 35 ـ 40 مليار دولار، مقدرا خسائر الصناديق الاستثمارية بالمنطقة بما يتراوح بين 15 إلى 20%، واضاف حافظت الصناديق على هذا الحجم خلال العام الحالي نتيجة لتراجع موجوداتها بتراجع اسواق المال في المنطقة. وتراجعت البورصات الخليجية خلال النصف الأول من العام الحالي الى مستويات قياسية لم تفلح معها تدخلات حكومية لوقف النزيف الذي طال شرائح واسعة من المجتمع، وكان سوق دبي المالي اكثر الاسواق الخليجية سوءا في الأداء مع تراجع في النصف الاول تجاوز 55% مقابل نمو تجاوز 100% العام الماضي، كما تراجع سوق أبوظبي بحدود 30% والسوق السعودي قلص خسائره إلى 22% بعد عمليات ضخ سيولة، فيما شهد سوق الدوحة هو الآخر تراجعا بنسبة 30%. ويرى حسن هيكل المدير التنفيذي في المجموعة المالية هيرمس بانه امر طبيعي لكنه اوضح ان نسبة التراجع تختلف من صندوق لآخر، وقال «في حال سجل المؤشر العام للسوق تراجعا بنسبة 50% مثلا يكون من الطبيعي حدوث تراجع في ارباح الصناديق بنسبة تتراوح بين 40 الى 45% وهذا يعني انه لو اقدم المستثمر على الاستثمار المباشر في اسواق الاسهم لكانت خسائره بحدود 50% لكن تراجع الاسواق لا يعني انتفاء الفرص الاستثمارية فيها فهناك العديد من المستثمرين اقدموا على اختيار محفظة تضم اسهم عدة شركات وفي اكثر من سوق للاستثمار فيها».

واعتبر هيكل ان اقتصادات المنطقة ما زالت قوية وهناك توجه للاستثمار في الصناعة مثل مصانع الاسمنت والبتروكيماويات والفنادق. واضاف ان رؤوس الاموال في المنطقة كبيرة وان جزءا كبيرا منها يتم تحريكه باتجاه القطاعات الاخرى في المنطقة نفسها، ولكن هيكل خالف الاراء القائلة بأن جزءا كبيرا من رؤوس الاموال العربية رحلت الى الخارج، مؤكدا ان العامين القادمين 2007 و2008 سوف يشهدان انتعاشا آخر في اسواق السهم من جديد «لكن هذه الاسواق ستبقى تعيش حالة من التذبذب تتراوح بين 6 ـ 10% طيلة العام الحالي». زياد الدباس مدير ادارة السوق الداخلي في بنك ابوظبي الوطني قال ان صناديق الاستثمار في المنطقة تعرضت لتراجع كبير في ممتلكاتها حيث خسرت جزءا مهما من اصولها نتيجة انخفاض مؤشرات اسواق الاسهم وايضا بسسب اقدام المستثمرين على حركة تسييل واسعة بطلب سحب استثماراتهم منها، وقال ان اموال المضاربين تشكل 60% من حجم الصناديق ولانهم يسعون لتحقيق مكاسب سريعة فانهم يلجأون لتسييل استثماراتهم لتحقيق هذا الهدف خاصة ان معظم الصناديق في المنطقة مفتوحة بحيث يستطيع أي مستثمر الدخول والخروج منها خلال فترة قصيرة من اكتتابه (بعضها يصل لفترة اسبوع )، ويضيف «في هذه الظروف يصعب على الصناديق اجتذاب اموال جديدة بينما تتعرض موجوداتها للتراجع بسبب التسييل وكثيرا ما تقوم الصناديق بعملية التسييل عند تراجع الاسعار وهو ما يتنافى مع دورها الرئيسي في دعم اسواق المال عبر قيامها بالشراء عند تراجع الاسعار.

وارجع الدباس ما يحدث الى ضعف الوعي الاستثماري في المنطقة فالناس اقبلت على الصناديق عندما كانت اسعارها مرتفعة واليوم تنسحب منها رغم انخفاض الاسعار». وقدر الدباس نسبة ما تم تسييله من صناديق الاستثمار يتراوح بين 30 الى 40% من حجمها وتوقع ان تبلغ نسبة تراجعها لحدود 25% في حال تراجعت الاسواق الى 30% ولم يستثن الدباس محفظة بنك ابوظبي الوطني من هذا التقييم وقال «ما حدث للمحافظ الاخرى يشابه ما حدث في محفظتنا».

لكن راشد الفوزان المحلل المالي والمدير التنفيذي في شركة الفوزان السعودية خالف الآراء القائلة ببقاء الاموال في المنطقة وقال ان الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها الصناديق الاستثمارية دفع بالمستثمرين للنزوح الى الاسواق الهندية والصينية كونها تشكل اسواقا ناشئة وتحقق نسب ارباح عالية، وقال صحيح ان الصناديق في دول الخليج سجلت ارباحا فلكية ووصل بعض منها الى 148% الا ان الامور تغيرت فاليوم لا توجد صناديق رابحة في السعودية وتتراوح الخسائر بين 25 ـ 30% بنهاية النصف الاول من العام الحالي، ورجح ان تتعدل هذه النتيجة مع نهاية العام نتيجة قيام هذه الصناديق بالاكتتاب في الشركات الجديدة وهو ما يؤهل الصناديق لتعويض بعض من خسائرها وفي احسن الاحوال تحقيق ارباح لن تتجاوز الـ20% في احسن الاحوال.

وارجع الفوزان الخسائر التي منيت بها الصناديق ليس لقلة خبرة من يديرها بل لكونها صناديق ضخمة تضم مليارات الدولارات وهو ما يجعل مسألة تحريك هذه المبالغ بشكل سريع وقوي عملية صعبة لاعتبارات قانونية وتنظيمية كونها صناديق للاستثمار وليس للمضاربة وهو لم ينف الدور المضارب للصناديق في الاسواق. ولكنه اعتبر ان مشكلة الصناديق في السعودية على وجه الخصوص تكمن في ازدواجية دورها كونها تدير محافظها ومحافظ عملاء اخرين. واضاف الفوزان ما يحدث في السوق السعودي ان المضاربين يتولون امر المضاربة بأنفسهم وليس عبر الصناديق وقال ان الجزء المضارب في الصناديق لا يشكل نسبة كبيرة.

وعن الجزء غير المضارب في الصناديق والذي فضل اصحابه الاستثمار في الصناديق بعيدا عن مخاطراسواق الاسهم والتعرض للخسائر فقد وصفه البعض بأنه كالمستجير من الرمضاء بالنار وهو ما وافق عليه الفوزان معتبرا ان الاستثمار في الاسوق اكثر جدوى خاصة ان اختار المستثمر اسهم الشركات التي تحقق نتائج جيدة.