متى يتطور التحليل المالي ؟

TT

ما زالت الحاجة ماسة للتحليل المالي المنهجي، الذي يلبي حاجة المتعاملين في سوق الأسهم. فكل يوم نطالع صفحات بأكملها تستعرض أوضاع سوق الأسهم، ومعظمها (إن لم يكن جميعها) يتلخص محتواها في زاد ونقص!. فهذه التحليلات يجب أن نتفق على تسميتها بأنها أستعراض لأوضاع أو حركة تداولات السوق ليوم أو لفترة ما!. لكن، أين تقارير قراءة القوائم المالية السنوية والربع سنوية ومقارنات الأرقام ببعضها ومتابعة وتحليل أسباب الفروقات؟ لا سيما أن قوائم الربع الثاني لعام 2006 قد آن أوانها؟، لماذا تقف معظم التحليلات عند أخذ أرقام القوائم المالية على أنها مسلمات، وكأنها تصفق لأعضاء مجالس الإدارات الذين ينشرون البيانات المالية متضمنة العديد من الخفايا والملاحظات الفنية التي لا تظهر جلية للقارئ العادي؟!. لماذا إذا قام المحلل المالي بقراءة متعمقة لقوائم مالية لإحدى الشركات قامت قائمة اعضاء مجلس إدارتها ضد ذلك المحلل المالي وأخذت الأمور على أنها شخصية.. والحالات عديدة وشاهدة؟!.

فالتحليل المالي في أبسط تعريفه هو عبارة عن «عملية معالجة منظمة للبيانات المتاحة بهدف الحصول على معلومات تستعمل في عملية اتخاذ القرارات وفي تقييم أداء المؤسسات التجارية في الماضي والحاضر وتوقع ما ستكون عليه في المستقبل»، لذلك فالمستثمر والقارئ العادي يريد من المحلل المالي أن يعيد قراءة القوائم المالية ويعرضها بصورة اوضح، مفسراً مضامينها الفنية ومعطياً التوضيح الكافي لمدلولاتها وآثارها الآنية والمستقبلية، ثم يُقدم للقراء توقعاته المستقبلية في ظل ما يتاح له من معلومات. وان يقدم له (أيضاً) تقييماً علمياً ومهنياً يجيب على سؤال هام: هل القوائم المالية تمثل بعدل الوضع المالي للشركة (ام لا)؟!. ولا أدري كيف يقبل البعض على نفسه أن يقدم تقريراً على أنه تحليلاً مالياً ليغطي به صفحة اقتصادية كاملة بصحيفة يومية، بعد تزيينه بالرسومات والمنحنيات وعرضه بمختلف الألوان الزاهية، على أنه تحليل مالي للقوائم المالية لشركة ما. وهو في الحقيقة (مجرد) إعادة عرض لمحتوى هذه القوائم، كمن يفسر الماء بعد الجهد بالماء. والبعض إذا تكلف واجتهد أخذ بعضاً من مضامين تقارير مجلس الإدارة وأعاد الصياغة واضافها لتقريره الذي التزم مع الصحيفة بتجهيزه مبكراً لئلا يسبقه عليه احد!!. لماذا لا ينظر المحلل المالي لواقع كل صناعة على حدة؟ فعلى سبيل المثال، قطاع معظم موجوداته أصول ثابتة مثل شركات العقار والاتصالات يختلف عن المصارف الذي يكون معظم موجوداته نقدية، ولو اردنا (مثلاً) أن نحلل لماذا تتصاعد أرباح شركة اتصالات، وماذا نتوقع للميل الحدي لأسعار اسهمها بالأسواق، فإن التحليل المالي يجب ألا يقف عند الرأي المجرد بما نتوقعه في المستقبل، وانما الواجب أن يؤيد ذلك بأهم الدلائل، وأن يشار في التحليل إلى معقولية نسبة الربح، ويتعرض بشكل خاص للتدفقات النقدية، وأن يتم عرض وتحليل مصادر الأرباح واستخدامات التدفقات النقدية، وهل تنصب في النشاط الرئيسي (التشغيلي) أم بالعمليات العرضية والطارئة. لأن الربح من النشاط الرئيسي لشركة الاتصالات يفترض انه مستمر ومتزايد، وبذلك يتوقع للشركة ان تحقق ارباحاً مستقبلية، بعكس لو كان الربح نتيجة عمليات عرضية، فالمفترض انه لا يتكرر في المستقبل... وأن يربط بين ذلك وبين تزايد عدد المستخدمين لخدمات الشركة. ثم ما هي أهم بنود المصاريف؟ فقد يكون أهم المصاريف التي تخفض صافي الربح، هي استهلاكات الأصول الثابتة. ونحن نعلم أن مثل هذه المصروفات لا تمثل نقدية فعلية خارجة، كما أن الأصول الثابتة في العديد من الشركات تستهلك محاسبياً وهي ما زالت في عمر اقتصادي منتج!... فأين هي التحليلات التي توضح إيرادات هذه الأصول وهي مقيدة بالدفاتر المحاسبية بقيمة تذكيرية (واحد ريال لكل اصل!)... والأمثلة كثيرة.

وخلاصة القول... فإن دور المحلل المالي أن يوضح للقراء ما يخفى عليهم. ويقدم لهم التوقعات المستقبلية المبنية على دراسة الأوضاع الحالية للشركة والسوق والصناعة.

* محلل مالي سعودي [email protected]