رسوم إغراق الألبان الجافة تثير أزمة بين وزير الاقتصاد المصري و300 شركة صناعات غذائية

وزارة الاقتصاد ترفض تعديل الرسوم والشركات تهدد بالتصعيد واللجوء للقضاء

TT

رفضت وزارة الاقتصاد المصرية إعادة النظر في رسوم الاغراق الوقائية التي فرضتها على الألبان المجففة المستوردة لمدة 3 سنوات، مؤكدة ان الرسوم ستظل 15 في المائة في العام الأول الذي بدأ اعتباراً من 18 ابريل (نيسان) الحالي ثم تنخفض الى 7 في المائة في العام الثاني ثم 3 في المائة في العام الثالث، وأوضحت ان الزيادة في واردات الألبان المجففة من 22 ألف طن عام 1996 الى 44 ألف طن أدت لحدوث أضرار خطيرة تهدد مستقبل صناعة الألبان في مصر والتي تتجاوز استثماراتها 10 مليارات دولار.

وصرح وكيل وزارة الاقتصاد ورئيس جهاز مكافحة الاغراق بأن التحقيقات التي جرت بمعرفة الجهاز خلال الأشهر الستة الماضية أثبتت الاغراق وتضرر صناعة الألبان الوطنية بالبراهين والأدلة القاطعة، وان قرار فرض الرسوم جاء بعد فشل تسوية المشكلة ودياً بين أصحاب المزارع ومنتجي الألبان وأصحاب مصانع الحلويات والمخابز، موضحاً ان الجهاز كان قد فرض رسوم مؤقتة 45 في المائة على واردات الألبان منذ سبتمبر (ايلول) الماضي لحين انتهاء التحقيق في الشكوى المقدمة من منتجي الألبان ويتضررون فيها من زيادة الواردات، وانه اتجه لتخفيض الرسوم من 45 الى 15 في المائة وذلك لمراعاة التغيير الذي طرأ على سعر الصرف للجنيه المصري وارتفاع أسعار الألبان في الأسواق العالمية.

من جهة أخرى أثار قرار وزير الاقتصاد المصري الدكتور يوسف بطرس غالي بتمديد رسوم الاغراق على الألبان الجافة المستوردة لمدة 3 سنوات مقبلة ردود أفعال غاضبة داخل قطاع الصناعات الغذائية في مصر حيث أعلنت 300 شركة اعتراضها على القرار وحذرت من تداعيات شديدة الخطورة على صناعة الحلويات والمخابز حال اصرار وزارة الاقتصاد على تنفيذ القرار، مشيرة الى ان هذا القرار سيؤدي حتماً لارتفاع أسعار المنتجات الغذائية التي تعتمد على الألبان الجافة المستوردة كالحلويات والمخبوزات ولبن الأطفال والبسكويت والآيس كريم، موضحة ان خسائر الشركات خلال فترة الرسوم المؤقتة تجاوزت 10 ملايين جنيه.

الى ذلك كشفت غرفة الصناعات الغذائية التابعة لاتحاد الصناعات المصرية عن اتجاه بعض الشركات المتضررة الى اقامة دعاوى قضائية ضد وزير الاقتصاد لإلغاء قراره باعتباره مخالفاً للقوانين ومقررات منظمة التجارة العالمية، موضحة ان قرار فرض الرسوم كان غير متوقع لمعظم الشركات خاصة بعد المذكرات العديدة التي قدمتها الغرفة لجهاز مكافحة الاغراق وبينت فيها أهمية الألبان الجافة المستوردة في تصنيع الحلويات والمخبوزات ولبن الأطفال وعدم وجود بديل محلي لها، وكذا خطورة فرض رسوم اغراق عليها وتأثير ذلك المباشر على اسعار تلك المنتجات وقدرتها على مواصلة المنافسة مع نظيرتها المستوردة لا سيما من تركيا.

وقال مستشار غرفة الصناعات الغذائية علي فهمي عبد الرازق ان الغرفة أعدت مذكرة جديدة أكدت خلالها ان هذه الرسوم على واردات الألبان الجافة ستضر بمئات المصانع والمخابز والفنادق وترتفع أسعار السلع خاصة في ظل ارتفاع أسعار اللبن المجفف عالمياً الى 500 يورو للطن نتيجة لانخفاض الدعم الأوروبي وإلغاء الدعم الاميركي، موضحاً ان هذه الأسعار المرشحة للزيادة مرة أخرى سترشد استيراد اللبن الجاف تلقائياً دون حاجة لرسوم اغراق.

وأضاف ان مصر كانت تستورد الجبن المطبوخ خلال السنوات العشر الماضية وتحولت الى بلد مصدر نتيجة لوجود عشرة مصانع تستخدم اللبن الجاف، بالاضافة الى ان بعض المصانع انشئت بتراخيص لاستخدام اللبن المجفف وغير مهيأة لاستخدام لبن سائل في التصنيع.

وأوضح ان مصر تعاني من فجوة غذائية حادة لا سيما في قطاع الألبان حيث يصل متوسط حصة الفرد في مصر من منتجات الألبان 45 كيلو جراماً سنوياً، في حين ان متوسط نصيب الفرد الصحي لمنتجات الألبان يبلغ 90 كيلو جراماً سنوياً، الأمر الذي يوضح انه ليس من المصلحة تقييد استيراد الألبان خاصة انه لا فائدة واضحة من تحميل مستخدمي اللبن الجاف رسوم 15 في المائة حيث انه خامة وليس منتجاً نهائياً، مشيراً الى ان هؤلاء المستخدمين لا يقتصرون على شركات ومصانع انتاج الألبان وإنما يمتدون لمصانع وشركات البسكويت والحلويات والمخابز والفطائر والجبن، مؤكداً ان الاصرار على فرض هذه الرسوم يتنافى مع آليات السوق الحر ومبدأ العرض والطلب ويحمي مصالح أطراف ويتجاهل مصالح أطراف أخرى.

وقدر رئيس شعبة الحلويات بالاتحاد المصري العام للغرف التجارية احمد العبد الاحتياجات السنوية من الألبان الجافة بنحو 25 ألف طن، موضحاً انه لا يوجد بديل محلي لهذه الألبان، وبالتالي فان الشركات المستخدمة للبن الجاف في عملية الانتاج لا يمكنها الاستعاضة عنه باللبن السائب لان المواصفات القياسية نفسها تمنع ذلك، مؤكداً ان النسبة الزائدة طبقاً للقرار والتي ستكون 15 في المائة ستتحملها الشركات المستخدمة لأنها لا تستطيع أن ترفع أسعارها خاصة ان السوق لا يمكنها تحمل أية زيادة، إلا انه توقع ارتفاعاً في أسعار ألبان الأطفال بعد لجوء الصناع اليها كبديل عن اللبن المستورد.