دراسة: البطالة في الخليج تعود إلى تجزؤ سوق العمل واتجاه المواطنين للقطاع العام

TT

كشفت دراسة اعدتها هيئة حكومة اماراتية حول الأسباب الرئيسية لنشأة البطالة على المدى البعيد في اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي ان السبب الأول للبطالة في المنطقة يعود إلى تجزؤ سوق العمل وتواجد نسبة كبيرة من المواطنين ضمن القطاع العام نتيجة لاستحداث وظائف حكومية في السابق لاستيعابهم بالإضافة إلى توفر وظائف ذات مهارات وأجور متدنية ضمن القطاع الخاص لا تلبي تطلعات الكفاءات المواطنة وتعتبر فرصاً ملائمة للعمالة الوافدة الموجودة في المنطقة.

وكشفت الدراسة التي قامت بها مؤسسة «تنمية» كجزء من مشروع «نظام معلومات سوق العمل في دول المجلس، أن تراجع عائدات النفط وتطلعات المواطنين الخليجيين في الحصول على أجور مرتفعة ساهم في الحد من قدرة الحكومة على الاستمرار في استحداث المزيد من الوظائف ضمن القطاع العام، في الوقت الذي يوجد فيه اتجاه متصاعد نحو البطالة نتيجة للاختلالات الناجمة عن تمدد سوق العمل وغياب التعديلات الطارئة لمعالجة الفجوات الإنتاجية. وأوضحت الدراسة أن انخفاض معدلات البطالة يرتبط مع ارتفاع مستوى التعليم. وعند ازدياد نسبة البطالة لدى خريجي المرحلة الثانوية وارتفاع الرواتب إلى حد معين، تلتحق بعض الفئات غير النشطة بقوة العمل وتبدي جاهزيتها للعمل.

وتسلط الدراسة الضوء على بيانات وتحليلات على المستويين الجزئي والكلي للاقتصاد بغية التعرف على أسباب البطالة على المدى البعيد في الخليج. كما أنها تعرض العلاقة بين ظاهرة البطالة من جهة، وأسعار النفط والفجوة الإنتاجية وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الكلية من جهة أخرى. وتمضي الدراسة في تحديد الدروس المستفادة من سياسات سوق العمل المطبقة ضمن دول الخليج والعديد من الأنظمة الاقتصادية الأخرى.

واشارت الدراسة الى عدم وجود دليل من واقع نتائج الدراسة على صحة الافتراض بأن المواطنين يختارون البطالة بمحض إرادتهم، ذلك لأن البيانات كشفت أن معدلات البطالة بين الفئات الفقيرة من المواطنين تفوق معدلاتها بين الفئات الميسورة بخمسة أضعاف أي نسبة 11% بين 20 من الأسر المواطنة ذات الدخل المحدود، مقابل 2.2% بين أسر ذات دخل أعلى. وتبين أيضاً من خلال الدراسة أن احتمالات البطالة تكون أعلى بين المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة. (تم التوصل إلى هذه النتيجة بالاعتماد على بيانات من سلطنة عُمان).

ووفقا لنتائج هذه الدراسة فقد كان لحوافز التوظيف والحصص الوظيفية للتوطين آثار سلبية أكثر منها إيجابية على توظيف المواطنين، حيث ساعدت تلك الحوافز على زيادة الأجور بشكل عام، الأمر الذي أفضى إلى خفض الطلب على العمالة، كما عمدت بعض الشركات إلى توظيف عمال وهميين (على الورق فقط) لمجرد الوفاء صورياً بمتطلبات الحصص المقررة.

وخلصت الدراسة إلى أن أي محاولة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي لوضع حلول لمشكلة البطالة لن يكتب لها النجاح دون بحث ومعالجة العوامل المسببة لهذه الظاهرة.

كما أوردت الدراسة حججاً قوية تدعو إلى التخلي عن السياسات الراهنة واعتماد سياسات أخرى من شأنها إجراء إصلاحات شاملة ضمن سوق العمل. وتشمل السياسات المقترحة خفض حالة التجزؤ التي يعاني منها سوق العمل تدريجياً وتحسين قابلية القوة العاملة على الحركة والتنقل (خصوصاً العمال الوافدين) وكذلك الارتقاء بمستوى انتاجية المواطنين وتعزيز العلاقة بين النظام التعليمي وسوق العمل.