تقرير لـ«ميريل لينش» و«كابجيميناي»: تزايد توجه أثرياء الشرق الأوسط والعالم نحو الاستثمار الدولي

أكد أن شعارهم لم يعد «فكِّر عالميا وتصرَّف محليا»

TT

يبدي أثرياء العالم، أي الذين يملكون ما لا يقلّ عن مليون دولار أميركي من الأصول المالية الصافية، عدا عن السكن الأصلي والسلع الاستهلاكية، رغبةً في الاستثمار العالمي وانتهاج سُبُل العيش العالمية. وهذا التوجُّه سيتعاظم يوماً بعد يوم مع انتقال كميات لا سابق لها من الثروات الى أجيال جديدة من المستثمرين ذوي التوجهات العالمية، حسبما جاء في تقرير الثروة العالمية (يُعرف فيما يلي باسم «التقرير») الذي وضعته ميريل لينش ومؤسسة كابجيميناي.

وإذ يكتسب هذا التوجُّه زخماً سريعاً، يلجأ مديرو الثروة الى وضع منتجات وخدمات من شأنها أن تلبّي مطالب الجيل القادم من الأثرياء. وحسبما جاء في التقرير، يرى 86% من مديري العلاقات الذين أُجريت مقابلات معهم، انّ أسلوب مقاربة الخدمات يجب أن يتغير نتيجةً لتزايُد توجُّه الأثرياء نحو الاستثمار الدولي.

الاستجابة العالمية بخلاف الرأي القائل «فكِّر عالميا وتصرَّف محليا» يتزايد إقدام الأثرياء على التفكير عالمياً والتصرّف عالمياً، إذ يمتدّ نظرهم الى ما وراء الأسواق المحلية التقليدية لاستكشاف فرص استثمارية في بلدان واقتصادات ناشئة جديدة حول العالم.

بات الأثرياء، جرّاء توقّع تحقيق عوائد أفضل وتخفيف مخاطر الاستثمار، أكثر إدراكاً لفرص واستراتيجيات إدارة الثروة في الخارج. والواقع، أنّ 65% من مديري العلاقات الذين أُجريت معهم المقابلات، يرَون أنّ زبائنهم أكثر إدراكاً من ذي قبل لكيفية إدارة الثروة عالمياً.

فبالإضافة الى الاستثمار على صعيدٍ عالمي، يقوم 3 من أصل كل 10 أثرياء بشراء منازل في بلدانٍ مختلفة. ثمّ إنّ امتلاك عنوان خارج بلدهم الأصلي شائع بوجهٍ خاص بين المستثمرين من الشرق الأوسط وأوروبا، حيث يمتلك 80% و40% على التوالي من هؤلاء منزلاً في بلدٍ آخر.

وحسبما يتبين من التقرير، فإنّ تحسين عمليات إبلاغ الزبائن وتقديم الدعم لهم هما أهم مسألتَين عاجلتَين يتعين على شركات إدارة الثروة الالتفات إليهما.

يقول السيد برتراند لافاسيير، العضو المنتدب في مؤسسة كابجيميناي للخدمات المالية العالمية، «إنّ الأثرياء الجدد هم فعلياً مواطنون عالميون لا يطالبون فقط بالحصول على كشف كامل ومعلومات كاملة عن أصولهم، بل يرغبون أيضاً في تلقّي نصائح استراتيجية وعالمية حول الفرص الاستثمارية القادمة. ومديرو الثروة الذين يستطيعون تلبية الطلب المتزايد على المعلومات والنصح مع تقديم الأدوات والتقنيات المناسبة ستزدهر أمورهم مع الموجة الجديدة من المستثمرين الأثرياء».

العولمة ستشتدّ مع انتقال الثروة إذ يستمرّ سكان العالم في التقدّم في العمر، يُنتظر لكمية لا سابق لها من الثروات أن تنتقل من أيدٍ الى أخرى في السنوات المقبلة.

ويضيف السيد لافاسيير قائلاً: «إذ يحدث هذا الانتقال في الثروة، لن تقتصر مهمة مَن يديرون الثروات على إقامة علاقات مع الوارثين، بل يحتاجون أيضاً الى تلبية حاجات مجموعة من الأثرياء الجدد في مختلف أنحاء العالم».

ويقول السيد مكرم زكّور، رئيس مجلس ادارة «ميريل لينش الشرق الاوسط»، إنّ هذا التنوُّع الديمغرافي يتوافق تماماً مع المجال المالي العالمي.

ومن بين مديري العلاقات الذين أُجريت مقابلات معهم، في نطاق التقرير، يرى 84 منهم أنّ الوارثين المحتملين للثروات يرغبون في زيادة التعاطي مع الاستثمار الدولي، بينما يرى 76% منهم أنّ هؤلاء الوارثين يحبّذون الحصول على الخدمات أينما كانوا في العالم.

ويضيف السيد زكور قائلاً: «إذا ما أراد المستشارون الماليون تلبية مطالب الزبائن ذوي التوجهات العالمية وأخذ حصة من السوق، فمن الأهمية بمكان امتلاك القدرة على ارتياد عدة أسواق ومواجهتها بنمطٍ من الخدمات العالمية المتحدة». ويتابع قائلاً: «إنّ المستشارين الذين يستطيعون تقديم حلول عالمية سيربحون زبائن على الأرجح، كما يساعدون في التخفيف من المخاطر التي تصاحب انتقال الأصول الى شركات أخرى».

ويقول السيد لافاسيير: «إنّ ورثة الأثرياء وكبار الأثرياء يعلّقون آمالاً كبيرة على التكنولوجيا. فبالإضافة أيضاً الى زيادة تنويع التوزّع الجغرافي لممتلكاتهم المالية، يبدو من المرجّح، أن يلجأ الوارثون الأثرياء، بخلاف أترابهم من كبار الأثرياء، الى الاهتمام أكثر وأكثر باستثماراتهم، مركّزين على تحقيق عوائد أفضل وعلى المخاطر المتزايدة الناجمة عن التوجّه نحو تجميع الثروة بدلاً من الحفاظ عليها».

ماذا يريد الجيل القادم من الأثرياء؟

سواء أكان الجيل القادم من الأثرياء قد كسب ثرواته بعرق الجبين أم ورثها، فإنه سيحدث تغييراً أساسياً في كيفية إدارة الثروات. فالتقدّم الذي حصل على صعيد الوعي المالي العام وعلى صعيد التكنولوجيا رجّح تدريجياً كفّة العلاقة بين الزبائن ومزوّدي الخدمات المالية لصالح الفئة الأولى. فتزايُد المطالب وتردّي ثقة الزبائن والموجة الداهمة من حركة انتقال الثروة من جيلٍ الى آخر، تخلق أجواء يمكن أن تؤدي الى تفجير حركة معاملات الزبائن.

ثمة تحديان تاريخيان يمكن أن يصبحا أكثر تعقيداً، ونعني بهما طريقة إبلاغ الزبائن وإدارة الحسابات. فالمستثمر لا يريد أكداساً من الورق، بل جّل ما يبتغيه هو الحصول على معلومات يسهل الإطّلاع عليها وتلبّي حاجاته بحيث يتمكّن من الاطّلاع بسرعة على أوضاع استثماراته. إنه يرغب في الحصول على كشف حساب بمجموعة استثماراته يبيّن له كافة أصوله ومطلوباته بطريقة مبسّطة يسهل الاطّلاع عليها. ورغم أنّ هذا الطلب مباشر نسبياً، فإنه لا يزال بدون تلبية هنا وهناك في عالم اليوم.

ويقول السيد زكّور: «بصرف النظر عمّا قد تتمخّض عنه الخيارات الاستثمارية من تعقيدات، فإنّ طريقة حلّ مشاكل الزبائن يجب أن تظلّ مبسّطة وشفّافة ومفهومة، كي يمكن خدمة الزبائن والمستشارين على أفضل وجه».

يضيف السيد لافاسيير قائلاً: «هذا يستدعي الاستثمار في التكنولوجيا للحصول على بُنية تشغيلية تنظيمية فعّالة، والأهمّ من هذا، تمكين المستشار الذي يُعتبر وجه المؤسسة لدى الزبون من امتلاك الأدوات التي تساعده في دعم الزبون دونما زيادة العبء الإداري عليه».