الحكومة الإسرائيلية تبذل جهودا محمومة لمنع الأضرار الاقتصادية للحرب ومنع انهيار البورصة

وسط تراكم فائض بقيمة 6.5 مليار دولار

TT

تبذل الحكومة الاسرائيلية جهودا محمومة منذ بداية العمليات الحربية في لبنان لمنع الأضرار الاقتصادية، لدرجة انها تتدخل في البورصة لمنع انهيار أسعار الأسهم. وكانت هذه الحرب قد اندلعت في وقت تراكم فيه فائض في خزينة الدولة بقيمة 30 مليار شيكل (6.5 مليار دولار). وقد خططت الحكومة صرف القسم الأكبر من هذا الفائض لتغطية مصاريف الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة ودفع التعويضات للمستوطنين، والذي كانت قد وعدت الولايات المتحدة الأميركية بتغطيته لكنها لم تفعل بعد أن نكبت في أعاصير الهوريكان. كما خططت صرف قسم آخر منه لمكافحة ظاهرة الفقر التي بلغت نسبته حوالي 30% في اسرائيل في السنة الماضية. بل انها خططت لزيادة هذا الفائض بخمسة مليارات شيكل أخرى (1.2 مليار دولار) من تقليص ميزانية الجيش. وجاءت الحرب لتلخبط كل هذه الحسابات. فمع ان هناك أملا كبيرا في اسرائيل أن تقوم الولايات المتحدة بتغطية نفقات هذه الحرب بمساهمة من بعض الدول الأوروبية، باعتبارها «حرب لمكافحة الارهاب الإسلامي العالمي تنفذها اسرائيل لمصلحة كل دول العالم الحر»، كما تفوه رئيس الحكومة الاسرائيلية، ايهود أولمرت، إلا ان مثل هذا التمويل غير مضمون، حيث أنه لم يجر الاتفاق عليه وانه من غير السهل على هذه الدول ان تدفع تمويلا للحرب كون مثل هذا التمويل سيسجل اعترافا من كل من يساهم فيه بأنه كان شريكا في حرب تم خلالها تدمير لبنان. ففي حالة كهذه سيكون من حق لبنان أن يطالب تلك الدول بدفع تعويضات له على الدمار. وهي مستعدة لدفع تعويضات كهذه من باب المساعدة للبنان وليس من باب الاتهام والادانة والتغريم الالزامي.

ولهذا، وخوفا من أن تبقى مسألة التعويضات عائمة، فيؤثر ذلك بشكل مباشر على البورصة بانهيار الأسهم، تدخلت الحكومة في عدة خطوات واجراءات، جعلت الأسهم ترتفع بدل أن تنخفض، ومنها:

عقدت اتفاقا غير مسبوق في تاريخ الحروب الاسرائيلية الكثيرة، بين الحكومة واتحاد النقابات وأصحاب العمل، يقضي بأن تدفع الحكومة للعمال والموظفين الذين اضطروا الى التغيب عن العمل خلال أيام الحرب من شهر يوليو (تموز) الماضي رواتب كاملة وأن تدفع للمصالح التجارية مبلغا يساوي أربعة أضعاف راتب عن كل عامل يعمل لديها واضطر الى التغيب ومبلغا يساوي ضعفي رواتب العمال في المصانع الكبيرة. هذا الاجراء بمجرد عقده، بعث الاطمئنان في النفوس وفرض جوا من الهدوء على البورصة. هددت الحكومة الاسرائيلية «حزب الله» بتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في لبنان كله إذا أقدم على قصف مركز البلاد وضواحي تل أبيب بالصواريخ. فهذه المنطقة هي مركز عصب الاقتصاد الاسرائيلي وتضم البورصة المالية وبورصة المجوهرات ومطار اللد الدولي وهي تشكل أكبر تجمع سكاني في اسرائيل (حوالي نصف السكان) والمركز الثقافي. وابتعاد الحرب عن هذه المنطقة خفف من الضغط أكثر.

على الرغم من حالة الحرب تمكنت الشرطة وقوات الدفاع المدني من تشغيل معظم المصانع الحساسة في الشمال، وذلك عن طريق التجهيز المسبق لمجموعة من الملاجئ وتوفير احتياطي خاص بهذه المصانع من قوات الانقاذ. وفي عدد من المصانع التي ضربت بصواريخ «حزب الله» سارعت الحكومة الى ارسال المخمنين لحصر الخسائر وتعبئة النماذج من أجل دفع التعويضات بلا تأخير.

فالسياحة في منطقة الشمال هي أكثر المصالح تضررا في اسرائيل. ولكن السياحة عموما لم تتضرر إلا بنسبة 5% حتى الآن، وتبذل الحكومة الاسرائيلية والوكالة اليهودية جهودا كبيرة لدى السياح اليهود في الولايات المتحدة وفرنسا (أكبر جاليتين يهوديتين في العالم) لزيادة عدد السياح الى اسرائيل في هذا الوقت بالذات كنوع من التضامن اليهودي. ونجحت حتى الآن في هذه الحملة. ويقدر المراقبون أن تنجح الحملة أكثر إذا بقيت منطقة تل أبيب بعيدة عن الحرب. على الرغم من اعلان قادة الجيش والحكومة الاسرائيلية بأن العمليات الحربية ستستمر من دون قيود زمنية حتى تحقق كامل أهدافها، فإن بنك اسرائيل طمأن قادة الاقتصاد الاسرائيلي بأن هذه الحرب ستكون قصيرة.