الطفرة النفطية في الخليج تطلق شبكة جديدة من الفضائيات الاقتصادية

مستثمرون ورجال أعمال يضخون أموالا في قنوات تستهدف مجاراة سوق الإعلان في المنطقة

TT

أكثر من مائتي قناة تلفزيونية بات يزدحم بها فضاء البث العربي في السنوات الاخيرة، في الوقت الذي بدأت فيه القنوات الاقتصادية المتخصصة تظهر تباعا ايضا منذ انطلاق النسخة العربية من «سي ان بي سي» الأميركية في دبي قبل اكثر من اربع سنوات.

أحدث هذه القنوات يحمل اسم «صانعو القرار»، التي بدأت بثها التجريبي من دبي الثلاثاء الماضي، والتي تتوجه حسب القائمين عليها، إلى المستثمرين العرب ورجال الأعمال، حيث تقدم آخر الأخبار والتقارير والتحاليل المتعلقة بالسياسة والأعمال والسوق العقاري.

ويبدو أن معادلة إطلاق قناة اقتصادية متخصصة في المنطقة أصبحت أكثر سهولة في التمويل والرخصة. ويقول مراقبون ان هذه المعادلة اصبحت تفرخ الغث والسمين من هذه الفضائيات التي اصبح بعضها مثل «دكاكين» تذكر بعصر المجلات العربية الذهبي في السبعينات والثمانينات، حينما كان معظمها يوصف بأنه «دكان» لتلك الدولة أو هذه الجهة. ويبدو ان الطفرة النفطية الجديدة التي ستدر على المنطقة نحو 300 مليار دولار هذا العام، تساعد على ازدهار الفضائيات الاقتصادية التي اعتمدت في البداية على اتجاه مزيد من الناس الى اسواق الاسهم، لتقدم لهم وجبات يومية من التحليلات والاتجاهات. ويقول عفيف محمود، الرئيس التنفيذي لـ«صانعو القرار» إن تأسيس القناة قرار يأتي «استجابة لحاجة السوق الإعلامي العربي إلى قناة فضائية متخصصة تتوجه إلى شريحة واسعة من رجال المال والإعلام والمستثمرين العرب، الذين يلعبون دوراً مهما على صعيد الحياة الاقتصادية والاجتماعية».

وسبق «صانعو القرار» هذا العام قناة «الاقتصادية» التي يحمل اسمها مضمونها بصورة لا لبس فيها. وتهدف القناة التي تبث من القاهرة، الى تشجيع مفهوم الاقتصاد الإسلامي، ودعم دور المرأة في التنمية الاقتصادية العربية والإسلامية.

الرئيس التنفيذي للقناة صالح زيتون يحدد خريطة مشاهدي القناة بطبقة رجال الأعمال الواعدين والمستثمرين الجدد في المجالات الاقتصادية كافة مع التركيز على الاقتصاد الإسلامي وسيدات الأعمال.

والى جانب الاقتصاد العام ثمة مشروعات فضائية تركز اساسا على البورصات، ومنها قناة «مؤشرات» التي تبث من دبي وتهتم بأسواق المال الخليجية والعربية، خاصة وأن شرائح واسعة من الناس في الخليج وغيرها تتابع تحركات البورصات التي تمر منذ بداية العام بمرحلة تصحيح قاس للغاية. ويتجه التخصص الى مجالات أضيق، مثلما فعلت مثلا قناة العقارية التي تبث من دبي والتي يصفها القائمون عليها بأنها أول قناة عقارية فضائية متخصصة في العقار والسياحة تقوم بعرض برامج وأخبار عقارية تعنى بالتنمية، وتهدف لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المستثمرين من الخليج والوطن العربي وبقية أنحاء العالم، وتحديد الفرص المتاحة للمستثمرين في أي مكان في العالم، بالإضافة لتوعية الجمهور بالنسبة للعقار من الناحيتين الشرعية والقانونية. وفي العام الماضي أطلقت المجموعة قناة العقارية الثانية التي تقوم بدور الوسيط التجاري بين العقاريين من جهة والجمهور من جهة أخرى، كما تلعب دور الوسيط في العملية التجارية بين المستثمر والعروض العقارية المطروحة لدى القناة. وتتطلع الفضائيات الاقتصادية الى تغطية تكاليفها الباهظة بالعوائد الاعلانية أساسا والتي يرى البعض أنها بالكاد تغطي تكاليف القنوات الأكثر رسوخا وشهرة. وتقدر تقارير دولية حجم الإنفاق الاعلاني في دول الخليج بنحو ثلاثة مليارات دولار أميركي، إلا ان يان زيدرفيلد رئيس شركة يونيلفر في منطقة الشرق الاوسط، وضع مستوى الانفاق الاعلاني «الحقيقي» في المنطقة بأكثر من مليار دولار بقليل، يستحوذ التلفزيون منه على نحو 300 مليون دولار. وقال يان لـ«الشرق الأوسط»: «التلفزيون لوحده يحصل على دخل صاف يبلغ 300 مليون دولار.

ولكن اذا نظرنا الى اجمالي الدخل الذي تزعمه وكالات الاعلان، فإن اجمال الدخل الاعلاني للمنطقة يقف عند 3.7 مليار دولار والدخل الاعلاني للتلفزيون يصبح 1.7 مليار دولار.. لكن من يثق بهذه الارقام؟». وأضاف «نحن نقدر القيمة الحقيقية للاعلان التلفزيوني بـ300 مليون دولار، ونحن نتكلم عن سوق إعلانية قيمته الاجمالية مع التلفزيون تتجاوز المليار دولار بقليل». وفي الوقت الذي تشير فيه التقديرات الى ان تكلفة تأسيس وتشغيل قناة فضائية في المنطقة قد تبلغ 10 ملايين دولار سنويا، فإن قلة العائد الاعلاني وتوزعه على قنوات أكثر يعني في النهاية خفوت نجم كثير من الفضائيات ما لم تحقق نجاحا باهرا يجعلها قبلة للمعلنين.