البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأعلى في العالم والمنطقة تحتاج 100 مليون فرصة عمل

تقرير البنك الدولي عن التنمية في العالم 2007

TT

افاد تقرير جديد صادر عن البنك الدولي اليوم السبت في واشنطن، بان التحديات الاقتصادية المقبلة، التي تواجه الشباب في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا عديدة ومن اهمها، اكتساب المهارات الصحيحة الملائمة لفرص العمل في القطاع الخاص المحلي؛ والبحث عن فرصة عمل ومن ثم دخول القوة العاملة، فضلا على تحسين القدرة على الحصول على المعلومات «بغرض تدعيم مهارات اتخاذ القرارات».

وبين البنك الدولي في تقريره، وهو التاسع والعشرون من هذه السلسلة من التقارير، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، ان منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تشتمل على اعلى معدلات البطالة في العالم، حيث تزيد معدلات البطالة على 25 في المائة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يُعتبر متوسط معدلات البطالة بين الشباب والبالغين الأعلى عند مقارنته بجميع المناطق النامية الأخرى في العالم. كما يفوق عدد الشباب من بين العاطلين عن العمل في معظم بلدان هذه المنطقة نسبة 50 في المائة. وحمل التقرير النظام الدراسي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا جزءا من المسؤولية، حيث انه لا يرتبط بسوق العمل او اكتساب المهارات والمؤهلات التي تساعد في الدخول الى سوق العمل.

وقال ماني جيمينز، المؤلف الرئيسي لهذا التقرير، ومدير وحدة التنمية البشرية في إدارة شرق آسيا والمحيط الهادئ بالبنك الدولي، «أمام معظم بلدان العالم النامية فترة قصيرة لوضع الأمور في نصابها، قبل أن تصبح تلك الأعداد القياسية للشباب في منتصف العمر، ولن يكون بوسعها، حينئذ، أن تجني ثمار هذا الكسب الديموغرافي. فالأمر لا يقتصر على مجرد تدعيم معلومات السياسات الاجتماعية، حيث ان ذلك قد يشكل أحد القرارات العميقة التي سيتخذها أحد البلدان النامية في إطار سعيه لاستئصال جذور الفقر وحفز اقتصادها». وعلى حد تعبير هذا التقرير، فإن الشباب يشكلون حوالي نصف عدد العاطلين عن العمل على مستوى العالم، وينبغي على منطقة كمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تهيئ بمفردها، على سبيل المثال، 100 مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2020، وذلك حتى تستطيع تثبيت حالة العمالة لديها. وقال التقرير ان عدد سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغ 305 ملايين في عام 2005، منهم حوالي 100 مليون من الشباب في الشريحة العمرية 12 ـ 24 سنة. وسيبلغ عدد الشباب في بلدان هذه المنطقة الذروة في السنوات الخمس والعشرين القادمة، مبينا ان متوسط معدل النمو السكاني خلال الفترة 2000 ـ 2005 وصل الى 1.9 في المائة.

واشار تقرير التنمية 2007 إلى أن الانخفاض المتوقع في معدلات الإعالة «زيادة نسبة السكان الذين هم في سن العمل مقارنة بالسكان غير العاملين» يتيح فرصة هائلة لتحقيق نمو اقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شريطة استغلال ارتفاع توفر العمالة على نحو منتج، وشريطة ارتفاع معدلات الادخار والاستثمار. بيد أن الزيادة في أعداد الشباب لا تتحول من تلقاء نفسها إلى منافع. وتساءل البنك الدولي هنا.. هل ستكرر بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما حققته اقتصادات البلدان الآسيوية من تقدم، والتي استفادت بالفعل من شريحة السكان في سن العمل السريعة النمو لديها؟ سؤال قال البنك ان الإجابة عليه تعتمد إلى حد بعيد على مدى التحسّن الذي يطرأ على مهارات القوة العاملة بصفة عامة، التي يتم بناؤها غالباً في مرحلة الشباب. وأكد التقرير انه حدث بالفعل بعض التقدم في هذه المنطقة ـ حيث شهدت بعض البلدان ارتفاعاً في متوسط سنوات التعليم للشباب والشابات. إلا أن السرعة التي تتحرك بها الفرصة الديموغرافية تنطوي على تحديات كبيرة بخصوص وضع اللبنات التعليمية والاقتصادية الصحيحة في موضعها في الوقت المناسب، للاستفادة من هذه الفرصة. وقال فرانسوا بورغينون، النائب الأول لرئيس البنك الدولي لاقتصادات التنمية ورئيس الخبراء الاقتصاديين، «تتيح تلك الأعداد الكبيرة من الشباب، الذين يعيشون في البلدان النامية فرصاً عظيمة، كما أنها تنطوي كذلك على مخاطر جمة. فهذه الفرص عظيمة ما دامت لدى البلدان قوة عاملة أكبر حجماً تتمتع بمستوى مهارات أعلى ولديها عدد أقل من الأطفال. ولكن ينبغي إعداد هؤلاء الشباب إعداداً جيداً حتى يمكنهم العثور على فرص عمل جيدة». الا ان التقرير حذر في المقابل من انه في حالة عدم التصدي لهذه التحديات على نحو أكثر إلحاحاً، عما عليه الحال حالياً في الكثير من بلدان هذه المنطقة، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى المساهمة في زيادة عدم الاستقرار. وإذا ما اتسعت الفجوة بين ما يتمتع به الشباب من مؤهلات تعليمية وطاقة وآمال من ناحية، والعدد المحدود من الفرص المتاحة بالفعل أمامهم من ناحية أخرى، فمن المرجح أن يتزايد وقوع هؤلاء الشباب فريسة للإحباط والحرمان. وانتقد البنك الدولي في هذا الاتجاه الشركات في المنطقة، حيث يتيح أقل من 20 في المائة من الشركات في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التدريب للموظفين، وذلك مقارنة بحوالي 60 في المائة من الشركات في منطقة شرق آسيا. وتظهر استقصاءات مناخ الاستثمار، التي أجراها البنك الدولي، أن أكثر من خُمس الشركات في البلدان النامية تصنّف عدم كفاية مهارات ومؤهلات العاملين، باعتباره عقبة رئيسية أو شديدة أمام عملياتها. وفي بعض البلدان، حيث تكون الرواتب والمزايا التي يتيحها القطاع العام أكثر سخاءً من التعويضات التي يقدمها القطاع الخاص، ثمة حافز قوي أمام الشباب المتعلم للانتظار للحصول على وظيفة حكومية، مما يؤدي إلى تعطلهم عن العمل لبعض الوقت بعد التخرج، كما اورد البنك الدولي. وأكد التقرير ان هذا هو افضل الاوقات للاستثمار في الشباب، لأنه نظراً لوجود 1.5 مليار شاب في جميع انحاء العالم منهم 1.3 مليار شاب يعيشون حالياً في بلدان العالم النامية، وهو أكبر رقم تبلغه شريحة الشباب على مر التاريخ، لم يكن هناك وقت أفضل من الآن للاستثمار فيهم، حيث أنهم أفضل صحة وأوفر حظاً من التعليم مقارنة بالأجيال السابقة، وحيث انهم يدخلون قوة العمل في ظل انخفاض عدد المُعالين بسبب تغيّر العوامل الديموغرافية، محذرا من أن الإخفاق في اغتنام هذه الفرصة لزيادة فعالية ما يتلقونه من تدريب ليلائم احتياجات سوق العمل، ولجعلهم مواطنين فاعلين في مجتمعاتهم أن يؤدي إلى تفشي حالة من الإحباط وخيبة الأمل، ومن ثمّ إلى توترات اجتماعية. وفي هذا السياق قالت مامتا مورثي، وهي واحدة من مؤلفي هذا التقرير وخبيرة اقتصادية أولى في مكتب شؤون منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، «ان توجيه معارف الشباب وما يتمتع به من روح خلاقة يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي ويخلق تأثيراً مفيداً يستمر لوقت طويل، كما ستكون له تداعيات تتجاوز جيلهم إلى حد بعيد. فهي، ببساطة، ستؤثر على نواتج كفاح العالم ضد الفقر في فترة السنوات الأربعين أو الخمسين القادمة».

وحدد تقرير التنمية في العالم لهذا العام ثلاث سياسات استراتيجية يمكنها تعزيز الاستثمار في الشباب، وهي: توسيع نطاق الفرص المتاحة، تحسين الإمكانيات وإتاحة الفرص الثانية للشباب الذين تخلفوا عن الركب نتيجة لصعوبة الظروف أو سوء الاختيارات. ويمكن لتلك السياسات معالجة خمسة تحوّلات رئيسية تواجه الشباب وتؤثر على حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والعائلية بأسرها، وتتمثل في: الحصول على التعليم، وإيجاد فرص العمل، والتمتع بالصحة والعافية، وتكوين الأسر، وممارسة المواطنة.