تجارة اليونان مع الدول العربية تنمو بمعدل يقترب من 50% في السنوات الأخيرة

المنتدى الاقتصادي العربي اليوناني الأول: طفرة في العلاقات التجارية بين أثينا والعواصم العربية

TT

شهد مؤخرا مقر وزارة الخارجية اليونانية وسط أثينا مؤتمرا لعرض نتائج أعمال المنتدى الاقتصادي العربي اليوناني الأول الذي نظمته الغرفة العربية اليونانية للتجارة والتنمية تحت شعار «علاقات تاريخية وآفاق جديدة للتعاون» في إطار احتفالات الغرفة بالعيد 25 لتأسيسها وقد عبر المسؤولين من الجانبين العربي واليوناني عن الإرادة السياسية الصادقة والرغبة الأكيدة في تطوير علاقات التعاون وفتح آفاق جديدة للاستثمار المشترك وتبادل المنافع والمصالح. وشدد الجانبان على ما يربطهما من علاقات حضارية وتقارب جغرافي لا بد من استثماره واعتبار أن اليونان بوابة طبيعية للعالم العربي باتجاه منطقة البلقان والاتحاد الأوروبي.

خلال المؤتمر والذي جمع كلا من السكرتير العام للشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية اليونانية ثيوظورس سكيلاكاكيس والآمين العام لوزارة الاقتصاد، وعميد السلك الدبلوماسي سفير لبنان وليم حبيب ورئيس الغرفة أناستاسيوس أنطونوبولوس وأمينها العام محمد الخازمي، ذكروا أن المنتدى عرف 12 جلسة تهم التعاون والاستثمار تحدث فيها أكثر من 65 شخصية يمثلون جهات يونانية وعربية رسمية وحكومية، تركزت كلماتهم حول كيفية وضع الأسس والقواعد لتعاون وثيق وحث الطرفين على الاستفادة من الفرص المتاحة والدخول في شراكات اقتصادية فاعلة.

وكانت جلسات المنتدى قد شهدت مشاركة نحو400 رجل أعمال عربي ويوناني، بجانب إقامة معرض تجاري عربي يوناني على هامش المنتدى ساهم في التعريف بالمنتجات والسلع والخدمات والاستثمار في اليونان والبلاد العربية وخلق فرص اكبر للتواصل والتعاون، وشاركت في المعرض 5 دول عربية و33 شركة ومؤسسة يونانية.

كما جرت على هامش أعمال المنتدى لقاءات ثنائية بين رجال الأعمال العرب واليونانيين المشاركين فيه وبلغ عدد اللقاءات اكثر من 235 مقابلة ضمن نشاطات وقطاعات متنوعة من الأعمال التجارية والصناعية والبناء والصحة والاستثمار وخلافه، وكان الحضور العربي الرسمي والدبلوماسي مميزا حيث شارك خمسة وزراء ونواب وزراء ووكلاء وزارة عرب بالإضافة إلى عميد السلك الدبلوماسي وكل السفراء العرب في اليونان والمقيمين في روما (الإمارات ـ السودان)، كذلك كان الحضور الرسمي اليوناني عاليا ممثلا في أربعة وزراء ونواب وزراء وعدد من الأمناء العامين ورؤساء الغرف والاتحادات والمنظمات الأخرى، كما تم التوقيع على اتفاق تعاون بين غرفة تجارة وصناعة الإمارات وغرفة تجارة أثينا على هامش أعمال المنتدى بدعم من الغرفة العربية اليونانية. وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» عما إذا تم تشكيل لجنة متابعة لما جاء خلال جلسات المنتدى، وما إذا كانت هناك احتمالية عقد المنتدى الاقتصادي العربي اليوناني الثاني في دولة عربية، ذكر رئيس الغرفة أناستاسيوس أنطونوبوولوس أن القائمين على تنظيم المنتدى بصدد تشكيل هذه اللجنة للمتابعة، حيث ان تشكيلها سوف يحقق إنجازا كبيرا، وأوضح أن المنتدى سوف يكون مبادرة سنوية مع ضرورة إيجاد آلية للمتابعة والاستفادة من هذا الزخم الكبير وهو الشيء الذي أكدته وزيرة الخارجية اليونانية واللقاء المقبل سوف يكون على الأرجح في إحدى الدول العربية.

وقد عرض المسؤولون من على منصة المؤتمر ملخصا لأهم نتائج أعمال المنتدى وجلساته كلا على حده، نذكر منها(العلاقات الاقتصادية العربية اليونانية ـ الواقع والآفاق) حيث ركز المتحدثون فيها على إعطاء نبذة عن التطورات الاقتصادية والتشريعية كل في بلده سواء من الناحية الضريبية او المالية وكذلك التشريعات الاستثمارية، وتم الإشارة إلى ما شهدته السنوات الأخيرة في زيادة الصادرات اليونانية الى الدول العربية في إطار الزيادة الإجمالية للحجوم التجارية لليونان مع الدول العربية، كما تبين من خلال المداخلات أن من الممكن تدفق استثمارات متزايدة من قبل اليونان الى الدول العربية وأن الدولة اليونانية قد بذلت جهودا كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية ولا بد من تحقيق المزيد مثل محاربة الروتين، ورغم المحاولات التي تبذلها العديد من الدول العربية للقيام بالإصلاحات المنشودة لا سيما في مجال تحرير الاقتصاد إلا انه ما زالت توجد جملة من الصعوبات. وحظيت جلسة (الاستثمارات والمشاريع المشتركة) باهتمام خاص باعتبارها أهم محور يمكن أن يسفر عن نتائج إيجابية وقد تميزت بحضور نائب وزير الاقتصاد والمالية اليوناني الذي أكد في مداخلته على ضرورة العمل الجدي للقيام بشراكات واستثمارات مشتركة بدلا من الحديث عن الصداقة والتعاون بدون نتائج فعلية، كما قدم المتحدثون العرب لمحة عن واقع الاستثمار في بلادهم والتسهيلات الممنوحة ودعوا الجانب اليوناني للاستفادة منها باعتبار ان اليونان الأقرب الى البلاد العربية، ومن خلال الجلسة بدا واضحا إرادة ورغبة الطرفين في تفعيل دور الاستثمارات لخلق البيئة الاستثمارية المناسبة بهدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية وقد استعرض الطرف اليوناني قانون التنمية لعام 2004 الذي أقرته الدولة متضمنا عددا من الحوافز لجذب رأس المال المباشر ((FDI مع استمرار الجهود للتخفيف من حدة الروتين والمكتبية وتحسين البني التحتية. أما جلسة (اليونان بوابة للبلقان وأوروبا) فقد تم تسليط الضوء على محورين الأول كيف يمكن ان تكون اليونان بوابة الى أوروبا والبلقان والمحور الآخر هو ماذا يريد العرب من اليونان. وقام الأمين العام لاتحاد الغرف العربية بإعطاء المنتدى تصورا حول ماذا يريد العرب من اليونان كونها الدولة الأقرب في الاتحاد الأوروبي الى العالم العربي وتتمتع بعلاقات تاريخية وجغرافية متميزة وتتبنى تشريعات جديدة تحفز المستثمر الأجنبي وبها فرص متنوعة كما أوضح في الوقت نفسه السياسات الإصلاحية التى تنتهجها البلاد العربية نحو تحرير اقتصادياتها وأسواقها وركز على أهمية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بهدف خلق تحالف اقتصادي عربي لضمان سوق عربية كبرى للسلع والخدمات والاستثمارات ودعا اليونانيين للاستفادة من الفرص المتاحة عربيا، كما تم في هذه الجلسة إعطاء تقديم مثالين لتواجد شركات أجنبية وعربية في اليونان تعمل من خلالها كمركز تنسيقي باتجاه البلاد العربية وأوروبا وكذلك آسيا وهي شركة C.C.C وشركة IKEA حيث اثنوا على قانون 89/67 وما كان قد قدمه من تسهيلات لهم ساهمت في إنجاز أعمال لمدة حوالي 25 سنة من عمر هاتين الشركتين في اليونان كما اعتبروا ان القانون المعدل (3427/05) يتماشى مع التشريعات الأوروبية ويركز على فكرةBusiness Coordination Center وربط ذلك بمنهجه Cost & Plus وهذا سيساهم في جذب شركات ليست Off Shore بل الشركات العاملة في مجال تقديم الخدمات الاستشارية والإدارية ولا يمكن ان تقل نسبة أرباحها عن 5% مع إخضاعها لضريبة دخل سارية على جميع الشركات. أيضا انتقد البعض مشكلة البيروقراطية في اليونان وبعض الممارسات التي تؤثر على نشاط الشركات ولكن تفاءل المتحدثون ان هذه العوائق في طريقها للزوال في ظل التحسينات والتعديلات التشريعية.

وعن (الاتصالات وتقنية المعلومات) حاول المتحدثون إعطاء خلفية واضحة عن واقع هذا القطاع كل فيما يخصه وما هو الهامش المتاح للتعاون والاستثمار المشترك وعبر الجميع ان التحدي الآن في مجالات التقنية والاتصالات والإعلام هو كيفية ربط مجتمع رجال الأعمال لتحقيق تفاعل اكثر وفي هذا الخصوص تطرق المتحدثون الى ان اليونان يوسعها العمل كبوابة للقيام بمبادرات بين العالم العربي والاتحاد الأوروبي وتقديم التقنية الحديثة للدول العربية وفي نفس الوقت أشار بعض المتحدثين العرب الى بعض التخلف التقني في المنطقة العربية على سبيل المثال الاستخدام المحدود للإنترنت وهذا يخلق جملة من الفرص الاستثمارية الجديدة للشركات اليونانية العاملة في هذا المجال، كما تم إبراز دور القنوات التلفزيونية وشبكات الأخبار عربيا وامكانية التعاون العربي اليوناني في هذا المجال خاصة الأخبار والأرشيف وأرقمه الوثائق.

كما تميز النقاش حول موضوع (التجارة والمناطق الحرة) بالتنوع وشارك في هذه الجلسة شخصيات متميزة يمثلون غرفا تجارية ومناطق حرة وخاصة في العالم العربي مثل جبل علي ومنطقة العقبة ودورهم كنقطة اتصال بين الشرق والغرب وقد لاحظ المتحدثون ان السنوات الأخيرة شهدت تحسنا ملحوظا في الميزان التجاري والتبادل بين البلاد العربية واليونان. وصل الى نسبة 50% مما يعبر عن الرغبة والطموح في دفع مستوى العلاقات والتبادل التجاري بينهما. من جانب آخر تمت الإشارة الى انه مادامت اليونان بوابة طبيعية للدخول للبلقان فبإمكانها ان تصبح المنطلق الاستراتيجي للدول العربية في سعيها للتغلغل الى الأسواق الأوروبية ومن جانب آخر فان التسهيلات والامتيازات التى تمنحها المناطق التجارية الحرة والخاصة في البلاد العربية مثل منطقة العقبة الخاصة ومنطقة جبل علي الحرة في دبي مما سيساهم في إقامة تحالفات اقتصادية موحدة في أسواق السلع والخدمات والاستثمارات وستحقق أسسا ثابة لمزيد من المبادرات والتعاون المتكافئ واستغلال الفرص الاستثمارية من قبل الجانب اليوناني، وقد قدم مندوب منطقة جبل علي الحرة خطة عمل لتطوير المناخ الاستثماري الحر وبناء جسور التجارة بين العرب والعالم لتشجيع الاستثمارات والصناعات. وعن (النقل والملاحة) أشار المحاضرون الى ان التطور الهائل في التجارة العالمية أدى الى زيادة كبيرة وضرورية لوسائل النقل وتطمح اليونان ومعها العالم العربي الى التجارب مع هذه التحديات الجديدة ـ واعتبر ان الموقع الاستراتيجي لليونان والمستوى العالمي للخبرة والمعرفة (Know-how) في المجال الملاحي تعد ميزة كبيرة يمكن للدول العربية الاستفادة منها. كما تمت الإشارة الى ان هناك اهتماما جديا من قبل شركة موانئ دبي للقيام باستثمارات، هذا وتعد الحكومة اليونانية خططا لتحديث الموانئ اليونانية بميزانية تقدر بحوالي ستة مليارات دولار وبهذه المناسبة فهي تدعوا المستثمرين الأجانب وخاصة العرب للاستفادة من هذه الميزات والموقع الجغرافي، أيضا هناك فرص للربط بين موانئ يونانية وأخرى عربية وتم دراسة إعادة تشغيل الخط الملاحي المباشر (فولوس ـ طرطوس/ أو اللاذقية) وتوأمة المرافئ السورية واليونانية، وإنشاء خط آخر مشابه يربط موانئ كريت وليبيا.

كما شملت جلسات المنتدى مواضيع أخرى مهمة مثل الطاقة والمصادر المتجددة، وحظي هذا الموضوع بهوامش كبيرة للتعاون الوثيق بين اليونان والعالم العربي اذ بالإضافة الى العلاقات وسياق العمل القائم، مثل تغطية حاجة اليونان من النفط بمعدل يزيد عن 60% سنويا وذلك من الدول العربية المنتجة للنفط مثل ليبيا ـ السعودية، وأيضا مواضيع السياحة، الخدمات الصحية والرعايا الطبية، الأعمال العامة والإنشاءات، التعليم والتدريب.

ووفقا لما حصلت عليه «الشرق الأوسط» من بيانات في مصلحة الإحصاءات اليونانية فإن الميزان التجاري بين اليونان والبلاد العربية يميل لصالح البلاد العربية بفارق كبير جدا حيث أن اليونان في عام 2005 استوردت من العالم العربي بما قيمته 3.553,369,788 دولارا أميركيا وصدرت للبلاد العربية بما قيمته 1.214,129,381 دولارا.

وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى بين البلاد العربية المصدرة لليونان، حيث بلغت الصادرات السعودية إلى اليونان في عام 2005 مبلغ 2.237,616,680 دولارا أي بزيادة 40,67 في المائة عما كانت عليه في عام 2004، وجاءت ليبيا في المرتبة الثانية حيث بلغت صادراتها لليونان 762.084,392 مليون دولار أي بزيادة 112,04 في المائة عما كانت عليه في عام 2004، في حين احتلت مصر المرتبة الثالثة والجزائر المرتبه الرابعة والمغرب المرتبة الخامسة والامارات العربية المتحدة المرتبة السادسة بين الدول العربية المصدرة لليونان. وفي ما يخص الصادرات اليونانية إلى البلاد العربية في عام 2005، كانت هناك زيادة تصل إلى نسبة 36,92 في المائة عما كانت عليه في عام 2004 حيث بلغت هذه الصادرات في عام 2005 ما مقداره 1.214,129,381 دولارا، بينما كانت في عام 2004 مبلغ 886.750,077 دولارا.