المغرب يدخل تعديلات مهمة في الضريبة على الدخل ضمن مشروع موازنة 2007

وسط تأجيل القضايا الشائكة للإصلاح الضريبي لما بعد الانتخابات

TT

وصف عضو بارز في اتحاد مقاولات المغرب مشروع موازنة 2007 الذي طرحته الحكومة بأنه «مشروع موازنة مريح»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة استبعدت الإجراءات القوية التي من شأنها أن تؤثر على شعبيتها خلال الانتخابات المقبلة، من قبيل مواصلة إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وإلغاء الإعفاءات الضريبية، واكتفت بمراجعة نظام الضريبة على الدخل لفائدة الأجراء كتدبير إيجابي في آخر موازنة تعدها الحكومة الحالية قبل نهاية ولايتها.

وتضمنت مراجعة نظام الضريبة على الدخل التي اقترحتها الحكومة ضمن مشروع موازنة 2007 مراجعة الشطر المعفي من 20 ألف درهم في السنة إلى 24 ألف درهم، وتخفيض مستويات أشطر سلم الضريبة مع إحداث شطر جديد بسعر 40% للدخل الذي يتراوح بين 60 ألف درهم و120 ألفا. كما تضمن المشروع تقليص السعر الهامشي المطبق على الشطر الأعلى للسلم، والخاص بالأجور التي تفوق 120 ألف درهم، من 44% إلى 42%.

وتترقب الحكومة أن يكون لهذه الإجراءات، التي ستكلف الخزينة العامة 2.5 مليار درهم، وقع إيجابي على كل شرائح الدخل. فزيادة الشطر المعفي سينعكس على مستوى الدخل الصافي للأجراء، خاصة الخاضعين للأشطر الدنيا من سلم الضريبة على الدخل. أما تخفيض السعر الهامشي المطبق على الشطر الأعلى، فسينعكس على قدرة الشركات على توظيف الكفاءات، علما ان مفاوضات الأجر عند التوظيف تتم على أساس الأجر الصافي مما يجعل الضريبة تبدو وكأنها كلفة إضافية على الشركة المشغلة أن تدفعها. وكان هذا الإجراء متضمنا في قانون تشجيع الاستثمار الصادر في سنة 1996، الذي تقرر فيه تخفيض السعر الهامشي من 44% إلى 41.5% في أفق 2006.

أما مواصلة إصلاح الضريبة على القيمة المضافة فيبدو أن عليه أن ينتظر الحكومة المقبلة. وكان هذا الإصلاح قد انطلق تدريجيا قبل عامين عبر إدخال تدابير جديدة في الموازنات المتتالية التي أعدتها الحكومة. ويبدو أن هذا الإصلاح بلغ مرحلة حساسة، إذ يتعلق الأمر، من جهة، بتخفيض عدد معدلات الضريبة على القيمة المضافة من 4 معدلات حاليا إلى معدلين اثنين 10% و20%، ومن جهة ثانية، تعميم الضريبة على كافة القطاعات بما في ذلك المواد الأساسية مثل مادة السكر التي لا تزال معفية لاعتبارات سياسية واجتماعية. غير أن الظرفية الحالية لا تسمح بمثل هذه التدابير غير الشعبية، ليس فقط بسبب الانتخابات ولكن أيضا على خلفية الزيادات الأخيرة في الأسعار والتي بدأت تثير التوتر في الشارع المغربي.

واكتفت الحكومة في مشروع الموازنة الجديدة باقتراح حذف الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على بعض الوكالات التابعة لها، مثل وكالة تنمية الأقاليم الشمالية ووكالة تنمية الأقاليم الجنوبية.

الإصلاح الثالث الذي يبدو أنه تأجل لما بعد الانتخابات هو إصلاح الضريبة على أرباح الشركات. فالجميع في المغرب، بما في ذلك الحكومة، يعترفون بأن سعر 35% المطبق على أرباح الشركات يعتبر مرتفعا جدا وغير مسعف للمغرب في إطار المنافسة الدولية على جلب الاستثمارات. غير أن هناك عدة تدابير موازية في إطار تشجيع الاستثمارات والتي تلطف من هذا السعر مثل إعفاء مخصصات الاستثمار في حدود 20% من أساس الضريبة على أرباح الشركات، وهو ما يمثل نسبة 7% من سعر الضريبة، ومن جراء ذلك ينخفض سعر الضريبة على أرباح الشركات من 35% إلى 28% فقط. غير أن الاستفادة من هذا الامتياز ليست آلية، وغالبا ما تخضع لتمحيص من قبل إدارة الضرائب استبعادا لشبهة التهرب الضريبي.

كما تستفيد بعض المناطق المغربية من إعفاءات مهمة في إطار تشجيع التنمية الجهوية، كمنطقة طنجة التي تستفيد منذ سنة 1963 من تخفيض بنسبة 50% من سعر الضريبة على الشركات، أي أن السعر المطبق في طنجة هو 17.5% وليس 35%.

ويهدف الإصلاح المرتقب للضريبة على أرباح الشركات إلى تعميم الضريبة عبر إلغاء كل الإعفاءات، من جهة، وتخفيض سعر الضريبة من جهة ثانية. غير أن التحدي الكبير الذي يواجهه مثل هذا الإصلاح يتمثل في مدى تفاعل الاقتصاد معه، خاصة فيما يتعلق بوقعه المرتقب على الوعاء الضريبي. والسؤال الذي يقلق وزارة المالية وكذلك الفاعلين الاقتصاديين في المغرب هو هل سيتجاوب القطاع غير المنظم مع الإصلاح وينتقل من الظل إلى النور ليصرح بأرباحه وضرائبه. في حالة الإيجاب فإن ذلك سيؤدي إلى رفع الوعاء الضريبي وزيادة المحاصيل مما سيغطي على الخسارة الناتجة عن تخفيض السعر. وفي حالة العكس سيكون الإصلاح قد فشل ويكون على الدولة العودة إلى أسعار أعلى. لذلك فمثل هذا الإصلاح يتطلب دراسات متأنية لتحديد مستوى السعر الذي سيحفز القطاع غير المنظم على الاندماج، ووضع تدابير مرافقة من قبيل تعزيز نظام المراقبة وزجر التهرب الضريبي لجعل أداء الضريبة أقل كلفة من مخاطر التهرب منها.