الأسهم السعودية: استراتيجية ضغط المؤشر العام تستهدف نقاط تجميع جديدة

«إعمار» يعود للتراجع بتداول 83 مليون سهم تجاوزت يومه الأول في السوق

TT

أرجع مراقبون ومحللون لسوق الأسهم السعودية، سياسة التراجع الحالية التي يسلكها المؤشر العام إلى استراتيجية متعمدة من قبل بعض قوى السوق للضغط على الأسعار وتسجيلها مستويات جديدة عبر تحطيم نقاط دعم سعرية جديدة وذلك لتنفيذ إستراتيجية تعتمد على شراء الأسهم بأسعار متدنية ومن ثم الانطلاق مجددا نحو ارتفاعات سبق تسجيلها مؤخرا. وتستغل بعض محركات السوق هذه الفترة التي تشهد الكثير من الأحداث من بينها تواصل الإعلان عن نتائج أعمال الشركات المدرجة على سوق الأسهم في ترتيب استراتيجياتها السلبية على صغار المتعاملين، من بينها استغلال فترة الانتظار والترقب لأسهم بعض الشركات الكبرى القيادية التي يرى المراقبون بأنها ستكون محددة لحركة المؤشر العام.

من جهة ثانية، عاد سهم شركة إعمار المدينة الاقتصادية إلى الانخفاض، حيث هبط أمس بواقع 9.32 في المائة بعد ثلاثة أيام ارتفاع متواصل بالنسبة العليا المسموح بها للتذبذب. وأغلق أمس سهم «إعمار» على 36.5 ريال في آخر أيام تداوله المفصولة عن السوق (بين 12 و4 عصرا) بعد أن افتتح تداوله على 44.25 ريال وهو أعلى سعر يسجله في تداولات أمس، وبلغت كمية أسهمه المتداولة 83.15 مليون سهم متجاوزة ما تم تداوله في اليوم الأول يوم السبت الماضي والتي تجاوزت قليلا 79 مليون سهم. وبلغت قيمة ما تم تداوله من أسهم «إعمار» 3.33 مليار ريال (888.3 مليون دولار) من خلال 175.78 ألف صفقة بمتوسط كمية 473 سهما لكل صفقة.

من جانب آخر، يذكر الدكتور طارق كوشك (محلل اقتصادي وأكاديمي سعودي) أن المتتبع لسوق الأسهم السعودية في الآونة الأخيرة يلمس وجود استراتيجية سلبية متعمدة في سوق الأسهم السعودية تهدف لتجميع أكبر قدر ممكن من الأسهم بأرخص الأثمان، مشيرا إلى أن ذلك يتم بطرق استخدام وسائط إعلامية متعددة أبرزها «البالتوك» و«المنتديات» المهتمة بالأسهم السعودية. ولفت كوشك إلى أن تلك الوسائط تدعم مسار الهبوط بقوة وتنشر الشائعات المغلوطة التي لها علاقة بالسوق ومكوناته كما تم مؤخرا حول «تقسيم السوق» التي نفت هيئة سوق المال ذلك جملة وتفصيلا صراحة وأخبرت في وقت سابق أنه لو كان هناك تقسيم فسيعلن عنه قبل موعد التنفيذ بثلاثة أشهر على الأقل، كذلك الترويج بأن المؤشر هابط إلى مستويات متدنية ستلامس 7000 نقطة وغيرها.

وقال كوشك «لا شك أن هناك شريحة من المتعاملين يتلاعبون في سوق الأسهم مستغلين قلة خبرة صغار المتعاملين ويسلكون الكثير من الطرق من بينها التشكيك في نتائج الشركات والترويج بأن أرباح بعض الشركات لن تكون مجزية، بمعنى أنهم سيدعون أن أرباح بعض الشركات القيادية لن تكون مغرية وليست في مستوى الطموحات مما يولد مزيدا من الرعب والخوف بين صغار المستثمرين وعديمي الخبرة الذين لا شك سيندفعون نحو بيع كافة أسهمهم بأبخس الأثمان خوفا من هبوط متوقع لسوق الأسهم السعودية».

ويواصل كوشك «مكونات السوق من هيئة سوق مال وأكاديميين ومحللين متخصصين فشلوا في مكافحة الإشاعات ومروجيها خاصة في غرف «البالتوك» والمنتديات، مضيفا أنه بالرغم من ذلك لا يزال الأمل باقيا في القدرة على إيقاف مدعي المعرفة والعلم والتخصص عند حدهم ومعاقبتهم معنويا وماليا لأن الأمر أصبح خطيرا جدا ولا يؤثر في الأسهم فحسب بل الاقتصاد السعودي ككل. ويتطلع كوشك إلى قرار يصدر من الجهة المختصة لإيقاف مصدري الإشاعات التي تؤثر بشكل مباشر على المؤشر العام وتزيد من إرهاب المتعاملين كما هو واقع الآن، حتى يتسنى التركيز على ورش العمل التوعوية في مناطق السعودية المختلفة التي تعد مهمة، مؤكدا في ذات السياق أن سوق الأسهم السعودية لا زالت تشتمل على كثير من المكاسب شريطة عدم الإنصات لما يقوله مدعي المعرفة. وشدد كوشك على صغار المتعاملين خلال هذه الفترة من عمر السوق بضرورة الابتعاد عن الشائعات.

من ناحية أخرى، أوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور خالد المانع كبير الاستشاريين في المركز الاستشاري المالي أن المؤشر العام لا يزال يأخذ شكل المؤشر الهابط فنيا، نتيجة تضخمات حصلت على بعض أسهم الشركات الصغيرة والتي كانت مرتعا للمضاربات الحامية وانضمام شرائح كبيرة من المتعاملين للتداول على تلك الأسهم، مشيرا إلى أن إعلان نتائج الشركات للربع الثالث ليس لها تأثير انعكاسي على المؤشر بشكل مباشر عدا نتائج بعض الشركات فقط.

وأبان المانع أن التشريعات المصدرة مؤخرا من قبل هيئة سوق المال لا يمكن النظر إليها على أنها مساعدة على رفع المؤشر، بل هي في الأساس يمكن أن تسهم في تراجع السوق لمستويات حادة جدا إذ أن الهدف الرئيسي منها هي تنظيم السوق وإعطاؤه مزيدا من العمق والموضوعية وليس للصعود بالمؤشر العام. ولفت المانع إلى أن سلوك المضاربة التي تسير عليها سوق الأسهم المحلية فيها الكثير من الخلل لاسيما مع عقلية المتداول المحلي، مفيدا أن فكرة المضاربة هي في واقعها استثمار ولكن ليس بالطريقة التي ترهق السوق وتخلخل موازينه، بل لا بد أن تكون سببا في ترسيخ قواعده وعنصرا رئيسيا من آلية ضبط التداولات في مسار منطقي. من جهته، ذكر لـ«الشرق الأوسط» عبد المحسن الهويدي وهو متداول يومي في سوق الأسهم المحلي، أن صغار المتعاملين لا يزالون يتعلقون بآمال كبيرة بصعود المؤشر العام خلال فترة قريبة وتعويض خسائر الهبوط الذي استمر لأسبوع وعرض المحافظ لخسائر بعضها حاد، مضيفا أن المسافة التي تراجع فيها المؤشر العام كافية في تنفيذ عملية «جني أرباح» طبيعية. وأضاف الهويدي أن هناك حالة نفور نسبية في قاعات التداول خلال هذه الفترة نتيجة تراجعات المؤشر المتواصلة منذ أكثر من أسبوع، مبينا أن أحوال صغار المتعاملين انقسم بين متعلقين في أسهم مضاربات صغيرة انتعشت في الفترة الماضية ولا يستطيعون البيع والتصريف، وآخرين منتظرين لصعود دراماتيكي في المؤشر لتسجيل مكاسب أو تعويض سريع لخسائر سابقة.