تأسيس هيئة للبيعة... ماذا يعني للمواطن؟

سعود الأحمد

TT

ونحن نعايش أصداء ذلك الحدث الهام المتمثل في الأمر الملكي الكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتأسيس هيئة للبيعة، هيئة تُنظم مستقبل الحكم السعودي، لتسري أحكامها على الحالات المستقبلية وليس على الملك وولي عهده الحاليين... ولعل من محاسن الصدف أن يصدر القرار مع قرب عيد الفطر المبارك لهذا العام وأن يتزامن يوم نشر المقال باليوم الأول للعيد. ونحن نعيش ونعايش مناسبة عيد الفطر المبارك... والمواطن السعودي والمقيم يشاهد هذا التميز الملحوظ في الاستعداد للاحتفال بمناسبة العيد. فهذه الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية تتوشح بحللها القشيبة... شوارع وميادين. وها هو المجتمع السعودي يفصح عما بداخله من رغبة واستعداد للتعبير عما يكنه من مشاعر السرور في دواخله. بل ان مما عبر عنه الشارع السعودي أن هناك استعدادا شعبيا سعوديا للتفاعل مع كل مناسبة سعيدة ليفرح ويعبر عن مشاعر فرحه وأنه بحاجة لشيء من ذلك. فرسائل التهاني عبر الجوال تنطق بمعان ملؤها الرغبة في التعبير عن السعادة. فماذا يمكن مع هذه المظاهر أن نقول... يوم فرح وتفاؤل وتباشير ولا مجال مناسب للصفو من تعكير. وإن كان للتعليق من مجال فلتسليط الضوء عن: ماذا يعني للمواطن صدور الأمر الملكي بتأسيس هيئة للبيعة؟ وكيف أن القرار يصبُ في مصلحة الوطن والمواطن من زوايا عديدة على المدى القصير والطويل. فبالنظر إلى مهمة هذه الهيئة وأن مما ذكر بالنص في القرار السامي لتأسيسها أنها تتمثل في المحافظة على كيان الدولة وعلى وحدة الأسرة المالكة وتعاونها وعدم تفرقها وعلى الوحدة الوطنية ومصالح الشعب. وفي طيات المادة الثالثة من القرار نصاً بأن تلتزم الهيئة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله، محمد صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على كيان الدولة، وعلى وحدة الأسرة المالكة وتعاونها، وعدم تفرقها، وعلى الوحدة الوطنية، ومصالح الشعب.

هذا القرار الذي كرر عبارة مصالح الشعب أكثر من مرة واستهدف توطيد استقرار حكم البلاد، من الطبيعي أن يكون عاملاً على تثبيت عرى وأركان الاستقرار السياسي. وهو أمر يصب في صالح اقتصاد البلاد من منطلق أن الاستقرار السياسي يشكل حافزاً مهماً لبناء استراتيجيات المشاريع الاستثمارية، بل ويشجع رجال الأعمال المحليين والأجانب على رسم الخطط المستقبلية الطويلة المدى.

وحقيقة يجب ألا تنكر أو تتناسى أن السياسة الحكيمة لحكومة المملكة العربية السعودية وعلى مدى العقود الماضية من عمرها، شكلت محوراً فاعلاً في بناء الثقة بين دول المنطقة وصناع قرارات السياسة العالمية... وهو أمر بلا شك يعود بالنفع على البلاد. إنها ثروة ننعم بها وقد لا نشعر بها، وربما لن نجد في العلوم المعاصرة معادلة لتقييمها. إنها في الحقيقة ثروة العلاقات الشخصية المتميزة لقادة ورموز هذه البلاد مع قادة دول العالم والشخصيات الفاعلة في اتخاذ القرار على مستوى العالم... إضافة إلى هذا النجاح الداخلي المتمثل في كسب إجماع الرأي العام الشعبي على هذه القيادة والتسليم بسياستها... وهو أمر لو نظرنا له بعين منصفة لوجدنا فيه ما يعضد استمرار حالة الأمن والسلام التي نعيشها. استقرار سياسي نرسم مستقبلة على المدى القريب والبعيد في وقت العالم من حولنا تتلاطمه أمواج المصالح وايديولوجيات السياسات العالمية. بل انني استطيع أن أربط بين عقلانية قادة الدول وقوة اقتصادها وحتى أسعار أسهم شركاتها. وختاماً... أن تأسيس هيئة للبيعة يعد داعماً لاستقرار هذه البلاد على المدى الطويل، وهو أمر يبعث على الاطمئنان في مجال الاستثمار. وهو ما ينعكس إيجابياً على قوة الاقتصاد... فلا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو دون استقرار سياسي، والاقتصاد القوي لا بد أن ينتج عنه سوق مالي قوي وليس العكس. بل ربما يكون لسياسة المملكة المعتدلة أثر إيجابي على اقتصادها حتى في حالات التوتر بالمنطقة.

* محلل مالي سعودي [email protected]