مقاولون سعوديون يتخوفون من عدم مقدرتهم علىمسايرة الأسعار المطروحة من قبل الشركات الأجنبية

تزامنا مع بدء تصنيف القطاع المحلي

TT

دعا مستثمرون في قطاع المقاولات السعودي إلى عدم ترسية المشاريع الحكومية على شركات المقاولات الأجنبية في المستقبل الا عندما تقتضي الطبيعة المعقدة والمتميزة بهذه المشاريع، مع اشتراط ربط هذا التعامل مع تلك الشركات بما يمكن أن تتيحه الأخيرة من إمكانات حقيقية وجادة لتسهيل تبادل واستيعاب الخبرات والمعارف الإنشائية والصيانة الحديثة من قبل المقاولين المحليين بما يعزز من الكفاية الإنتاجية لشركات المقاولات الوطنية، وبما يحد في ذات الوقت من هيمنة الشركات الاجنبية على المشاريع المحلية. وتتزامن هذه المطالب في الوقت الذي بدأت فيه وكالة تصنيف المقاولين في تطبيق قرار مجلس الوزراء القاضي بمعاملة المقاول الأجنبي بنفس الطريقة التي يعامل فيها المقاول السعودي، حيث يستطيع الأول الحصول على شهادة تصنيف بالدرجة التي يستحقها من قبل وكالة تصنيف المقاولين وفق التجهيزات والمعدات والأعمال المتوافرة على أرض الواقع في السعودية، في خطوة تنسجم مع التشريعات الجديدة للهيئة العامة للاستثمار التي أعفت المستثمرين الأجانب من شرط وجود المستثمر السعودي كشريك رئيسي، واشتراطها ضرورة توافر المتطلبات الفنية والمالية حتى يتمكن المستثمر من الحصول على شهادة تصنيف تمكنه من المنافسة في المشاريع الحكومية السعودية.

وقال ياسر الشبرمي، المدير العام لشركة أبنية الخليج للمقاولات، إن هناك مخاوف من انخفاض حصة المقاول الوطني من السوق السعودي بسبب دخول الشركات الأجنبية وهيمنتها على المشاريع الانشائية الوطنية، مؤكداً أن المقاول السعودي يتطلع الى احتلال موقع متقدم يتناسب مع طاقاته المتنامية ويحمي نفسه من ردود الفعل العكسية من اختراق الشركات الاجنبية.

وأضاف:«الفرص الاستثمارية التي يتيحها قطاعا الانشاء والصيانة في اتساع مستمر، غير ان العبرة تبقى كامنة في مدى ما سيحصل عليه المقاولون المحليون من هذه المشاريع، وضرورة انتهاج التخطيط العلمي المناسب والرصد الصحيح لتحرك عناصر الإنتاج والمتابعة المستمرة لمختلف الامكانات والفرص المتاحة في هذا المجال، وان يقترن هذا التوجه بإقدام الأجهزة الحكومية في مجال ترسية المشاريع الانشائية وكذلك الصيانة على التحول المكثف من مجال الشركات الاجنبية الى مجال الشركات الوطنية، وان يتم الاتفاق بأسرع وقت ممكن في ما بين المقاولين المحليين على تكوين تجمعات تستطيع ان تدخل في عطاءات مشتركة لتنفيذ اعمال مشتركة وكذلك وضع استثمارات مشتركة في مجالات الأبحاث والتطوير والتكوين وشراء المعدات وتأجيرها وتحسين إمكانيات التمويل والضمان وغيرها من الخدمات المهمة. وذكر الشبرمي أن أغلب الشركات الأجنبية العاملة في قطاع المقاولات مدعومة من حكوماتها من خلال منحها جزءا كبيرا من العوائد التي تحققها من أنشطتها التي تزاولها في الخارج او في صورة تسهيلات بنكية، مما سيربك حركة المقاول الوطني والحد من اضطلاعه بدوره الريادي والتأثير سلبيا على استثمار قدراته في مسايرة الاسعار المطروحة من قبل المقاولين الاجانب، خاصة في ظل قدرة الشركات الأجنبية على الاستجابة للتحولات التقنية الحديثة. وأوضح أن النتيجة النهائية لهيمنة الشركات الاجنبية على هذا القطاع العام من المشاريع الانشائية الوطنية سينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني، وذلك لتعاظم حدة ما يرافقها من تسربات نقدية وتكنولوجية للخارج.

وأضاف:«المقاول الأجنبي الذي يلتزم بتنفيذ مشروع داخل السعودية يستخدم التقنيات الانشائية الحديثة ويجمع عنه الوثائق والمعلومات الدقيقة ويكتسب فيه من الخبرات المتجددة ما يجعل ذلك المقاول في موقع متميز من ناحية احتكاره لهذا الشكل من المشاريع، الأمر الذي يؤدي الى احتباس هذه التقنيات ضمن إطارها الأجنبي بدءا من التصميم وانتهاء بمرحلة الصيانة والتطوير بما يحرم المقاول الوطني من الاطلاع على هذه المكونات التقنية ويحد بالتالي من قدرته على التوسع والنمو. وأشار مستثمر آخر إلى ان قطاع المقاولات يرتبط بعلاقة خلفية وأمامية قوية مع بقية القطاعات الاخرى ويتميز عنها بحساسيته المفرطة للكثير من المتغيرات الاقتصادية، الامر الذي يجعله اكثر القطاعات الاقتصادية تقلبا، مبيناً أن من الصعوبات التي قد تواجه قطاع المقاولات المحلي سيطرة الشركات الاجنبية على معظم عقود المقاولات الحكومية الكبيرة وقسما لا بأس به من عقود المقاولات في القطاع الخاص.