البرلمان المصري يوافق على قانون ضريبة المبيعات والمعارضة تفشل في حمل وزير الاقتصاد على الاستقالة

TT

يصدق الرئيس حسني مبارك خلال أيام على القانون الجديد بتطبيق المرحلتين الثانية والثالثة من قانون ضريبة المبيعات بعد مرور 10 سنوات بالضبط من تطبيق المرحلة الأولى في مايو (ايار) عام 1991 ليطبق القانون على تجار الجملة والتجزئة في مصر بواقع 3.5 مليون تاجر لكل من يبلغ حجم أعماله 150 ألف جنيه.

وفجرت موافقة البرلمان النهائية في جلسة امتدت حتى الساعات الأولى من فجر اول من أمس موجة غضب عارمة بين النواب انسحب على اثرها 58 نائباً من القاعة، وقدم المنسحبون بيان احتجاج عاجلا الى الدكتور احمد فتحي سرور رئيس البرلمان أكدوا فيه ان انسحابهم جاء تسجيلا للاحتجاج على مناقشات البرلمان وممارسة ضغوط على نواب الحزب الوطني من جانب الحكومة وقيادات الحزب أدت الى تغير موقفهم من الرفض لتطبيق القانون الجديد في الجلسة التي عقدت صباح اول من أمس الى موافقة في الجلسة المسائية وتحول موقفها من الدفاع عن مصالح الجماهير من المستهلكين والتجار الى مصالح الحكومة وتنفيذ رغباتها، وأعلنوا ان تطبيق المرحلتين الجديدتين سوف يضيف أعباء جديدة على المواطنين الكادحين غير القادرين على الكسب في ظل ظروف الكساد الصعبة، وان انسحابهم يعد بلاغاً للجماهير للكشف عن الذين تنازلوا عن حقوق الشعب في هذا القانون.

كما فشلت المعارضة في البرلمان امس في حمل الدكتور يوسف بطرس غالي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية تقديم استقالته من منصبه على خلفية الاستجواب البرلماني الذي قدمه النائب الناصري كمال احمد عن اهدار المال العام في بورصة الاوراق المالية المصرية وسوق المال.

وفازت الحكومة امس بجولة المواجهة وهي الثانية مع الناصريين في البرلمان في فترة زمنية لا تتجاوز شهرا بعد أن رد وزير الاقتصاد على الاستجواب حيث نفى فيه كل الاتهامات التي وجهها النائب وقائمة الاتهامات التي قدمها في استجوابه.

اما النواب المنسحبون فقد وجهوا بياناً الى الصحافة سجلوا فيه ان سبب انسحابهم هو محاولة وأد طرح أفكارهم الرافضة للقانون، واتاحة الفرصة لنا لكي ندافع عن حقوق الشعب واغلاق باب المناقشة قبل استيفاء الحديث في هذا الموضوع الخطير.

وشهدت جلسة البرلمان مساء اول من أمس احداث صاخبة مشتعلة لم يشهدها منذ بدء أعماله في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، وبدأ سيناريو الاحداث باجتماعات سرية لجموع نواب الحزب الوطني، مع كمال الشاذلي وزير البرلمان والدكتور مدحت حسانين وزير المالية، بمكتب وزير البرلمان قبل الجلسة مباشرة، وتم الاتفاق على اعلان موافقتهم على مشروع القانون والدفاع عنه لتغيير اتجاه المناقشة من رفض الى موافقة، وتابعها عن قرب الدكتور عاطف عبيد رئيس الحكومة، ومنح الدكتور سرور الكلمة مع بداية الجلسة لعدد من النواب من الحزب الوطني واحد نواب المعارضة رفعت بشير، ثم اعلن التصويت على قفل باب المناقشة، وانفجر نواب المعارضة والحزب الوطني الرافضين للقانون، وأصيب نائب الحزب الوطني عاطف الاشموني عن دائرة المطرية بالقاهرة بحاجة من الهياج الشديد، وظل يصرخ (حرام عليكم.. حرام عليكم.. خربتوا بيوت الناس.. الله يخرب بيوتكم) حينها سارع عدد من النواب الى تهدئته واخراجه من القاعة، في الوقت الذي وقف فيه نائب الحزب الناصري حمدين صباحي يصرخ على باب القاعة (البلد حتولع يا جدعان.. حرام اللي بيحصل ده) وتختلط الاصوات وتنطلق العبارات غير معروف مصدرها من جانب مقاعد المعارضة الى ان انسحبوا من القاعة في وقت كان ينادي فيه سرور على نواب من المعارضة سبق ان قدموا اقتراحات بالتعديل على مواد القانون ولكنهم رفضوا الاستجابة وانصرفوا.

وفي الوقت الذي هدأت فيه القاعة وسارع نواب من الحزب الوطني الى احتلال مقاعد المعارضة لتغطية الموقف، كانت احداث الصخب قد انتقلت الى المبنى الفرعوني بالبرلمان حيث ارتفعت اصوات نائب الاحرار رجب هلال حميدة عن دائرة عابدين تندد وتتوعد، واطلق عبارات نارية وألفاظ عديدة وسارعوا الى عقد اجتماع اصدروا بعده وثيقة الاحتجاج ثم عادوا الى القاعة بعد انتهاء مناقشة القانون واقراره وأعلنوا انتهاء الانسحاب الذي استمر قرابة ساعة، ووقع عليه من نواب الحزب الوطني محمود معروف وجمال عبد المقصود وفايزة الطهناوي.

على صعيد آخر بدأت قيادات الحزب الوطني في بحث ملف نواب الحزب الوطني المنسحبين في الوقت الذي تردد فيه ان هناك اتجاهاً قوياً بفصل عاطف الاشموني على الأقل من عضوية الحزب من دون تحقيق عقاب على خروجه عن دائرة الالتزام الحزبي وانسياقه وراء نواب المعارضة وهو ما يعد مخالفة صارخة لنظام الحزب ولائحته الداخلية.

وقالت مصادر قريبة الصلة من الحزب الوطني ان قيادات بارزة في الحزب أكدت ان خسارة الحزب لمقعد من مقاعده الـ400 في البرلمان افضل من ان يبقى نائباً من الخوارج داخله.

وكان الدكتور مدحت حسانين وزير المالية قد تعهد أمام البرلمان بألا يضر تاجر جملة أو تجزئة من جراء تطبيق القانون الجديد ولن تتم احالة تاجر الى القضاء خلال السنة الأولى من التطبيق على الأقل، وستكون هناك مرونة كاملة في التطبيق، وأشار الى انه سيتم تشكيل فرق عمل من مأموري الضرائب على المبيعات للانتقال الى جميع المحافظات وعقد لقاءات مع الغرف التجارية ومراقبة أي تجاوز في التطبيق، وقدر وزير المالية ان تصل حصيلة المرحلتين الثانية والثالثة الى نحو 1.5 مليار جنيه.

وقد حضر الدكتور عاطف عبيد رئيس الحكومة الى قاعة البرلمان بعد الانتهاء من اقرار ضريبة المبيعات إلا انه لم يتحدث معقباً على أي من الأحداث حيث كان البرلمان قد استأنف مناقشاته حول مشروعي وموازنة العام المالي الجديد.

من جهة اخرى قرر نواب المعارضة والمستقلون عقد سلسلة من المؤتمرات الجماهيرية في بعض الدوائر الانتخابية ومقار أحزاب المعارضة لمواصلة حملتهم لاسقاط قانون ضريبة المبيعات الذي أقره البرلمان بعد انسحابهم من جلسة البرلمان.

وأعلن النواب ان معركتهم لم تنته رغم صدور القانون وانهم سيوجهون رسالة مناشدة للرئيس مبارك لعدم التصديق على القانون.