شركات الوساطة السعودية تطلق خدماتها في الربع الأول من 2007 رغم المعوقات

هيئة السوق المالية ترخص لـ41 شركة لفك احتكار البنوك

TT

أكد لـ «الشرق الأوسط» مسؤولون في شركات الوساطة في سوق الأسهم السعودية والتي تم الترخيص لها أخيرا، أن دفعة من تلك الشركات ستبدأ أنشطتها في الربع الأول من العام المقبل 2007، على أن تلحقها تباعا الشركات الأخرى المرخص لها لفك احتكار البنوك. يشار إلى أن هيئة السوق المالية رخصت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) للعام الماضي لـ 41 شركة بعد أن رخصت أمس لست شركات جديدة لتقديم خدمات أعمال الأوراق المالية سعيا لجهودها في تطوير هذا القطاع ورغبة منها في زيادة عدد الشركات التي تقدم خدماتها للمتعاملين في مجال أعمال الأوراق المالية. ويتركز نشاط الشركات المرخص لها في مجالات: إدارة المحافظ، الحفظ، الترتيب وتقديم المشورة في الأوراق المالية. وتم أمس الترخيص لـ: دار التمويل والاستثمار المالي، إثراء المالية، الدخيل للاستثمار والتمويل، بايونيرز السعودية للأوراق المالية، وطن للاستثمار وأعمال الأوراق المالية، وأخيرا، شركة المجموعة المالية.

من جهة أخرى، عزا مسؤولو شركات وساطة في سوق الأسهم السعودية، تأخير إطلاق نشاط تلك الشركات إلى إجراءات إدارية ومشاكل فنية إضافة إلى قصور في البنى التحتية. حيث يتطلب الأمر حصول هذه الشركات على أكثر من ترخيص من الجهات ذات العلاقة إضافة إلى عقد جمعيات تأسيسية واستكمال الربط مع شبكة تداول الأسهم من جهة ومع البنوك من جهة أخرى، فيما عانت بعض الشركات من كثرة مساهميها واحتياجها إلى وكالات. وأكد المسؤولون الذين تحدثوا لـ«الشرق الاوسط» أن نشاط الوساطة يعتبر جديدا على السوق السعودية ويستوجب الاستعداد له من جميع نواحيه لا سيما الفنية والبشرية، متطرقين إلى ضعف البنى التحتية فيما يتعلق بالقدرة على الربط مع البنوك ومع شبكة تداول الأسهم إضافة إلى إنهاء إجراءات إدارية من خلال استكمال التراخيص من وزارة للتجارة والصناعة ومشاركة الهيئة العامة للاستثمار للشركات التي لديها شريك أجنبي. يشار إلى أنه يتم حاليا ممارسة نشاط الوساطة في سوق الأوراق المالية عن طريق وحدات متخصصة تابعة للبنوك وتعد جزاء من تنظيمها الإداري والفني والمالي. واستطاعت البنوك أن تستفيد من الازدهار الذي شهدته سوق الأسهم السعودية لا سيما خلال الثلاثة أعوام الماضية، والتي استقطبت محافظ نشطة قاربت الأربعة ملايين محفظة استثمارية ساعد على زيادتها الاكتتابات. وبمتابعة العمليات التي تمت منذ بداية العام وحتى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حققت البنوك إيرادات من وساطة الأسهم تراوحت بين 9 و10.5 مليار ريال (2.4 و2.8 مليار دولار) تقريبا. وتعد تلك الإيرادات مصدر جذب لشركات الوساطة لاستقطاع جزء من الكعكة التي تنفرد بها حاليا البنوك. ووفقا لنظام هيئة السوق المالية، فأن جميع وحدات الوساطة المالية الحالية التابعة للبنوك ستتوقف عن مزاولة هذا النشاط خلال العام المقبل، حيث منحت البنوك مهلة عامين لتأسيس شركات وساط منفصلة ومستقلة عنها إداريا وتنظيميا وماليا للراغبة في استمرار مزاولة نشاط الوساطة المالية.

يذكر أن بنكا واحدا فقط أسس شركة مستقلة للوساطة وحصل على جميع الرخص الممنوحة وهي شركة إتش إس بي سي العربية السعودية المحدودة والتي تتبع البنك السعودي البريطاني (ساب) فيما اشتركت مجموعة سامبا المالية حتى الآن مع مجموعة من الشركاء من بينهم بنك «دوتشيه بنك» الألماني الذي افتتح قبل أشهر فرعا له في الرياض، في شركة رسملة للاستثمار السعودية المحدودة.

أمام ذلك أرجع الدكتور صالح العمير نائب رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية السويسرية للأوراق المالية تأخر إطلاق شركته لنشاطها على الرغم من حصولهم على الترخيص منذ أكثر من عام إلى وجود شركاء غير سعوديين في الشركة استوجب الحصول على ترخيص آخر من الهيئة العامة للاستثمار.

وأضاف أن الحصول على الرخصة تطلب بعض الوقت رغم التعاون الوثيق والتنسيق بين الهيئتين (السوق المالية والاستثمار)، مشيرا إلى أنه تم بعد ذلك تقديم جميع هذه الوثائق إلى وزارة التجارة والصناعة لغرض إشهار الشركة وتسجيلها، وبالتالي الحصول على ثلاث رخص متتالية، مفيدا أنهم واجهوا هذا الأمر بمزيد من الصبر. وبين العمير أن شركته تنتظر فقط الحصول على الرخصة من وزارة التجارة لتستعد لإطلاق نشاطها بعد أن استغلت الفترة الماضية في التجهيز لذلك، متوقعا منافسة كبيرة بين المؤسسات المرخص لها من خلال التسابق في تقديم خدمات مبتكره مما سيوفر للمتداولين في سوق الأوراق المالية فرصا أكثر لمقارنة كفاءة أداء كل شركة وبالتالي تتعدد الخيار المتاحة أمامهم. لكن العمير اشتكى من ندرة أو قلة المؤهلين في مجال مهنة الوساطة المالية من الكوادر السعودية خاصة في المناصب القيادية التي تشترط مؤهلات علمية عالية ودرجة كافية من الخبرة والممارسة العملية، متطرقا إلى شدة المنافسة بين الشركات على هذه الفئة من العاملين.

من جانبه، يتفق أحمد الخطيب العضو المنتدب لشركة جدوى للاستثمار مع ما ذهب إليه العمير حول الكوادر البشرية، مشيرا إلى أن من أهم التحديات التي واجهته شركات الوساطة المرخص لها محدودية العناصر البشرية المؤهلة ليست في السعودية فحسب بل في المنطقة ككل، مشيرا إلى جميع الشركات تشكو من ندرة المؤهلين. لكن الخطيب يعرج في تصريحه إلى أكبر من ذلك وهي المنافسة المنتظرة بين الشركات المرخص لها والبنوك، موضحا أن المصارف تمتلك مميزات تنافسية تكمن في طول تقديمها للخدمة إضافة إلى تحقيقها أرباحا وصفها بـ«الهائلة» مما يعطيها القدرة على تطوير الخدمات واستقطاب العناصر البشرية. إلا أن العضو المنتدب لشركة جدوى للاستثمار أشار إلى أن المنافسة ستجعل شركات الاستثمار الجديدة تعمل على إثبات نفسها، متوقعا النجاح للشركات التي تملك خططا استراتيجية «قوية» لتستطيع مزاحمة البنوك ليس على المستوى المحلي فحسب بل تتجاوزه إلى الإقليمية والدولية، مؤكدا أن شركته التي يتوقع أن تبدأ بتقديم خدماتها في الربع الأول من العام المقبل تمتلك تلك الخطط.

ويدلل الخطيب على ما ذهب إليه من كبر سوق الوساطة في الأسهم والذي فاق ربحيته العام الماضي ثلاثة مليارات ريال (800 مليون دولار)، وحجم الأصول المدارة في صناديق الاستثمار المحلية والعالمية الـ 70 مليار ريال (18.66 مليار دولار) مما يجعل الفرصة سانحة للمنافسة حسب رأيه. لكنه يشير فيما يتعلق بنشاطي الترتيب والاستشارات إلى أنه جديد العهد بالسوق السعودي، مفيدا أن قليلا من البنوك تقدم نشاط الترتيب.

وزاد الخطيب أن السوق المالية السعودية على الرغم من أنها الأكبر حجما في المنطقة إلا أنها لا زالت للأسف سوقا ناشئة انضم لها عدد كبير من المتعاملين خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مما أدى بالتالي إلى قلب المعادلة لأن يصبح الأفراد يشكلون النسبة العظمى إذ يتجاوزون الـ 90 في المائة من المتعاملين في السوق.

وأضاف أن زيادة الإقبال أدى إلى ضعف الأنظمة الآلية ومحدودية الخدمات المقدمة لهم لا سيما صالات الأسهم في البنوك أو الموظفين الذين يتعاملون معهم تزامن معها عدم تقديم الخدمة بالشكل الكامل، مرجحا أن تساهم الشركات الجديدة في حل تلك المشاكل.

من جانبه، يتفق الدكتور فهد المبارك رئيس مجلس إدارة المجموعة المالية والمؤسس الرئيسي للشركة، مع ما ذهب إليه العمير والخطيب من أن نشاط الوساطة يعد جديدا على السوق السعودية، مضيفا أن النشاط يتطلب عدة إجراءات فنية لها علاقة بتقنيات المعلومات من خلال الارتباط مع أكثر من جهة بشبكة معقدة.

وذكر المبارك الذي حول مكتب الملز للاستشارات ليكون النواة للشركة الجديدة التي أنهت إجراءات تراخيصها مع هيئة السوق المالية ووزارة التجارة والصناعة، أنهم سيطلقون خدماتهم في الربع الأول من العام المقبل. وأرجع تأخرهم إلى سبب ذاتي لم يكشف عنه إلا أنه أشار إلى أنهم في إطار تجربة نحو 5 برامج لاختيار أحدها بناء على ما يحدده الفنيون في شركته ليتوافق مع الخدمات التي سيقدمونها للعملاء.

وعن المنافسة مع البنوك، أفاد المبارك أن القطاع المصرفي أدى في الفترة الماضية دورا لا بأس به إلا أنه مع تراكم الوسائط النقدية والحاجة لإدارة جديدة للاستثمارات وطرح منتجات استثمارية متنوعة لم تطرحها البنوك ساعد على الحاجة لوجود مثل تلك الشركات، مدللا على ذلك بالملكية الخاصة والصناديق العقارية، واتساع سوق الأسهم لضم شركات جديدة قد تصل إلى ما بين 300 و400 شركة خلال السنوات المقبلة أدى إلى الحاجة لوجود شركات تساعد في عمليات الطرح تلك.