وسط بيروت التجاري يدفع فاتورة السياسة إقفالا وخسائر

يضم 500 متجر ومطعم ويعيل 10 آلاف أسرة

TT

مرة اخرى يتعرض وسط بيروت التجاري لضغوط تؤثر سلباً على حركته، وتدفع بأصحاب المتاجر والمطاعم الى رفع الصوت عالياً نتيجة الخسائر التي يتكبدونها. والسبب هو عودة التظاهرات الحاشدة والاعتصامات المفتوحة التي تنظمها المعارضة اللبنانية، بعدما شهدت هذه المنطقة اكثر من مناسبة مماثلة منذ اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري مطلع العام 2005، كما شهدت جلسات الحوار وجلسات التشاور بين القادة السياسيين اللبنانيين. ومعلوم ان وسط بيروت هو قلب العاصمة التجاري. ومركز المصارف، فضلاً عن وجود السراي الكبرى (مقر رئاسة الحكومة)، ومقر مجلس النواب اللبناني.

واذا كانت المراحل السابقة شهدت اشغال ساحة الشهداء فقط، فان المعتصمين حالياً يشغلون الساحتين الكبيرتين في المنطقة: ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح. ولكي ندرك اهمية هذه المنطقة وتعطيل الحركة فيها نشير الى انها تساهم بنسبة 11% من اجمالي الناتج المحلي. وبالاضافة الى تسارع المصارف، تضم المنطقة نحو 500 متجر ومطعم، وتستخدم اكثر من 5 آلاف موظف وبالاجمال، فان نحو 10 آلاف عائلة تعتاش مباشرة وغير مباشرة من الحركة التجارية، وهؤلاء يدفعون فاتورة عدم الاستقرار السياسي منذ اغتيال الرئيس الحريري.

ومنذ ذلك الاغتيال حتى الآن لم يستفد وسط بيروت التجاري من طاقته كاملاً، ولم يعرف الازدهار الذي كان منشوداً له. وهذه السنة كانت من السنوات الصعبة بامتياز، ولاسيما بعد الاستثمارات الكبيرة التي وظفت على امل الاستفادة من موسم سياحي زاهر. ويشير مسؤول في احد مخازن الالبسة الى ان مجموعته التجارية التي يعمل فيها نحو 500 موظف، استثمرت نحو 20 مليون دولار لكي تتمركز في المنطقة.

وفي الاشهر الستة الاولى من السنة استؤنفت الحركة بصورة طبيعية، وعلى غرار ما كانت عليه في العام 2004، ولكن متاجر «الوسط» تحقق نحو 40% من رقم مبيعاتها السنوية في الصيف، بفضل الزبائن اللبنانيين الذين يمثلون 60% من الزائرين، ولاسيما بفضل السياح الذين يتمتعون بقدرة شرائية عالية. لكن الحرب هذه السنة كانت مفاجئة، واجبرت المتاجر والمطاعم على مراجعة حساباتها، وكبدتها اكثر من 30% من رقم مبيعاتها.

وكشف عضو مجلس ادارة غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير لـ«الشرق الاوسط»: «ان هناك حركة اقفال عدد من المؤسسات في وسط بيروت التجاري ولجوء مؤسسات اخرى الى صرف نصف عمالها ودفع نصف راتب للعمال الباقين كتدبير اخير قبل اعلان افلاسها اذا استمر الوضع على هذا المنوال».

وأضاف: «كمعدل عام، فان الحركة في الوسط التجاري لا تتعدى 5%، وهذا امر لا يمكن ان نستمر فيه». ولم يستبعد ان تستمر ظاهرة اقفال المؤسسات وتتوسع بشكل كبير بعد اعياد الميلاد ورأس السنة والاضحى»، خصوصاً اذا لم نستطع الاستفادة من مواسم هذه الاعياد، لاسيما ان شهر ديسمبر (كانون الاول) الحالي هو اهم الاشهر بالنسبة الينا»، على حد قول شقير، الذي اعلن ضم صوته الى صوت رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار الذي طالب «بهدنة اقتصادية شاملة خلال هذا الشهر تمتد الى ما بعد الاعياد افساحاً في المجال امام الاسواق التجارية للافادة من حركة المبيعات في موسم الاعياد».

غير ان التجار واصحاب المطاعم لم يستسلموا للامر الواقع، ولكي يواجهوا الصعوبات قرروا انشاء تجمع يدافع عن حقوقهم. ولكن هذا التجمع لم يظهر رسمياً بعد الا انه باشر التحرك من طريق عقد حلقات واجتماعات لدرس الركود الحاصل في الوسط، والوسائل الكفيلة بمواجهته. وبالفعل تمكن التجمع من «تحرير» شارعين رئيسيين هما اللنبي وفوش، ونسق مع ادارة «سوليدير» على اعادة فتح مرآبين للسيارات وغير ذلك من الاجراءات التي توفر الحد الادنى لاستئناف حركة السوق.