قراءة في مستقبل السوق العام الحالي

سعود الأحمد

TT

لقراءة مستقبل السوق المالي السعودي خلال عام 2007 والسنوات القريبة بعده، فإن من المهم مراعاة حقيقة هامة، أنه عبر التاريخ لم يحدث أن كان للاقتصاد توجه بمعزل عن الأحداث السياسة، بل أن معظم الجامعات إلى عهد قريب كانت تدرس علم الاقتصاد إلى جانب علم السياسة. ومعظم علماء الاقتصاد الحاليين يحملون شهادات بتخصصي الاقتصاد والعلوم السياسية، وإن كانت السياسة والاقتصاد يتناوبان فيما بينهما ومن وقت لآخر، حول من يصنع من، وهل السياسة تصنع الاقتصاد أم العكس.

ومن هنا يبدو أننا حتى نقرأ مستقبل سوقنا المالية فإننا بحاجة إلى قراءة المؤشرات الاقتصادية للمنطقة والعالم، بموضوعية وفهم شامل ومستقل. وأهم من ذلك كله علينا قراءة مضامين ومدلولات الاحداث المعاصرة والتوجهات السياسية التي نلمسها وقياس أثر كل منها بأقصى قدر ممكن من الدقة والموضوعية... ومن ثم نربط كل ذلك ببعضه للخروج بشيء من التوقعات والقراءات المستقبلية. فالواضح أن سياسات دول مجلس التعاون العربية متجهة أكثر للإنفاق الداخلي والبناء الاستراتيجي التنموي والتنظيمي لمقابلة حقبة ما بعد الحرب في محاولة للحاق بالعالم المتطور والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط. وهناك مشاريع لبناء مدن صناعية واقتصادية وتعليمية ومشاريع أخرى تنموية. وسيواكب ذلك تكثيف لتوسيع القاعدة الاقتصادية والاستثمارية، عن طريق زيادة عدد وحجم شركات مساهمة تستكمل بناء بعض القطاعات، إضافة إلى دخول قطاعات جديدة بعضها بدأ كالمعلومات والإعلام وبعضها على الأبواب كالسكك الحديدية والخطوط الجوية. وسيكون ذلك مدعاة للتهيئة لتكامل اقتصادي أفضل بين دول المجلس ووحدة في مجالات العملة النقدية الموحدة ومجالات أخرى كالربط الكهربائي والاتصالات والمواصلات... وبعضها بدأ بالفعل كالطرق البرية عبر الصحراء بين دول مثل طريق عُمان السعودية وغيرها. ويبدو أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على حالة من الاستقرار، على حساب القضايا التي كانت محورية، فالأحداث تُشير إلى انحسار الدور العسكري في لبنان، المتمثل في حزب الله الذي تدعمه دولة الفرس وهو ما يُعرف بالمد الشيعي. ويبدو أنه عاجلاً أم آجلاً ستصبح لبنان دولة أمن داخلي لينصهر جيشها في داخلها، ولتبقى دولة إسرائيل آمنة من أي تهديد محتمل أو مقاومة من أي من دول الجوار. وبالمقابل إيران ستنشغل بنفوذها الذي أصبح اليوم واقعاً ملموساً يتحدث عن نفسه في العراق. أما عن سورية فقد أعلنت أنها أرسلت (قبل أيام) مذكرة رسمية باستعدادها للتفاوض مع اسرائيل ومن دون شروط. أما عن فلسطين فسوف يصبح زمام أمور الرئاسة والسلطة بيد الرئيس عباس (إلا يشاء الله). وكل ذلك في النهاية سيحقق الأمن لإسرائيل، وحتى توجه مخصصات العسكرية لمشاريع تنموية حيوية ولكي تحقق التميز المنتظر على مستوى صناعات التقنيات العالية الدقة والتطور، مثل معدات الأقمار الصناعية والمعدات الطبية وغيرهما. وعن إخواننا المتحمسين والمنحمسين في حماس ومن يليهم ممن يسميهم الشارع العربي بالمقاومين الشرفاء المطالبين بالحقوق الشرعية والتاريخية الفلسطينية فسوف يلينون أو ينكسرون. لكن العالم لن يترك لإيران اللقمة هنية، بحيث يمنحها مرتبة الدولة النووية ... ويقبلها في منظومته مفروضة عليه!. لكن العقوبات الدولية ستبدأ ... وإلى أن تنتهي قد يأتي اليوم الذي تتمنى فيه حكومة إيران أنها لم تدخل هذه المنظومة .. حظر اقتصادي ثم حظر جوي ... وهكذا. ولا يتوقع أن تكون المهمة أكثر جهداً ولا أطول زمناً من الحرب الباردة، ومع الوقت واتخاذ الإجراءات المنهكة لاقتصاد إيران، حتى تضعف وتنهك كما حدث لروسيا وتركيا وصربيا وتنازلت عن ثوابتها ودخلت في المنظومة العالمية بحسب شروط الغرب والأجندة التي يضعونها لها.

وختاماً... هذه قراءتي للأحداث السياسية والاقتصادية المؤثرة، ومن المتوقع إذا تبلورت هذه المعطيات خلال السنة الحالية (2007) فسوف يرتد السوق السعودي ومعه الأسواق المالية المجاورة.

* محلل اقتصادي ومالي سعودي [email protected]