هيئة السوق المال تعلق تداول أسهم «بيشة الزراعية» وسط مخاوف من إعلان إفلاسها

في ثاني إيقاف للتداول في سوق الأسهم السعودية.. والشركة تبدأ خطوات لاحتواء الموقف

TT

أعلنت أمس هيئة سوق المال السعودية، تعليق أسهم شركة بيشة الزراعية، استنادا لما ظهر من خسائر في القوائم المالية للربع الثالث من العام المالي الماضي، بصافي خسارة قدرها 22.3 مليون ريال (5.9 مليون دولار)، بعد أن بلغت تلك النتائج المالية خسائر نسبة كبيرة من رأسمالها، مما يؤثر بصورة جوهرية على سلامة وضعها المالي. واشترطت الهيئة إزالة تعليق أسهم شركة بيشة بزوال الأسباب، مما دعا نجم الدين ظافر رئيس مجلس إدارة الشركة للتصريح بأنه سيتم الرفع لوزارة التجارة والصناعة بطلب عقد جمعية عمومية طارئة لملاك الأسهم للنظر في الخطوات، التي يمكن اتخاذها لإنهاء تعليق التداول.

وجاء قرار الهيئة بناءً على المادة السادسة من نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي، التي تُخولها منع أي أوراق مالية في السوق أو تعليق إصدارها، أو تداولها إذا رأت الهيئة ضرورة ذلك. كما استندت الهيئة إلى المادة الـ21 من (قواعد التسجيل والإدراج) الصادرة بقرار مجلسها، التي تنص على أنه يجوز للهيئة تعليق الإدراج أو إلغائه إذا رأت أن مستوى عمليات المُصدر أو أصوله لا تبرر التداول المستمر في أوراقه المالية في السوق.

ويعد هذا التعليق الثاني في سوق الأسهم السعودية، بعد أن تم إيقاف تداول أسهم شركة الباحة للاستثمار والتنمية عام 2005 لفترة وصلت إلى ثلاثة أشهر نتيجة لتحفظات المحاسب القانوني على نتائجها المالية، قبل أن تعود وتنهي التعليق بالسماح بتداول الأسهم بعد أن تمت إزالة أسباب التحفظ. وقال مصدر في هيئة سوق المال تحدث لـ«الشرق الأوسط»، رغب عدم ذكر اسمه، حرص الهيئة في التقصي عن كل ما يتعلق بالشركة المعنية، قبيل اتخاذ قرار تجميد تداولها والذي وصفه بـ«المؤلم» وخلال فترة زمنية غير قصيرة، بحسب ما ذكر لاستكمال كافة الإجراءات.

ووصف المصدر أن القرار الذي اتخذ أمس يزيد الشفافية في سوق الأسهم السعودية، ويطبق النظام تمهيدا لأن تكون السوق وعلى الأمد الطويل جاذبة للاستثمارات الجادة سواء كانت من داخل البلاد أو خارجها.

وأدى إعلان الهيئة أمس، وقف التداول على سهم شركة بيشة الزراعية إلى موجة حادة من التراجعات، بلغت النسب القصوى وسط مخاوف من المساهمين من حدوث إجراءات مماثلة في الشركات المشابهة لـ«بيشة».

وكانت الشركة التي يبلغ رأس مالها 50 مليون ريال (13.3 مليون دولار) سجلت خلال الربع الثالث للعام المنتهي 2006 خسائر بلغت 22.3 مليون ريال، أي ما يوازي ثلاثة أرباع رأس المال، وهو ما يراه متابعون لوضع الشركة مهددا بدخولها دائرة إعلان الافلاس. وذكرت تقديرات غير رسمية، أن خسائر الشركة المتراكمة تجاوزت ذلك كثير، حيث قدرتها بأنها بلغت 48 مليون ريال (12.8 مليون دولار).

ودعا مجلس الإدارة لعقد الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرار الشركة أو حلها، قبل الأجل المعين في نظامها. ويتعين على الشركة أن تقرر من خلال الجمعية التي ستعقد لا حقا الطلب بزيادة رأس المال أو خفضه بمقدار الخسائر المتراكمة أو حل الشركة، وكل ذلك يتطلب الحصول على موافقة هيئة السوق المالية أولا، ومن ثم تكملة بقية الإجراءات مع وزارة التجارة والصناعة.

وتشير المادة 15 من نظام قانون الشركات التابع لوزارة التجارة، إلى أن تصفية الشركات والبدء بإجراءات الإفلاس يكون في حال (هلاك جميع مال الشركة أو معظمه بحيث يتعذر استثمار الباقي استثماراً مجدياً). إلا أن مراقبين ماليين قللوا من خطورة تعليق التداول على مستقبل الشركة، فخسائر الشركة التي لا تزال غير محققة، قد يحمي مستقبلها، حيث أن كلا من وزارة التجارة وهيئة السوق المالية تبني الخسائر على المسجلة منها. أمام ذلك سادت حالة من الترقب في أوساط المتداولين على سهم «بيشة» لمعرفة أبعاد قرار الايقاف، وخاصة العامل الزمني للايقاف ومدى عودتها من جديد للتداول بعد إيقاف مؤقت أم فرض اجراءات معينة قبل السماح لها مرة أخرى بتداول أسهمها في السوق.

وكانت هيئة السوق المالية طلبت إعادة إعلان النتائج الفعلية للربع الثالث لشركة بيشة، والتي أعلنت في حينها بتحقيق أرباح بلغت 51 ألف ريال (13.6 ألف دولار) قبل أن تعود نزولا عند قرار الهيئة، لتعلن خسائرها للربع الثالث متضمنة كشف خسائرها في محفظتها الاستثمارية في سوق الأسهم. ووصف رئيس مجلس إدارة الشركة، أن شركته «بعد الايقاف، في موقف لا تحسد عليه، حيث ان الشركة كانت تحس بذلك منذ انهيار السوق في فبراير الماضي»، متطرقا في ذلك للخسائر التي تكبدتها شركته من خلال محفظتها الاستثمارية في سوق الأسهم.

يذكر أن هيئة السوق طالبت الشركات بإنهاء استثماراتها في سوق الأسهم، وحددت لهم مهلة انتهت بنهاية رمضان الماضي، حيث تضمن القرار بإمكانية الاستثمار في الأسهم من خلال صناديق استثمارية فقط، يديرها وسطاء مرخصون من قبل الهيئة. وذكر رئيس «بيشة الزراعية» في تصريح لقناة العربية أمس، أن الشركة كانت تستثمر ما تحصلت عليه من المزاد العلني، الذي اقامته على أسهمها في محفظة استثمارية بأحد البنوك، وكان لديها روية في اثبات الربح والخسارة أواخر كل العام، فيما كان المحاسبون يفضلون اظهار تقييم السهم كل ثلاثة اشهر.

وعلل في معرض إجابته حول وضع الشركة، بأن استثمار الشركة كان استثمارا متوسط المدى، ما بين 3 الى خمس سنوات، مدللا على ذلك بشركات قيادية خسرت نصف قيمة أسهمها. ولمح نجم الدين إلى مسؤولية جهات أخرى فيما حدث بالقول «الشركة تقدمت إلى الهئية ـ يقصد هيئة السوق المالية ـ برفع رأس المال من 50 مليون ريال إلى 200 مليون ريال (13.3 إلى 53.3 مليون دولار)، إضافة إلى الاندماج مع شركة اجواء، وذلك تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين باندماج الشركات مع بعضها، ولم توافق الهئية على هذه المطالب».

غير أنه عاد للغة التفاؤل، من خلال تأكيده على وجود شركاء لديهم مصالح مباشرة وغير مباشرة مع شركته، مشيرا إلى وجود شركات ترغب في الاندماج معهم، متطرقا إلى أن ما حوته الموزانة الأخيرة للسعودية من مشاريع، سيساعد الشركة على اجتياز أزمتها والتأثير إيجابيا في وضعها القائم.