الحكومة السورية تتجه لإقرار قانون خاص بالتطوير والاستثمار العقاري

وزير المالية: نحن من أقل بلدان العالم اعتمادا على القروض الخارجية

TT

تعكف الحكومة السورية حاليا على إصدار قانون خاص بالتطوير والاستثمار العقاري، وذلك بغية تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار العقاري بشكل منظم وبما يلبي التوسعات العمرانية المطلوبة.

وتأمل الحكومة السورية من هذا القانون في التمكن من تفعيل دور القطاع الخاص المحلي أولا، والعربي والأجنبي ثانيا لتنفيذ السياسات العمرانية والإسكانية المقررة ضمن أطر قانونية تكفل تشجعه على الاستثمار في صلب عملية الإنتاج العقاري المنظم.

كما تسعى الحكومة الى إبعاد القطاع الخاص في سورية عن المضاربات القائمة حاليا وبما يضمن له أرباح عادلة مع ضمان تحقيق أهداف وأولويات الدولة وبشكل خاص إمداد قطاع الإسكان والتعمير بما يلزم من الأراضي المعدة للبناء وتأمين السكن لمختلف الشرائح، وخاصة ذوي الدخل المحدود وبشروط ميسرة، فضلا على التدخل لمعالجة مناطق عمرانية قائمة وبناء الضواحي والمجتمعات العمرانية الجديدة ومناطق الخدمات الخاصة.

ويقوم التشريع الجديد على منح التسهيلات اللازمة لممارسة نشاط التطوير العقاري ومنح نسب محددة من الإعفاءات لتوجيه هذا النشاط بما ينسجم مع متطلبات عملية التنمية المتوازنة والشاملة وتشجيع تنفيذ مشاريع التطوير العقاري التي تندرج ضمن أهداف وأولويات الدولة.

كما أوجد المشروع آلية جديدة مرنة ومبسطة لتنظيم وتطوير العقارات سواء داخل التنظيم أو خارجه، الأمر الذي يختصر الإجراءات الطويلة التي كانت سائدة سابقا. ونص المشروع على أن تتضمن التعليمات التنفيذية شروط الترخيص لمزاولة مهنة التطوير العقاري لضمان ممارسة هذا النشاط من قبل جهات مؤهلة وفاعلة وبما يساهم في رفع مستوى الكوادر والتقنيات اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع.

وبهدف إتاحة تأمين وتدفق رؤوس الأموال والإمكانيات الفنية والتقنية اللازمة، سمح المشروع بممارسة مهنة التطوير العقاري من قبل الأفراد الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين السوريين، كما سمح للشركات العربية والأجنبية المتخصصة بالتطوير العقاري بإحداث فروع لها في سورية. كذلك سمح بإحداث شركات مشتركة وشركات تطرح أسهمها للاكتتاب العام، ووضع حدا أعلى لمساهمة رعايا الدول العربية والأجنبية بما لا يتجاوز 49% بغية إفساح المجال لمشاركة رأس المال الوطني واستثمار المدخرات الصغيرة والمتوسطة في هذه الشركات، وذلك لخصوصية النشاط العقاري.

ويأتي هذا القانون ضمن سلسلة قوانين أخرى تتجه الحكومة السورية لإصدارها، وتهدف عبرها إلى حل مشكلة السكن القائمة حاليا في البلاد خاصة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار العقارات وتضاعفها عدة مرات خلال السنتين الأخيرتين.

ومن القوانين التي تعد في هذا السياق قانون التمويل العقاري الذي من شأنه أن يساعد في تمكين المواطن من الحصول على مسكن بشروط ميسرة.  من ناحية أخرى، تراجع اعتماد سورية على القروض الخارجية بشكل واضح، بحيث باتت تصنف على أنها من أقل دول العالم اعتمادا على القروض، ومما عزز من هذا الموقع تمكنها من تسوية مديونيتها الخارجية بشكل أصبحت فيه أيضا من أقل البلدان مديونية، وهذا ما جعلها تمتلك عناصر قوة جنبتها الإملاءات الخارجية.

ويؤكد الدكتور محمد الحسين وزير المالية في هذا السياق، ان سياسة الإقراض الخارجي تتجه نحو المشاريع التنموية فقط، ومع ذلك فإنه باستعراض خطط الإقراض في السنوات الأخيرة، يتبين أن التنفيذ كان دائما أقل مما هو مخطط.

الحسين أكد في هذا السياق على أهمية معالجة سورية لملف ديونها الخارجية بشروط سهلة، وخاصة مع روسيا التي تسدد لها سنويا 150 مليون دولار بمعدل دفعتين بالسنة.

وعن العلاقة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، قال الحسين: ان العلاقة جيدة وسورية مواظبة على التواصل مع هاتين المؤسستين وما يتبع لهما، وتحرص على حضور الاجتماعات الدورية والتعاون بما يساير المصالح السورية. وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، لم ير الحسين مانعا من الاقتراض من البنك الدولي، ولكن شرط ان يكون ذلك من أجل مشاريع تنموية او لصالح مشاريع تخدم العملية الإصلاحية المقررة من الداخل.

إلى ذلك، بيّن الحسين ان هناك تعاونا فنيا مع البنك الدولي ومؤسساته وهناك آراء تقدم من قبل البنك تأخذ سورية منها ما يناسبها دون ان  يؤثر على سيادتها، مؤكدا أن الحكومة السورية لا تسمح بأن يفرض عليها قرارات من الخارج، وإذ سألنا الوزير الحسين فيما إذا كانت هناك ملاحظات يبديها البنك الدولي على السياسة الاقتصادية السورية، فإنه أشار بوضوح إلى تدقيق البنك على المالية العامة وخاصة ما يتعلق بخسائر الشركات العامة والدعم الذي تعطيه الحكومة على أسعار المحروقات والطاقة، وما يمكن أن يسببه ذلك من استنزاف للمالية العامة ولاحتياجات الدولة، ولكن توقف الحسين ليقول إن موضوع الدعم والمحافظة على القطاع العام هو قرار داخلي، وأي توجه لإعادة النظر بهذين الأمرين ينبع من حاجة ورؤية داخلية مع الأخذ بملاحظات البنك الدولي وغيره اذا وجدنا انها مناسبة.

هذا ولم يستبعد الحسين إمكانية حصول سورية على قروض من البنك الدولي اذا ما كانت متوجهة لصالح مشاريع تنموية، وكانت الشروط التي يمنحها افضل من تلك الشروط التي تمنحها المؤسسات الأخرى.