المؤتمرات الاقتصادية والحاجة للتنسيق

 سـعود الأحمد *

TT

المؤتمرات والندوات العامة التي تُعقد لمناقشة المواضيع المهمة، وبالأخص ما يتعلق منها بالمجالات الاقتصادية، لا شك أنها تُكلف الكثير من الوقت والجهد والمال. وبالتالي، فإن من المفترض أن تسعى الجهات المنظمة إلى توظيفها بأقصى قدر ممكن.. لمصلحتها ولمصلحة الجهات الراعية والمتحدثين فيها والحضور الرواد المهتمين بمواضيعها والمجتمع بوجه عام.. وألا نتخذ منها مجرد فرصة للظهور وقضاء الوقت.

الأسبوع الماضي كانت هناك ثلاث فعاليات مهمة بمدينة الرياض في وقت واحد. فقد عُقد المؤتمر الوطني للتعاملات الإلكترونية لعام 2007 تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ولمدة خمسة أيام من السبت 13 يناير (كانون الثاني) الحالي بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق إنتركونتيننتال في الرياض. كما عُقد خلال الفترة مؤتمر «اليورو موني» الأول عن التمويل الإسكاني في المملكة بفندق الفيصلية بالرياض ولمدة ثلاثة أيام (15-17 يناير).

وفي نفس الأسبوع، كانت هناك ندوة المعايير الاحترازية للمصرفية الإسلامية يومي الاثنين والثلاثاء بالمعهد المصرفي بالرياض ... ثلاث فعاليات اقتصادية في وقت واحد، أمر يحتاج أن نتوقف عنده. إذ كيف يمكن للمهتمين أن يجدوا من الوقت ما يسمح لهم بحضور هذه الفعاليات الثلاث، إضافة إلى ما لديهم من أعمال؟

وكيف يمكن للإعلاميين أن يغطوا هذه الفعاليات الثلاث معاً (بما تستحق) مع ما لديهم من أعمال يومية؟!. وأهم من ذلك: كيف يمكن لمن يوكل لهم تنظيم مثل هذه المؤتمرات أن يحضروا أو حتى يتابعوا أخبار الفعاليات الأخرى؟!. مثل هذا التزاحم الجدولي يتسبب في غياب العديد من الخبراء والمتخصصين العاملين في هذه المجالات الاقتصادية. إضافة إلى تدني مستوى التغطيات الإعلامية لهذه المناسبات لبعض الصحف المهتمة (إذا تمكنت من التغطية). كما أن من الطبيعي أن ينسحب العديد من المشاركين من بعض الفعاليات لحضور فعاليات أخرى لتعارض التوقيت فيما بينها. إضافة إلى أن عقد الفعاليات في وقت واحد يخلق مشاكل الحجز في الفنادق المحلية والخطوط الجوية وأجور السيارات ويساهم في رفع تكاليفها. كما أن مما يؤخذ على تنظيم هذه المناسبات أن بعضها لا تبكر في إرسال الدعوات للشخصيات المراد استضافتهم، لدرجة أن صاحب الدعوة والجهات المنظمة يتعرضون في الكثير من الأحيان إلى حرج شديد ويصابون بخيبة أمل بسبب قلة الحضور وغياب معظم الشخصيات المهمة المدعوة. والسبب الرئيس يعود إلى أن عملية التنظيم توكل لأشخاص غير متخصصين وقليلي الخبرة في تنظيم مثل هذه الفعاليات. فمثل هذه المناسبات يجب أن تغطى إعلامياً بالقدر الذي تستحقه. بحيث تنشر عنها تقارير صحافية قبل موعد عقدها بفترة (من أسبوع إلى شهر) لإعطاء الرأي العام فكرة عن أفكار مواضيعها، ولا بأس من عقد ندوات وتحقيقات صحافية عن الموضوع لتثقيف العامة بالمعلومات المرتبطة بهذا الموضوع. وقبل يوم أو يومين لا بد من نشر أخبار قصيرة عن موعد ومكان المناسبة والموقع الإلكتروني، وما يستجد حولها من تغيرات تهم العامة. ولا بد من دعوة الصحف والقنوات الفضائية (قبل الموعد بوقت كافٍ) للتجهيز والحضور والتغطية المباشرة للمناسبة. وليحصل الإعلاميون على موقع مجهز بوسائل الاتصال وأدوات مكتبية تؤمن لهم نسخا من أوراق عمل وكلمات المؤتمر، ويسهل لهم الالتقاء بالشخصيات وترتب لهم مواعيد الحوارات الصحافية معهم أو تعقد لهم مؤتمرات صحافية خاصة بالمناسبة، وللقاء الحضور وتسجيل انطباعاتهم وملاحظاتهم. وباليوم التالي للافتتاح يفترض أن تطالعنا الصحف بنتائج التغطية الإعلامية، إضافة إلى ما واكبته القنوات الفضائية من بث مباشر وتسجيل حي لفعاليات المناسبة. من جانب آخر يجب ألا نغفل حقيقة أن هذه المؤتمرات تعتبر فرصة لتبادل المعلومات والتعرف إلى الخبراء والمتخصصين والمهتمين بالقضايا والمواضيع المتخصصة وتبادل البطاقات الشخصية معهم.   وختاماً.. لعل من المناسب وجود جهة تتولى التنسيق فيما بين الجهات المنظمة لتحديد وقت انعقاد هذه المناسبات وترتيب التغطيات الإعلامية والتجهيزات الأخرى كالأمن والمرور وغيرهما.

* محلل مالي واقتصادي [email protected]