خبراء يدعون إلى تحديد ربط العملات الخليجية بالدولار بوقت زمني

أكدوا ضرورة أخذ المتغيرات العالمية بعين الاعتبار لتقليل خسائر القوة الشرائية

TT

يؤكد المسؤولون في دول الخليج، في اكثر من مناسبة، على الاستمرار باتباع سياسة ربط العملة بالدولار الاميركي، وان بدأت تظهر في الفترة الاخيرة ملامح تشير الى نية البعض اعادة النظر في هذه السياسة. وآخر هذه التصريحات ما أكده أحمد بن عبد النبي مكي وزير الاقتصاد الوطني العُماني، من انه ليس للسلطنة نية ولن تفكر في تغيير ربط الريال بالدولار الاميركي. مشيرا الى ان «مبيعات عمان النفطية تتم بالدولار، وعلى ذلك نستطيع ان نقيم اوضاعنا المالية يوميا على اساس سعر محدد ومعين، من خلال ارتباط الريال بالدولار». أما مسألة انخفاض او ارتفاع الدولار، فهي امر وارد في اي وقت من الاوقات، وقد تطال اي عملة اخرى، وبالتالي يقول مكي «لا يمكن ان نبني نقد السلطنة على اساس تطورات مختلفة، اذ لا بد من ان يكون هناك ثبات في اسعار العملة لايجاد نوع من الاستقرار. وهذا الاستقرار من العوامل المهمة بالنسبة لتشجيع وجذب الاستثمارات وتعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني».

واذ يتفق المراقبون والمحللون على عامل الاستقرار، الذي تلعبه سياسة ربط العملة، يقول محمد الرواس رئيس لجنة البنوك والتمويل في غرفة التجارة والصناعة ونائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الرواس لـ«الشرق الاوسط»، انه يجب اخذ مجموعة اعتبارات في الحسبان في هذا الموضوع، اهمها مدى استقرار العملة التي يجري الربط فيها، وهي هنا الدولار الاميركي، واين تتركز العلاقات او التبادل الاقتصادي الخارجي للدولة. ومن هذا المنطلق يؤيد الرواس الجهة القائلة ان ربط الريال العماني بالدولار يشكل عامل استقرار في الفترة الحالية، لا سيما ان التركيز في الفترة الراهنة هو على استقطاب الاستثمارات الخارجية، لكنه يدعو الى ان يكون الربط قائما على اساس يحتم مراجعته كل ثلاث او خمس سنوات، على ابعد تقدير، للوقوف على حقيقية الافادة من الاستمرار بهذه السياسة من عدمها. ورأى ان الدولار يبقى عملة ثابتة واساسية ونسبة التذبذب فيه معقولة جدا، قياسا بباقي العملات، مثل اليورو مثلا.

ويدعو الرواس الى العمل مستقبلا على ربط العملة الخليجية المرتقبة بالدولار الاميركي، في الفترة الاولى من طرحها، والذي هو حسب الجدول الزمني المحدد في عام 2010. ويبرر هذه الدعوة بالقول «انه من الافضل ان يمر طرح العملة بما يشبه الفترة الانتقالية، بحيث ترتبط ايضا بالدولار لمدة ثلاث او خمس سنوات ايضا تكون قد اتضحت خلالها الرؤية حول مجموعة من الامور الاساسية، مثل نسبة التضخم المالي واسعار الفائدة ونسبة الدين الى حجم الناتج القومي، وغيرها من الامور الحساسة جدا. واضاف «المهم في هذا الشأن الا يكون الربط مفتوحا زمنيا. واعتقد ان ربط دول الخليج اليوم لعملتهم بالدولار الاميركي من العوامل التي ستساعد في عملية التسريع في الوصول الى العملة الموحدة». ويتفق د. علي العلاونة، عميد كلية ادارة الاعمال في جامعة صحار على ان اهم الدوافع وراء ربط العملة هو سعي الدول المعنية الى تحقيق الاستقرار الاقتصادي المحلي وتشجيع الاستثمار على المدى القصير، لكي يتمكن الاقتصاد من تحقيق النمو على المدى البعيد. لكنه يدعو بدوره «الى تحرير العملة لفترة بسيطة كل مدة زمنية معينة قد تكون على سبيل المثال خمس سنوات، حتى يتم تثبيت سعر صرف مناسب بين العملتين، ولا نبالغ في بعض الحالات في تحديد قيمة العملة المحلية مقارنة بالعملة الاجنبية، وبالتالي نتفادى الوقوع في بعض السلبيات ذات التأثير الكبير الذي ينتج عن تحرير العملة بعد فترة طويلة من الزمن، خاصة اذا كانت القيمة الحقيقية للعملة المحلية لا تساوي او تختلف بشكل كبير عن القيمة التي تم تحديدها عند ارتباطها بالعملة الاخرى». ولفت الى ان عدم اللجوء الى هذا الاجراء قد تنتج عنه كارثة اقتصادية، خاصة اذا ما وصلنا الى مرحلة تكون فيه القيمة الحقيقية للعملة اقل بكثير من قيمتها عندما تم ربطها بالعملة الاجنبية.

كما اشار العلاونة الى ضرورة اخذ المتغيرات العالمية بعين الاعتبار ومراجعة العملة، التي تم اختيارها بلحظة ما عند ربط العملة المحلية، حتى نتمكن من تقليل الخسائر التي يمكن ان تحدث للعملة المحلية بالنسبة الى قوتها الشرائية. وفي هذا الاطار يقول العلاونة «ان ربط عملة اي دولة بسلة من العملات الرئيسية للاقتصادات القوية سوف يساعد وبشكل افضل على خلق ثقة اكبر بالعملة المحلية وما يترتب على ذلك من نتائج ايجابية بالنسبة الى الاستقرار الاقتصادي والقدرة على استقطاب الاستثمارات المحلية او الاجنبية، سواء على المدى القريب او البعيد». واضاف، «تفضيل الربط بسلة يتحدد من خلال قدرة السلة على تعويض الخسارة التي قد تنتج عن نقصان احدى عملاتها وتعويضها من خلال ارتفاع قيمة عملة واحدة من عملات السلة الاخرى. ولكن الحالة التي نبرر فيها ربط عملة ما بعملة رئيسية وليس سلة عملات، هي عندما يكون هناك تبادل اقتصادي كبير وملحوظ بين دولتين، بحيث ربط العملتين يساهم في بقاء او استقرار هذا التبادل ونموه مستقبلا، وهذه الحالة تنطبق على دول الخليج اليوم، خاصة ان اكثرية صادراتها هي نفطية ومقيمة بالدولار.