حاكم مصرف لبنان: باريس 3 يعزز استقرار لبنان ويدعم الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية

أكد في حوار مع «الشرق الأوسط» أهمية المضي في معالجة المديونيات والعجوزات في الميزانية

TT

اعتبر رياض سلامة حاكم مصرف لبنان ان وعود المساعدات، التي تبناها مؤتمر باريس 3، ستعزز موقع لبنان الاقتصادي وستدعم خطته الاصلاحية ، وكان الرئيس الفرنسي شيراك، الذي ادار جلسات المؤتمر علنا ولثلاث مرات، قد اشاد بعمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة واعتبره «ضمانة» لحسن سير الشؤون المالية والمصرفية في لبنان.

ورياض سلامة، الذي جاء الى حاكمية مصرف لبنان من القطاع المصرفي، أعرب في حديث لـ«الشرق الأوسط»، خلال وجوده في العاصمة الفرنسية عن دهشته للمبلغ الضخم من وعود المساعدات، التي أغدقت على لبنان والبالغة 7.6 مليار دولار. وأشار سلامة الى المسؤولية الكبرى، التي تقع على اللبنانيين من أجل الاستفادة من هذه الفرصة الاستثنائية ولمعالجة المشاكل المالية والاقتصادية البنيوية، التي تضرب لبنان، وللدور المتنامي الذي سيلعبه صندوق النقد الدولي في ترجمة وعود المساعدات الى مساعدات فعلية. ونبه حاكم مصرف لبنان السياسيين في الحكومة وخارجها الى أهمية توصل اللبنانيين الى إقرار الإصلاحات المتضمنة في برنامج الحكومة، الذي يتحكم السير فيه وتنفيذه بصرف المساعدات المقررة للبنان. وبداية شرح سلامة أهمية نتائج مؤتمر باريس 3 وتأثيراته على الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان. ويرى سلامة أن الفائدة الأولى «تتمثل في تعزيز ثقة السوق بالبلد»، التي تقوم على ثلاثة عوامل هي الثقة بالعملة وقوتها وتطور ونمو القطاع المصرفي، الذي زادت ودائعه، رغم أحداث الصيف بنسبة 7.5 بالمائة، بحيث أن أمواله الخاصة تزيد على ستة مليارات دولار. وأخيرا كيفية تعاطي الدولة مع مشكلة المديونية ومعالجة العجوزات في الميزانية. وحسب رياض سلامة، فإن مؤتمر باريس وفر الجواب للنقطة الثالثة، إذ أن الاهتمام الدولي بلبنان وما وفرته الأسرة العربية والدولية والصناديق المالية من وعود بالمساعدات، «أكد أن عناصر الاستقرار اصبحت موجودة ماديا، وليس نفسيا فقط»، فضلا عن أنه «وضع لبنان على خط الإصلاح».

وتقسم المساعدات الموعودة الى جزءين، منح وقيمتها 730 مليون دولار، توضع بتصرف لبنان لمعالجة مشاكل الخزينة والعجوزات. وقال ان هذا المبلغ يندرج في إطار مبلغ الـ1955 مليون دولار، الذي يدفع للبنان عام 2007، والذي «يعتبر دعما لخزينة الدولة، التي تستطيع استخدامه، إما لتمويل العجز أو المشاريع أو لاستخدامات أخرى». والى جانب ذلك، وثمة مبلغ قيمته 1208 ملايين دولار بفوائد منخفضة سيضخ في القطاع الخاص عبر البنوك اللبنانية وتحت إشراف صندوق النقد الدولي، وهي ليست ديون مترتبة على الدولة اللبنانية، بل على القطاع الخاص. وما تبقى من الأموال الواردة من الدول أو من الصناديق المالية سيخصص لتمويل مشاريع، إما اجتماعية أو إعمارية. ويمنع على الدولة استخدامها لسد عجوزات الخزينة.

وفي هذا السياق يتوقف حاكم مصرف لبنان مطولا عند الدور الجديد لصندوق النقد الدولي، الذي سيكون بمثابة الجهة، التي تشرف على التزام الدولة اللبنانية بتعهداتها والهيئة التي تستطيع القول للجهات المانحة بضرورة صرف المساعدات أم عدم صرفها. والتزمت الحكومة ببرنامج إصلاحي لمدة خمس سنوات تواكبه مشاريع للفترة عينها، وكلما عجلت الدولة في العملية الإصلاحية والبدء بتنفيذ المشاريع، تسارعت عملية نقل المساعدات وصرفها من البنك الدولي أو من الصناديق الأخرى. واستطاع لبنان، بدعم من فرنسا ومن جهات عربية ودولية أخرى أن يقنع صندوق النقد الدولي بالاستفادة من «برنامج ما بعد النزاعات» لمدة عام كامل بسبب الحرب الإسرائيلية عليه العام الماضي ووضعه الاقتصادي والمالي المتأزم. ويقول سلامة إنه «بفضل هذا البرنامج، فإن الصندوق سيفرد للبنان فريقا ليتابع تعهداته المالية والإصلاحية» وليقيم كذلك جداول لوصول المساعدات الى الطرف اللبناني بناء على برنامج تفصيلي يتم التفاوض بشأنه بين الحكومة وممثلي الصندوق، بحيث سيتم الاتفاق على المعايير والجداول، أي روزنامة الدفع. ومن المنتظر أن تعتمد الجهات المانحة على تقرير الصندوق، «إما لتسريع الدفع أو إبطائه». وبكلام آخر، سيمتلك الصندوق «حق الفيتو» في ما يتعلق بصرف الأموال. غير أن سلامة يؤكد أن الاتفاق مع الصندوق «ليس شروطا بل هو تعهدات لبنانية أقرها لبنان في خصوص الاصلاحات والمشاريع». وكان صندوق النقد يقدم للبنان سابقا «مساعدات فنية»، مثل مساعدته على كيفية إقامة رسوم الضريبة المضافة أو خلافها. ويرى سلامة أن المجتمع الدولي «بحاجة لأن يتأكد من أن الأموال التي يوفرها للبنان تذهب الى الغرض المرصود لأجله وتؤدي بالتالي الى نتيجة». وعلى أي حال يؤكد سلامة أن تنفيذ الإصلاحات «سيتم عبر المؤسسات الشرعية اللبنانية وليس من وراء ظهرها»، إلا أنه يحذر اللبنانيين من أن «تنفيذ وعود المساعدة مرهون بإرادة اللبنانيين، إذ لا تستطيع الأسرة الدولية مساعدة لبنان رغما عن إرادة اللبنانيين»، مضيفا أن «الخارج لا يستطيع أن يفعل أكثر مما فعل، وأن العملية بمجملها تفيد كل اللبنانيين».

وبالنسبة للمساعدة التي وفرتها السعودية للبنان والبالغة 1100 مليون دولار، قال رياض سلامة إن «المبلغ مهم جدا والمسألة هي معرفة ما إذا كان اللبنانيون سيعرفون كيف يستخدمونه». ونوه سلامة بما وفرته السعودية للبنان ومنه وديعة للمصرف المركزي بقيمة مليار دولار ومنحة من 500 مليون دولار، بالإضافة الى دفعة إضافية قيمتها 50 مليون دولار. وتترتب على لبنان للعام الجاري استحقاقات ديون تبلغ بالعملة الأجنبية 3.1 مليار دولار وأخرى بالليرة اللبنانية وتبلغ قيمتها بالدولار حوالي 5 مليارات دولار. وسيساعد مبلغ الـ1955 مليون دولار، التي سيحصل عليها لبنان للعام الجاري على معالجة هذه المبالغ الضخمة في 2007.