شركات الألبان الإماراتية تطالب بزيادة أسعار منتجاتها إلى 12%

المصنعون: شركات تواجه الإفلاس وخسائرها قد تصل إلى 545 مليون دولار

TT

تشهد الإمارات جدلا شديدا بين المنتجين والموزعين وأطراف حكومية، بشأن طلب زيادة أسعار منتجات الألبان والعصائر، اعتبارا من أول أبريل (نيسان) المقبل، بنسب تتراوح بين 8 و15 في المائة للمنتجات الطازجة، وتصل إلى 30 في المائة لبعض منتجات ألبان البودرة، لارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج.

المنتجون يصرون على ضرورة الزيادة لإنقاذ الشركات من الانزلاق إلى الهاوية والإفلاس، نظرا لارتفاع التكاليف على مدى عامين متواصلين، بنسب وصلت إلى أكثر من الضعفين لـ«بعض مستلزمات الإنتاج»، في الوقت الذي ظلت فيه الأسعار ثابتة على مدى الفترة نفسها، كما يرون أن تعديل الأسعار يمثل الأداة الوحيدة لإنقاذ استثمارات تصل إلى ملياري درهم (545 مليون دولار) في 28 شركة، يعمل بها ما يقارب من ثلاثة آلاف عامل وموظف.

وعلى الجانب الآخر تحفظت أطراف حكومية، ومنها وزارة الاقتصاد الاماراتية، على طلب الزيادة لحين دراسة مبررات الطلب، الذي تقدمت به شركات الألبان والعصائر، وهيئة منتجي الألبان، للبت في اقرار الزيادة في الموعد المحدد ولتطبيقها اعتبارا من أول أبريل المقبل، أي من الأحد القادم.

وعلى مدى الأيام الأخيرة وصل الجدل الى مرحلة أكثر سخونة مع تبادل الاهتمامات حول اسباب ارتفاع التكاليف، ففي الوقت الذي سارعت فيه الجمعيات التعاونية ومحلات الهايبر ماركت برفض تعديل قوائم الأسعار، وتوجيه اتهام غير معلن الى المنتجين بالسعي الى اشعال الاسعار، فتحت شركات الألبان الملفات، موضحة أن أرباح الموزعين وشركات تجارة التجزئة والجمعيات التعاونية والهايبر ماركات تصل الى 25 في المائة من أجمالي المبيعات، يضاف الى ذلك قيام الموزعين بفرض رسوم مبالغ فيها على شركات الألبان وزيادة هذه الرسوم للضعف خلال عام تقريبا.

واعتبرت وزارة الاقتصاد مطالبة هيئة منتجي الألبان رفع أسعار الألبان تكتلا احتكاريا يخالف قانون حماية المستهلك، وفي محاولة للضغط على الوزارة لرفع الأسعار، وهددت الوزارة بتطبيق نص القانون والعقوبات المنصوص عليها فيه.

وقال عبد الله آل صالح وكيل الوزارة لقطاع الاقتصاد: ترفض الوزارة أي زيادة في أسعار الألبان، انطلاقا من التصدي للتكتلات الاحتكارية، لافتا الى أن السعر الحالي مناسب لكل الأطراف.

من جهته، قال الدكتور هاشم النعيمي، مدير إدارة حماية المستهلك، إن الوزارة ما زالت متمسكة برفضها القاطع لأية زيادة في أسعار الألبان، وتقوم الوزارة حاليا برصد أي مؤشرات تدل على وجود تكتل احتكاري لرفع أسعار الألبان، وستناقش اللجنة التنفيذية لحماية المستهلك الموضوع برمته، بما في ذلك مذكرات الشركات في اجتماع خلال الأسبوع المقبل.

ويشير مسؤولون في الجمعيات التعاونية أن طلبات زيادة الأسعار جاءت في وقت متقارب وبنسب تكاد تكون متقاربة، مما يدل على وجود اتفاق ضمني بينهم، وان كانت الطلبات لم تأت جماعية، وفي نفس الوقت لوحظ انقسام بين الشركات، فعدد من الشركات لم يطلب رفع اسعاره، بينما عدد محدود طلب رفع أسعار منتجاته قبل أكثر من شهر.

رئيس هيئة منتجي الألبان والعصائر الاماراتية ومدير شركة الروابي للألبان الدكتور أحمد التيجاني، يوضح أن طلب شركات الألبان والعصائر رفع أسعار منتجاتها هو البديل المر أمام الشركات للبقاء، ونأمل في أن تتفهم وزارة الاقتصاد الموقف هذه المرة، بعد 30 شهرا من الوعود بحل الأزمة.

ويقول الدكتور التيجاني: في حالة رفض وزارة الاقتصاد طلبنا بتعديل الأسعار، لن يبقى أمامنا سوى الجهات القانونية في الدولة، فسنواصل المطالبة وسنلجأ لكل الجهات المختلفة، بما في ذلك الجهات القانونية لإيجاد حل عادل يؤدي الى حماية صناعة وطنية، نظرا لدخول الشركات ما يمكن تسميته بالنفق المظلم، وتراكم الخسائر على الشركات الـ28 في الامارات لدرجة قاربت تآكل رأسمال بعضها، مقدرا حجم الخسائر بما يصل الى 200 مليون درهم (55 مليون دولار)، مشيرا الى أن شركات الفجيرة للألبان، والمرعى، وشركة «دون فرش» توقفت عن الانتاج، وأغلقت أبوابها وقامت بتسريح العاملين بسبب التراكم في الخسائر، وهذا الخطر يهدد جميع الشركات وتصفيتها خلال 48 شهرا على الاكثر، اذا ما استمرت الخسائر، وتجاهل مطالب المنتجين. ويضيف رئيس هيئة منتجي الألبان الإماراتية: تقدمت شركات الألبان بطلبات فردية الى وزارة الاقتصاد بمبررات زيادة الأسعار، تنفيذا لطلب الوزارة نفسها، وقد وعدتنا الوزارة بدراستها، مشددا على ان الأسعار السارية في الوقت الراهن لم تعد مناسبة على الإطلاق، بعد تراكم الخسائر على كل الشركات وفقا لبياناتها المالية عن عام 2006، فشركة الروابي على سبيل المثال بلغت خسائرها 11 مليون درهم في العام الماضي.

وكشف الدكتور التيجاني عن أن بعض الشركات، خاصة المنتجة لألبان البودرة، قامت بزيادة أسعار منتجاتها منذ فترة بنسبة 30 في المائة بسبب ارتفاع مركز لبن البودرة من 2200 إلى 4000 درهم للطن، كما أن شركات الألبان والعصائر، وعلى مدى 36 شهرا، طلبت ثلاث مرات زيادة الأسعار، وأبدت وزارة الاقتصاد مبررات الزيادة، الا أنها طلبت التأجيل لبعض الوقت، فوافقنا على أمل دراسة الجهات المختصة بحث الوسائل الكفيلة بتخفيض الأعباء على الشركات.

وقال: منذ آخر طلب تقدمنا به لم يحدث أي تقدم، والوضع أصبح أكثر خطورة، مع ارتفاع الخسائر، وارتفاع أرباح الموزعين، مؤكدا أن طلب زيادة الأسعار لا يعني استغلالا للسوق، بل هو نتاج أزمات مالية تعاني منها جميع الشركات.

ويشير الى أن مبررات الزيادة في الاسعار تتضمن ارتفاع تكاليف المحروقات بنسبة 28% والذرة من 625 الى 1020 درهما للطن، والبرسيم من 700 الى 1300 درهم للطن، ومركز البرتقال ارتفعت تكاليفه بنسبة 129% ليصل الى 3402 دولار مقابل ألف دولار، كما ارتفعت اسعار جميع المواد الأولية، فبذرة القطن ارتفعت بنسبة 6 في المائة لتصل الى ألف دولار حاليا مقابل 979 دولارا في يناير (كانون الاول) الماضي، كما ارتفع سعر الشعير بنسبة 48% ليصل الى ألف دولار للطن مقابل 690 دولارا، علاوة على زيادة أسعار مركز عصير الجزر المركز 29% وكوكتيل الفراولة 20% وكوكتيل الفاكهة الاستوائية بنسبة 11%، وعصير التفاح 6% وعصير العنب الأحمر المركز 5%ومسحوق الحليب المنزوع الدسم 34% ، وارتفعت أسعار العبوات البلاستيكية بنسبة 20%.

وقال رئيس هيئة منتجي الألبان والعصائر: هناك مبررات أخرى تستلزم الزيادة في الاسعار، تتمثل في ما تفرضه محلات تجارة التجزئة والجمعيات ومنافذ توزيع المنتجات، من رسوم عديدة، منها تأجير الرفوف بأسعار تتراوح بين 60 و70 ألف درهم، وزيادتها الى 200 ألف درهم عند طرح منتجات جديدة، مع فرض خصم يصل الى 22 في المائة من السعر الإجمالي لفواتير المبيعات.

ويرى التيجاني أن تدخل الجهات الحكومية بخفض هوامش أرباح الموزعين وتجار التجزئة يمكن أن يكون أحد الوسائل البديلة عن طلب رفع الاسعار، لافتا الى أن الشركات تطالب بزيادة نصف درهم فقط على لتر الحليب، وتخفيض هامش أرباح الموزعين والرسوم التي تفرضها على المنتجين ستغطي نسبة الزيادة المطلوبة، مضيفا أن من البدائل الأخرى وجود دور للدولة لتوفير المنتجات باسعار في متناول الجميع، على أن تتحمل الفروق بين التكاليف وأسعار البيع بالتجزئة، أو بدعم المنتجين بنفس الطريقة التي تقوم بها دول في المنطقة.

ويرى محمد موسى الجاسم رئيس جمعية حماية المستهلك أن المبررات التي ساقتها شركات الألبان غير موضوعية، كما ان هناك ضرورة للتدقيق في زيادات المواد، مقارنة بمثيلتها في السوق الخليجي، مؤكدا أن المبررات التي حددتها هيئة منتجي الألبان غير منطقية، كما أن وجود تكتل بين المنتجين يشكل انتهاكا للقانون، موضحا أن ارتفاع التكاليف والضغوط التي تمارسها محلات تجارة التجزئة والجمعيات التعاونية، تحتاج الى حوار بين منتجي الألبان والموزعين، مع وزارة الاقتصاد والبلديات.