ربحية السهم معيار يستحق التفاعل معه

TT

هذه الأيام يصدر عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين معيار محاسبي بعنوان «ربحية السهم». وفي الواقع العملي فإن أهمية هذا المعيار ينبع من كونه واحدا من أهم الأدوات التي يتم من خلالها التعرف على أداء الشركة، كونه يقيس مقادير العائد على الأسهم المكونة لحقوق الملكية ويعرضها للمستفيدين بأوضاعها المختلفة. وباستخدامه تتم مقارنة أداء الشركة بأداء الشركات الأخرى المماثلة، ومن فترة لأخرى لنفس الشركة. لكن التجارب السابقة تثبت أن هناك تدنيا في مستوى التعامل الإيجابي مع الإجراءات النظامية المتبعة لإصدار المعايير المهنية، وإعراض عن حضور الجلسات المفتوحة لمناقشة النصوص المقترحة لمعايير المحاسبة والمراجعة. والغريب أنه ما أن يصدر المعيار ويطبق حتى تبدأ الملاحظات والانتقادات اللاذعة له! لذلك فإن الحاجة ماسة والوقت مناسب لشحذ همم المعنيين لمشاركة أفضل، دعماً لرفع مستوى إخراج هذا المنتج المهني الهام. وبالأخص من قبل المستثمرين والمحللين الماليين والاقتصاديين والموظفين في الأجهزة المتعلقة بالسوق وعلى رأسها هيئة سوق المال بأجهزتها الإدارية المتخصصة في هذا المجال وكذلك المحاسبين القانونيين الممارسين للمهنة والمنظرين الأكاديميين بتخصصات المحاسبة المالية والمراجعة والمهتمين من صحافيين وكتاب اقتصاديين. علينا أن نولي الاهتمام بفهم معيار ربحية السهم أكثر من حفظه. ونربط بين مكونات نصوصه، بالنظر إلى أن الهدف المهني للمعيار هو تحديد المتطلبات الأساسية لربحية السهم العادي وعرضها لمستخدمي القوائم المالية لمقارنة أداء الشركات في ما بينها ومن فترة لأخرى لنفس الشركة، وبالتالي فإن من المهم أن يتعرف مجتمع المهنة على كيفية حساب ربحية السهم، وكيف يتم حسابه في حالة تغير عدد الأسهم خلال العام، في حالة تجزئة السهم أو في حالة توزيع أرباح في صورة أسهم، أو في حالة طرح أسهم جديدة للاكتتاب. وفيما لو اشترت الشركة من السوق جزءا من أسهمها. وما هي المعالجة المحاسبية في حالة إصدار أسهم ممتازة أو سندات أو أوراق مالية أخرى قابلة للتحويل إلى أسهم، أو أن هناك أسهما مُصرحا بها ولم تُطرح للاكتتاب بعد، أو عندما تُطرح أسهم لكن أقيامها لم تسدد بالكامل، وما هي الحالات التي تُعرض فيها معدلات ربحية السهم، في ما يسمى بالربحية البسيطة والربحية المخفضة، وما هي الحالات التي تستوجب (مهنياً) إعادة عرض بيانات الفترات المالية الماضية، في ما لو حصلت تغيرات محاسبية أو أخطاء جوهرية في القوائم المالية للسنوات الماضية ... حتى يمكن المقارنة بالشكل المطلوب، وما هو أسلوب العرض والإفصاح الذي يجب أن يتم ضمن محتويات القوائم المالية السنوية والربع سنوية. وهل يجب استخدام الأرقام فقط أو الأرقام والنسب مجتمعة، وكيف يتم حساب ذلك مقارنة بالسعر الاسمي للسهم فقط أو يُعرض أيضاً نسبة إلى سعر السهم في السوق، وهل يكفي العرض بالاستناد إلى الدخل الشامل وتفاصيله كدخل تشغيلي وفرعي واستثنائي، وربحية السهم ومعدلها، نسبة إلى كل نوع من هذه الأرباح، أم أن هناك تفاصيل وصيغ أخرى واجبة أيضاً؟ وما هي المنشآت الاقتصادية التي يجب عليها تطبيق المعيار، والمنشآت التي لها الخيار في ذلك.

كل هذه أسئلة تعني للمستثمر الكثير بالنظر إلى دلالاتها البالغة الأثر في القرار الاستثماري الرشيد. وبالنظر إلى أن من شروط إصدار أي معيار مهني أنه يقدم كمشروع خلال فترة، ومن ثم يحدد موعدا أخيرا لاستقبال الملاحظات، ثم يُعلن عن جلسة مفتوحة لمناقشة الملاحظات التي قدمت على المعيار. كل ذلك يجعل من الواجب على كل مهتم أن يطلع على مشروع المعيار، ويحدد ملاحظاته عليه، حتى نكون مجتمعا متفاعلا مع القضايا التي تهمنا، ومن مصلحتنا التعامل معها بإيجابية. وفي الختام أود أن أذكر بأهمية التغطية الإعلامية، لو تم نشر مشروع المعيار على صفحات الصحف اليومية ومختلف الشرائح المعنية بتطبيقه والاستفادة منه. وتخصص ندوات وتحقيقات صحافية لمناقشة أهم الملاحظات على نصوصه، وعلى أن تتعامل الهيئة مع كل ذلك بإيجابية وصبر وشفافية، حتى تعم الفائدة ويتحقق الهدف المنشود.

* محلل اقتصادي سعودي [email protected]