الكويت تفك ارتباط عملتها بالدولار.. وتحدد سعر الصرف بسلة من العملات الرئيسية

العطية: القرار كان لضرورة اقتصادية.. ونثق بدعم الكويت للاتحاد النقدي الخليجي * السعدون: معدلات التضخم ما زالت تحت السيطرة.. والقرار «خاطئ»

TT

أعلن محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح أمس انه استنادا الى موافقة مجلس الوزراء بشأن سياسة ربط سعر صرف الدينار الكويتي الصادرة في جلسته المنعقدة امس فقد تم تحديد سعر صرف الدينار الكويتي مقابل دولار الولايات المتحدة على اساس سلة من العملات العالمية الرئيسية التى تعكس العلاقات التجارية والمالية مع دولة الكويت، وعلى النحو الذي كان متبعا قبل 5 يناير (كانون الثاني) 2003.

وقال الشيخ سالم الصباح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) امس ان الانخفاض الكبير في سعر صرف الدولار الاميركي مقابل معظم العملات الرئيسية الاخرى والذي تزامن مع بدء تطبيق سياسة ربط سعر الدينار الكويتي بالدولار الاميركي منذ 5 يناير 2003 كانت له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الكويتي خلال العامين الاخيرين.

واشار المسؤول الكويتي الى انه على الرغم من محاولات بنك الكويت المركزي التخفيف من تأثير تراجع سعر صرف الدولار الاميركي مقابل العملات الرئيسية الاخرى من خلال استنفاد الهامش المسموح به للتحرك الصعودي في سعر صرف الدينار الكويتي امام الدولار الاميركي إلا أن الانخفاض الكبير في سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الاخرى وارتباط سعر الدينار به ساهما في تراجع القوة الشرائية للدينار الكويتي مقابل العملات الرئيسية بخلاف الدولار. واشار الى ان ذلك ساهم في زيادة معدلات التضخم المحلية، ومن ثم فان هذه الخطوة تأتي ضمن الجهود التي يبذلها البنك المركزي والرامية للحد من الضغوط التضخمية في الاقتصاد المحلي. وأضاف المحافظ انه وفي ظل استمرار تراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى وحيث استنفد بنك الكويت المركزي كافة الفرص المتاحة أمامه للتحرك الصعودي في سعر صرف الدينار الكويتي أمام الدولار، فان اعتبارات المصلحة الوطنية تقتضي فك ارتباط سعر صرف الدينار الكويتي بالدولار والعودة الى نظام السلة الخاصة لتحديد سعر صرف الدينار الكويتي.

الى ذلك، انتقد رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات والاستثمار الخبير الاقتصادي جاسم السعدون قرار الحكومة الكويتية أمس بشأن اعتماد تحديد صرف الدينار الكويتي مقابل دولار الولايات المتحدة على أساس من العملات العالمية الرئيسية التي تعكس العلاقات التجارية والمالية مع الكويت وعلى النحو الذي كان متبعاً قبل 5 يناير 2003.

ووصف السعدون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذا القرار بـ«الخاطئ» لسببين الأول: أنه لم يثبت لأي أحد بالأرقام وجود ضغوط تضخمية حقيقية تستدعي مثل هذا القرار، حيث أن الأرقام الرسمية توحي بأن التضخم يراوح حول 3% وهو في حدود المحتمل. كما أن معدلات التضخم في معظم الأسواق الرئيسية في العالم تحت السيطرة، وبالتالي لا يمثل التضخم الهاجس الرئيسي المستقبلي. أما السبب الثاني فهو ارتباط الكويت باتفاق على مستوى دول مجلس التعاون، وسمح لها بهامش حركة استثناء بحدود 3.5 % (زائد أو ناقص) مقابل الدولار، واستهلك كل الهامش إلى الأعلى. من جانبه، اكد الامين العام لمجلس التعاون عبد الرحمن العطية لـ«الشرق الأوسط» ان ما اتخذته الكويت امس ما هو إلا لضرورة اقتصادية وبالتكيف مع ظروف اقتصادية معينة تتعلق بانخفاض اسعار الدولار امام العملات الاخرى. وقال العطية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» ان ثقتنا كبيرة بدعم الكويت لمشاريع التكامل في اطار مجلس التعاون ولا ننسى ان الكويت ورقة مهمة حول التحديات الاقليمية والدولية قدمتها للقمة التشاورية الثامنة في السنة الماضية ويعمل على استكمال كافة ابعادها بما فيها البعد التنموي والاقتصادي. واضاف العطية ان دولة الكويت دائما تؤكد على دعمها والتزامها بمسيرة التعاون الخليجي المشترك، اضافة الى التزامها بدعم مشروع الاتحاد النقدي واصدار العملة الخليجية الموحدة، ويجب ألا يراود أي احد ان دولة من دول المجلس سوف تتخلى عن هذا المشروع المهم، وان الكويت من الدول الداعية لمشروع الاتحاد النقدي التكاملي المهم.

الى ذلك بادر عدد من دول الخليج فور إعلان دولة الكويت قرارها أمس بفك ارتباط عملتها الدينار بالدولار بتأكيدها عدم فك عملتها عن الدولار، والتي كانت في مقدمتها السعودية، إذ شددت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بأنه ليس لديها أي نية لتغيير سعر صرف الريال بعد تخلي الكويت عن نظام ربط سعر صرف الدينار بالدولار الأميركي، وقالت ساما في بيان لها أمس «إنه ليست هناك نية لتغيير سعر صرف الريال».

ويأتي القرار الكويتي عقب الاجتماع الذي عقده محافظو مؤسسات النقد والبنوك المركزية لدول مجلس التعاون الخليجي الثالث والأربعين، والذي عقد يوم الثلاثاء في المدينة المنورة بداية أبريل (نيسان) الماضي، إذ أشار حمد السياري محافظ مؤسسة النقد في ذلك الوقت إلى أنهم يبذلون جهودا استثنائية نحو تحقيق الاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي وإنهاء الإجراءات وإزالة المعوقات التي تواجه الزمن المحدد بعام 2010 لإطلاق العملة الموحدة، مفصحاً في ذلك الوقت إنه تم الاتفاق على تحرير العملات الخليجية وفك ارتباطها بالدولار، وكذلك الاتفاق على سياسة الصرف الحالي وعدم إدخال أي تعديلات عليها.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر سعودي أمس أن القرار الكويتي الذي أعلن أمس بفك ارتباط الدينار بالدولار طرح خلال الاجتماع الذي عقده محافظو البنوك المركزية لدول الخليج في المدينة المنورة، وبذلت جهود كثيرة لثني الكويتيين عن هذا القرار، إلا أن ما تشهده الساحة الاقتصادية في العالم حالياً من هبوط مستمر لسعر صرف الدولار أثر بشكل كبير على اقتصاد دول الخليج، خاصة أنها تعتبر أهم الدول المصدرة للنفط، والتي تعتمد في ميزانياتها ومشاريعها التنموية وبشكل أساسي على النفط، والذي تأثر سلباً مع هبوط الدولار مما دفع بعض دول الخليج والتي منها الكويت إلى التخلي عن ربط عملتها بالدولار وفك الارتباط إلى حين الوقت المحدد وهو عام 2010 لطرح العملة الخليجية الموحدة.

ولا يستبعد المصدر أن تحذو بعض الدول الخليجية حذو دولة الكويت بفك ارتباط عملتها بالدولار في ظل الهبوط المستمر للدولار الأميركي مقابل العملات الأخرى والتي من أهما اليورو.